إلى أين وصلنا في البحث عن الحياة خارج الأرض؟

3 دقائق
النظام الشمسي, كواكب خارجية
صورة توضيحية للنظام K2-138

سلسلة «كيورياس كيدز»

ورد سؤالٌ من روز 13 عاماً: ما الذي أسفر عنه البحث عن حياةٍ خارج كوكب الأرض حتى الآن؟ وكيف يتم؟

يجيب عن هذا السؤال «داني برايس»، عالم الفيزياء الفلكية في جامعة سوينبرن للتكنولوجيا.


مرحباً روز، سؤالٌ عظيم!

في الحقيقة أعتبر نفسي محظوظاً جداً لأني أعمل صياد غرباء محترف في مشروع «Breakthrough Listen»، وهو أكبر مشروعٍ للبحث عن حياةٍ عاقلة ذكية خارج كوكب الأرض حتى الآن.

ودوري في المشروع تحليل بيانات تلسكوب «باركس» الراديوي الموجود في أستراليا؛ للتحقق من الإشارات الآتية من الفضاء التي ربما قد ترسلها لنا حضاراتٌ عاقلة بعيدةٌ خارج كوكب الأرض.

بدأ البحث في هذا المشروع منذ 3 أعوام، وسيستمر 7 أعوامٍ قادمة، لكن البشر بدأوا البحث في الفضاء عن علاماتٍ على وجود حياةٍ ذكية منذ الستينيات، وحتى الآن لم نجد أي أثرٍ لها.

ولا تفقدي الأمل يا عزيزتي! فالكَونُ واسعٌ جداً ومذهل، وبتنا نمتلك أحدث التقنيات حالياً التي ستساعدنا في تسريع عملية البحث إلى حدها الأقصى قريباً.

هناك 3 طرق مثيرة قد نكتشف بها الحياة خارج الأرض في السنوات القادمة، إليكِ تفصيلها:

1. إرسال المركبات الفضائية إلى الكواكب والأقمار

أول وسيلةٍ لاستكشاف حياةٍ خارج الأرض إرسال المسابر إلى الكواكب والأقمار في نظامنا الشمسي، وحالياً نعلم أنه لا توجد حياة عاقلة أخرى في نظامنا الشمسي، ويمكن أن توجد أنواع حياة أبسط مثل الميكروبات.

وربما سمعتِ عن بعثات ناسا إلى كوكب المريخ، التي كان آخرها العربة الفضائية «كيوريوسيتي» التي كانت مجهزةً بمُعدّات لاكتشاف أشكال الحياة البسيطة مثل الميكروبات على سطح الكوكب الأحمر.

كشفت «كيوريوسيتي» مؤخراً عن لغزٍ أثار الفضول؛ إذ التقطت مُستشعراتها أثراً لغاز الميثان في الجو. ينتج غاز الميثان على الأرض أساساً عن نشاط تربية الحيوانات؛ كالأبقار، والأغنام، ووجوده في جو المريخ قد يشير إلى وجود بعض الميكروبات في تربته.

وسيكون هذا الاكتشاف مذهلاً بلا شك إذا تأكدنا منه، وسيكون عادياً إذا كان الميثان ناتجاً عن تفاعلاتٍ كيميائية بين مكونات صخور المريخ. هناك بعثة «دراجون فلاي» أيضاً، التي ستنطلق قريباً إلى قمر زُحل «تيتان» الذي يمتلك جواً شبيهاً بجو الأرض، وسيبحث الفريق عن احتمالات وجود حياةٍ هناك.

فيديو يوتيوب عن مركبة «دراجون فلاي»:

2. دراسة الغلاف الجوي لكواكب خارج مجموعتنا الشمسية

الطريقة الثانية التي قد نكتشف بها وجود حياةٍ أخرى خارج كوكبنا، هو دراسة الغلاف الجوي عن كثب لكواكب أخرى في الأنظمة الشمسية الأخرى، التي تُدعى الكواكب الخارجية.

فقد اكتشف علماء الفلك الكثير منها، وعثروا مؤخراً على المياه في أجواء الغلاف الجوي لأحدها، لكننا ما زلنا غير قادرين على الجزم بوجود حياةٍ على سطح هذا الكوكب أو ذاك.

ونحن متحمسون للجيل القادم من التلسكوبات البصرية التي ستكون قادرةً على اكتشاف الغازات في أجواء الكواكب الخارجية القريبة، فإن وجدنا أن الغلاف الجوي للكواكب الخارجية يحتوي على مزيج من الغازات مثل كوكب الأرض، فقد يكون ذلك مؤشراً قوياً على أننا نتشارك المجرة مع كائناتٍ أخرى.

3. برنامج البحث عن ذكاء خارج الأرض «SETI»:

يُعد برنامج البحث عن ذكاء خارج الأرض، واختصاره «SETI»، الطريقة الثالثة التي يستخدمها العلماء للبحث عن الحياة؛ إذ يُركّز على البحث عن الإشارات الآتية من الفضاء، التي تبدو اصطناعية، أو تلك التي تبدو أنها غير طبيعية. إن اكتشاف مثل تلك الإشارات الغريبة يشير بشكلٍ ما أنه لا توجد حياة وحسب، بل هناك حياةٌ تمتلك تكنولوجيا متقدمة أيضاً.

يمكن لطريقة «SETI» اكتشاف الإشارات الصناعية الآتية من أماكن أبعد بكثير من الطريقتين السابقتين، لكن مشكلتها ضعف احتمال وجود حياةٍ ذكية بالتأكيد. في الحقيقة لا نعلم مدى ندرة وجود حياةٍ ذكية بعد، ولذلك ما زال أمامنا طريقٌ طويل لاكتشاف ذلك.

لماذا لم نعثر على حياةٍ خارج الأرض حتى الآن؟ إن أفضل تفسيرٍ لذلك أننا لم نبدأ البحث الجدّي منذ فترةٍ كافية، ولأن تقنيتنا ليست متقدمة بما فيه الكفاية، وهناك صعوبة أيضاً في أن هناك مئات المليارات من النجوم في درب التبانة وحدها، وهناك عدد أكبر من النجوم في الكون أكثر من عدد حبَّات الرمال على الأرض.

وأقول هنا ما دأبت على قوله «جيل تارتر»، وهي عالمة فلك ومديرةٌ سابقة لمركز أبحاث «SETI»، مُعبّرة عن صعوبة البحث عن حياةٍ خارج الأرض: «إن البحث عن حياةٍ خارج الأرض يشبه وضع كأسٍ في مياه المحيط، ثم إخراجها فارغة من السمك، فتستنتج أنه لا يوجد سمك في المحيط».

قد تكون هناك العديد من أشكال الحياة في الكون، وعلينا أن نستمر ونزيد البحث المعمَّق في ظلمات هذا المحيط اللُّجّي أكثر.

المحتوى محمي