بعد أن أرسل إيلون ماسك آلاف الأقمار الصناعية إلى مدار الأرض المنخفض، من الطبيعي أن نتساءل: ما الذي يمنعنا من إرسال القمامة إلى الفضاء أيضاً، أو حتى إلى الشمس مباشرة؟
بعيداً عن المعضلات الأخلاقية التي تثيرها هذه الإدارة غير الرشيدة للمجموعة الشمسية الفوضوية بالفعل، من المرجح أن البشر لم يرسلوا القمامة إلى الفضاء لأن تكاليف هذه العملية هائلة.
قال أستاذ الهندسة الميكانيكية وهندسة الطيران والفضاء في جامعة نيويورك الحكومية بمدينة بافالو، جون كراسيدس، في مكالمة مع بوبيولار ساينس: "هذه العملية غير قابلة للتطبيق من حيث التكلفة على الإطلاق؛ إذ إنها تتطلب قدراً كبيراً من الدفع وكمية كبيرة من الوقود". أحد العوامل التي تجعل إرسال القمامة إلى الفضاء صعباً هو أنه لا يمكن إرسالها إلى أي مكان عشوائياً كما نفعل في الأرض؛ إذ إن البلاستيك الدقيق منتشر في كل مكان حرفياً ومساحة رقعة قمامة المحيط الهادئ العظيمة تبلغ ضعفي مساحة ولاية تكساس الأميركية.
لكن كراسيدس يقول إننا إذا تمكنّا من جمع القمامة وإرسالها إلى الفضاء بطريقة ما، "فيجب أن نرسلها إلى مكان بعيد عن تأثير الأرض"، أي إلى مكان يبعد 35 ألف كيلومتر عن سطحها على أقل تقدير. على الجانب الآخر، سنخاطر باصطدام القمامة بالأقمار الصناعية وعودتها إلى الأرض. يعاني البشر بالفعل مشكلة تتعلق بالقمامة المدارية غير منظمة بالقانون نسبياً؛ إذ يحتوي مدار الأرض على عشرات الآلاف من الأجسام، ولا يزال العدد في تزايد. لحسن الحظ، يحترق جزء كبير من هذه الأجسام عند دخوله الغلاف الجوي للأرض، ولكن في وقت سابق من 2024، نجا جزء من محطة الفضاء الدولية من عملية إعادة الدخول وقد سقط على منزل في ولاية فلوريدا الأميركية.
اقرأ أيضاً: رواد الفضاء يجربون تقنية جديدة للتخلص من النفايات في المدار
ماذا عن الشمس؟ هل هذه الفكرة سخيفة فعلاً؟ قال كراسيدس إن إرسال القمامة إلى الفضاء سيكلف عدة تريليونات من الدولارات؛ لأن "علينا أولاً جمع القمامة ووضعها في موقع مركزي، ثم علينا وضعها على متن صاروخ (علماً أنه ليس لدينا أي صاروخ قادر على إطلاق حمولة بهذا الحجم) وإرسالها إلى الشمس، وهذا مكلف لدرجة تجعله مستحيلاً لأننا لن نتمكن إلا من إرسال كمية محدودة في المرة الواحدة".
يعتقد كراسيدس أن البشر قد ينجحون في إطلاق القمامة نحو الشمس يوماً ما، وذلك على افتراض أن التطورات التكنولوجية المستقبلية ستجعل مثل هذا الإنجاز قابلاً للتطبيق. حتى إذا تمكنّا من فعل ذلك، فإننا نجهل الكثير عن تأثير عمليات الإطلاق هذه في الغلاف الجوي للأرض، وكذلك تأثير المخلفات الفضائية الموجودة بالفعل والتي ستسقط تجاه الأرض مثل الأقمار الصناعية المتوقفة عن العمل والمعدات المطروحة في المدار. قال كراسيدس: "نأمل ألا تكون التأثيرات سلبية، لكن من المحتمل أن تكون كذلك".
اقرأ أيضاً: كيف يمكن الاستفادة من جاذبية الشمس لاستكشاف الكون؟
ظهرت الفكرة التي تنص على حل مشكلة القمامة في الأرض من خلال إرسالها إلى الفضاء في قصص الخيال العلمي. في أنمي بلانيتيس (Planetes) عام 1999، يحاول طاقم مركبة مخصصة لجمع المخلفات الفضائية حل مشكلة الأجسام التي تدور حول الأرض، وتدور أحداث هذا المسلسل عام 2075. وفي الحلقة الثامنة من مسلسل فيوتشوراما (Futurama)، تواجه الأرض خطر الدمار بسبب كرة عملاقة من قمامة البشر. حذّرت مراجعة لهذه الحلقة التي صدرت عام 1999 من أن الحبكة "تلمّح للمستقبل"، ونأمل ألا يكون هذا التنبؤ صحيحاً من أجل سلامتنا ومستقبل السفر عبر الفضاء على حد سواء.