في مارس/آذار 2002، أطلق المغامر الأميركي "إيلون ماسك" شركة "سبيس إكس" (Space X) بغرض استكشاف المريخ، بعد ذلك أدلى بعدد من التصريحات بخصوص استعمار الإنسان للمريخ. وبالفعل، تُوجه الكثير من الدراسات والأبحاث تركيزها صوب الكوكب الأحمر الذي يُطلق عليه توأم الأرض، وتهتم به وكالة ناسا خاصة، وترسل البعثات وتمول الأبحاث الخاصة به، ويأمل العديد من الحالمين، وعلى رأسهم إيلون ماسك، بالوصول إليه واتخاذه مسكناً، ليصبح موطناً للبشر يوماً ما.
لماذا تهتم ناسا بالمريخ؟
بحسب موقع وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، يُعد كوكب المريخ مادة متميزة للدراسة، فهو أقرب الكواكب إلى الأرض، ويوفر استكشافه إجابات لجميع الأسئلة المتعلقة بتطور الحياة على سطح الأرض، كما أنه قد يساعدنا في فهم وتحسين نوعية الحياة على الأرض، وقد يكون صالحاً ليعيش البشر عليه في المستقبل، حيث يتمتع بغلاف جوي ويتميز بجيولوجيا متنوعة ومعقدة. إضافة إلى ذلك كله، عند البحث في التاريخ المناخي للمريخ، نجد أنّ مناخه قد تغيّر عبر التاريخ تماماً كما حدث مع توأمه الأرض.
اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: اصطدامات النيازك ربما جعلت المريخ غير صالح للحياة
اكتشاف مياه على سطح المريخ
تعاون فريق مشترك من الباحثين في "معهد أبحاث الفضاء التابع للأكاديمية الروسية للعلوم" و"وكالة الفضاء الأوروبية" في دراسة كشفت عن وجود مياه مخفية على عمق 0.914 متراً بالقرب من "فاليس مارينيريس" (Valles Marineris)، وهو عبارة عن شبكة من الأودية العملاقة على سطح المريخ وفي نظامنا الشمسي عموماً، وذلك باستخدام المعلومات والبيانات من المركبة المدارية "إكسو مارس" (ExoMars). وفي 1 مارس/آذار 2022، نُشرت نتائج الدراسة في دورية "إيكاروس" (Icarus).
يُعد مشروع "إكسو مارس" مشروعاً مشتركاً بين معهد أبحاث الفضاء الروسي ووكالة الفضاء الأوروبية، وتمتلك المركبة جهاز تتبع الغاز المداري (TGO) الذي يستطيع رسم خرائط للهيدروجين في الطبقة العليا من تربة كوكب المريخ (لاحظ أنّ جزيئات الماء تتكون من عنصرين: الهيدروجين والأكسجين)، وقد كشفت البيانات التي أرسلها المسبار عن وجود كميات كبيرة من الهيدروجين في "كاندور كايس" (Candor Chaos)، وهي منطقة تقع في فاليس مارينيريس، ومساحتها تساوي مساحة دولة هولندا تقريباً. وتُقدر الدراسة أنّ 40% من المواد القريبة من سطح تلك المنطقة يحتوي على مياه في شكل جليد، ما يثير العديد من التساؤلات حول كيفية احتفاظ سطح المريخ بالجليد المائي، ففي الحالات الطبيعية يتبخر ماء الجليد على المريخ، وهذه حالة فريدة، تُشير إلى أنّ هناك ظروفاً خاصة تمنع المياه من التبخر.
ويمكن استخدام جهاز تتبع الغاز المداري في فحص التربة على عمق متر واحد تحت تراب المريخ، وملاحظة ما يحدث هناك. إضافة إلى ذلك، يمكن اكتشاف الأماكن الغنية بالمياه، والتي لم يتم اكتشافها من قبل. وهذه إحدى مميزات جهاز تتبع الغازات المداري.
اقرأ أيضاً: بقع ساطعة على المريخ تثير الجدل حول وجود الماء على سطحه
فاليس مارينيريس
تُعد منطقة فاليس مارينيريس كبيرة جداً، وتشبه إلى حد كبير "الإخدود العظيم أو جراند كانيون" (Grand Canyon)، وهو أخدود عميق في شمال غرب ولاية أريزونا الأميركية. حتى أنّ وكالة ناسا الفضائية تُطلق على فاليس مارينيريس لقب "جراند كانيون المريخ"، أي أنها تقابل جراند كانيون في الأرض. على الرغم من أنّ طول فاليس مارينيريس أكبر بكثير، ويبلغ طوله 3 آلاف كيلومتر، بينما يصل عمقه إلى 8 كيلومترات. وإذا كان على الأرض، سيمتد من نيويورك إلى كاليفورنيا، وفقاً لتقدير وكالة ناسا، وإذا استطاع البشر الذهاب للمريخ مستقبلاً من أجل السياحة أو العيش هناك مع وجود المياه، فسيكون مكاناً مثالياً للغاية.
يُقال إنّ "الماء هو سر الحياة". لذلك، يسعى البشر دائماً للبحث عنه، وبعدما تجرأ البشر على السفر إلى الفضاء، بدؤوا يبحثون عن سر الحياة على أسطح الكواكب الأخرى، ربما لأنهم يأملون في هجرة الأرض مستقبلاً أو لأسباب أخرى ترتبط بدراسة وفهم تاريخ تطور الحياة على الأرض. أما في حالة المريخ، تساعد مثل هذه الأبحاث في الكشف عن كيفية وجود الماء على المريخ وأماكنها، لفهم ما حدث لمياه المريخ التي كانت موجودة بوفرة في وقت من الأوقات ومعرفة المزيد عن الحياة القديمة في المريخ إن وُجدت، وربما يكون مكاناً صالحاً لسكان الأرض في المستقبل.