في يوليو/تموز 2020، التقط المسبار الشمسي باركر الصور الأولى لسطح كوكب الزهرة في نطاق الضوء المرئي الكامل. والتُقطت مجموعة مماثلة من الصور خلال رحلة فضائية مرت بالقرب من الكوكب في فبراير/شباط من عام 2021. وقد حلل علماء الفيزياء الفلكية أخيراً تلك المرئيات للحصول على فكرة أفضل عن الغلاف الجوي الغائم للكوكب والتضاريس الطبيعية التي يغطيها.
سطوع سطحي وسطوع ليلي
في التقرير، الذي نُشر مؤخراً في دورية «جيوفيزيكال ريسيرتش ليترز»، وصف فريق من مختبر الأبحاث البحرية بجامعة جونز هوبكنز ومركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا نوعين من الضوء المنبعث من الزهرة والذي التقطه المسبار: السطوع السطحي والسطوع الليلي. يصدر توهج السطح عن المعادن الساخنة الموجودة على تضاريس كوكب الزهرة، بينما ينبعث التوهج الليلي من جزيئات الغازات في الهواء. يعطي هذا المزيج الكوكب حلقة شبيهة بالهالة تكون مرئية للبشر.
قال برايان وود، عالم الفيزياء الفلكية في مختبر الأبحاث البحرية، في بيان لوكالة ناسا: «تبلغ درجة حرارة سطح كوكب الزهرة، حتى في الجانب المظلم، نحو 460 درجة مئوية. الجو حار جداً لدرجة أن السطح الصخري لكوكب الزهرة يتوهج بشكل واضح، مثل قطعة حديدٍ خرجت للتو من الفرن».
كانت صور مسبار باركر لشهر فبراير/شباط أيضاً هي الأولى من نوعها التي التقطت لسطح الكوكب المظلم بالكامل. حيث اكتشفت كاميرات المسبار خلال هذه العملية نطاقاً أوسع من الأطوال الموجية للضوء، تضمنت بعض الأطوال الموجية في طيف الأشعة تحت الحمراء. تساعد الصور مجتمعة في تأكيد الأرصاد السابقة من بعثات مثل «فينيرا 9» في السبعينيات، و«ماجلان» في التسعينيات وبعثة «أكاتسوكي» في عام 2016، حيث يخلص التحليل الجديد إلى أن قراءات درجات الحرارة السابقة والخرائط الطبوغرافية لكوكب الزهرة صحيحة إلى حد ما. لكن الصور تفسر أيضاً أسطورة قديمة حول «نجمة الصباح والمساء»، الاسم الذي يطلقه بعض مراقبي السماء على الكوكب.
اقرأ أيضاً: آثار وجود الحياة على الزهرة قد تبدو مشكوك فيها
نجمة الصباح والمساء
يكتب المؤلفون في الورقة البحثية: «كانت هناك بالفعل العديد من الأرصاد التي أجراها هواة ماهرين وعلماء فلك محترفين حول انبعاث خافت من جانب كوكب الزهرة المظلم، ويعود تاريخها إلى القرن السابع عشر. لم نتمكن من تصوير هذه الظاهرة بنجاح، والتي أصبحت تدعى «ضوء أشين»، ما حدا بنا إلى الشك بأن هذه الظاهرة قد تكون خداعاً بصرياً».
يقترح المؤلفون أنه لا يزال يتعين على علماء الفلك الهواة والمحترفين النظر إلى السماء لرؤية وميض كوكب الزهرة. ويكتبون في الورقة البحثية: «قد يمنح النطاق الديناميكي الممتاز العين البشرية قدرةً أكبر من أجهزة الكشف الإلكترونية على تمييز الأضواء الخافتة التي تظهر بالقرب من الأضواء شديدة السطوع، لكن الشيء الوحيد القادر على تقديم أدلةٍ قاطعة هي الصور التكرارية».
سيقوم مسبار باركر بثلاث رحلات طيران أخرى إلى كوكب الزهرة من الآن وحتى نوفمبر/تشرين الثاني عام 2024 (على الرغم من أن رحلة واحدة منها ستكون إلى الجانب المظلم من الزهرة). كما تخطط ناسا لإرسال بعثات «دافنشي» و«فيريتاس»، والتي ستحمل مجموعة مماثلة من أدوات التصوير يمكنها اكتشاف نطاق واسع من الأطوال الموجية.