احتمال اصطدام كويكب كبير بالأرض قريباً قليل.
لكن وفقاً لأحد علماء الفيزياء الفلكية، هناك احتمال أن تؤدي أحداث معينة إلى زيادة خطر وقوع حدث اصطدام كارثي لصخرة فضائية يبلغ عرضها نحو 368 متراً وتحمل اسم 99942 أبوفيس (99942 Apophis). على الرغم من أن احتمال وقوع حدث كهذا يظل منخفضاً للغاية، لا يرغب أحد في أن يكون التنبؤ الجديد صحيحاً، لا سيما في ضوء الأدلة المتاحة.
اقرأ أيضاً: ما الذي يمكن للبشرية فعله إذا اصطدم كويكب بالأرض حقاً عام 2038؟
أبوفيس: كويكب بمسار قريب من الأرض
أبوفيس هو أحد أكثر الكويكبات القريبة من الأرض المدروسة في التاريخ، ولكن ذلك لا يعود إلى أي خصائص فيزيائية مذهلة، بل إلى مساره. أعرب علماء الفلك أولاً عن قلقهم بشأن احتمال اصطدام هذا الكويكب بالأرض بعد اكتشافه في عام 2004، وقدروا احتمال وقوع مثل هذه الكارثة بنحو 2.7%. أدّت هذه الحسابات في البداية إلى تصنيف أبوفيس في المستوى الرابع على مقياس تورينو لخطر الاصطدام، وهو أعلى مستوى مسجّل على الإطلاق. بعد ذلك بوقت قصير، أشارت التحليلات المدققة إلى أن مسار أبوفيس قريب نسبياً من الأرض، لكنه بعيد بما يكفي لكي لا يُثير القلق. بحلول عام 2006، أخفض الخبراء تصنيف خطر أبوفيس وفقاً لمقياس تورينو إلى المستوى صفر، وهو لا يزال في هذا المستوى حتى الآن. أشار باحثو مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا عام 2021 إلى أن احتمال اصطدام كويكب أبوفيس بالأرض خلال القرن المقبل معدوم.
لكن يشير الباحث في جامعة ويسترن أونتاريو، بول ويغرت، في دراسة جديدة شارك في تأليفها ونشرها في مجلة علوم الكواكب (The Planetary Science Journal)، إلى أن هذه الاستنتاجات تظل نهائية ما دام لم يؤثر أي شيء في مسار الكويكب. اصطدام واحد لأبوفيس مع كويكب آخر كافٍ لتعديل مساره، حتى لو لم يتجاوز عرض هذا الأخير 0.6 متر. لكن إذا اصطدم أبوفيس مع جسم عرضه 3.3 أمتار فقط، فقد يجعل ذلك من هذا الكويكب مصدراً للقلق عندما يصل إلى أقرب نقطة له من الأرض بتاريخ 13 أبريل/نيسان 2029.
اقرأ أيضاً: كيف يتعامل العلماء مع خطر اصطدام الكويكبات والمذنبات بالأرض؟
اصطدام واحد فقط قد يجعل أبوفيس مثيراً للقلق
على الرغم من أن ويغرت يشير في ملخص الدراسة إلى أن "المسار الحالي لأبوفيس لا يتقاطع مع الأرض بل سيبعد عنه عدة أضعاف من نصف قطرها"، في أقرب نقطة له عنها، فإن اصطدام هذا الكويكب في ذلك التاريخ بكويكب آخر "مثل الكويكبات التي تضرب الأرض على نحو متكرر وغير متوقع" قد يجبر علماء الفلك على مراجعة حساباتهم بسرعة.
اعتمد ويغرت على عدد الأجسام التي تتراوح أقطارها بين 0.6 متر و3.4 أمتار وتمر عبر الغلاف الجوي للأرض سنوياً لتحديد احتمال وقوع مثل هذا الحدث. بلغ هذا العدد نحو 120 نيزكاً صغيراً وصخرة واحدة كبيرة فقط سنوياً. استخدم ويغرت هذه الأرقام في حساب احتمال اصطدام كويكبات مشابهة بأبوفيس.
إذا وقع مثل هذا الحدث، فهو سيرفع احتمال اصطدام أبوفيس بالأرض إلى 10-8. وفقاً لما ورد في الإعلان المصاحب للدراسة الذي صدر بتاريخ 12 سبتمبر/أيلول 2024، فإن هذا الرقم الجديد "منخفض وضوحاً". لوضع ذلك في الإطار الصحيح، فإن "احتمال حدوث اصطدام يجعل أبوفيس خطيراً يساوي 1 في المليارين على الأرجح"، وذلك قبل تاريخ 13 أبريل/نيسان 2029. لكن إذا أخذنا حوادث اقتراب أبوفيس من الأرض في 2036 و2068 في الحسبان، فسيرتفع الاحتمال إلى 1 في المليون، وهو احتمال أعلى أُسيّاً ولكنه منخفض للغاية مع ذلك.
هل سيصطدم أبوفيس بالأرض؟ الإجابة الدقيقة عام 2027
يقول ويغرت إن علماء الفلك لن يتمكنوا من التأكد تماماً من اصطدام أبوفيس بالأرض من عدمه حتى عام 2027، عندما يصبح رصده أسهل بالنسبة لهم.
كتب ويغرت في الدراسة: "احتمال اصطدام كويكب صغير بأي كويكب آخر على مدار بضع سنوات أو عقود منخفض للغاية ويمكن اعتباره منخفضاً لدرجة مهملة في أي حالة أخرى تقريباً. المسار غير المعتاد لهذا الكويكب والخطر المصاحب الذي يشكله على الأرض هو ما يدفعنا إلى دراسة هذا السيناريو بالتفصيل في هذه الدراسة".
على الرغم من أن الاصطدام بالأرض مستبعد للغاية، "فإن الخطر المصاحب" يستحق الأخذ في الحسبان. يقدر علماء الفيزياء الفلكية أن حجم أبوفيس وسرعته يولدا طاقة تعادل 1,200 ميغا طن من مادة تي إن تي، وهي كمية كافية لتشكيل فوهة صدمية بقطر 5,200 متر. على الرغم من أن هذا الحدث لن يدمّر العالم، فإنه سيتسبب بالكثير من الأضرار، كما أنه سيفسد أيضاً خطط وكالة ناسا لدراسة الكويكب باستخدام المسبار الفضائي أوسايرس-أبيكس (OSIRIS-APEX) الذي من المقرر أن يصل إلى أبوفيس في يونيو/حزيران 2029.