أعلن باحثون في ناسا أن التلسكوب الفضائي جيمس ويب لن يُطلق حتى مارس في 2021، ما يضيف حلقة جديدة إلى مسلسل ممل من التأخيرات الكثيرة لهذا التلسكوب الذي طال انتظاره. ففي مارس المنصرم، أعلنت ناسا أنها ستؤجل إطلاق التلسكوب من 2019 إلى 2020 لإفساح المجال لمزيد من الاختبارات. دخل هذا المرصد الفضائي حيز التطوير في 1996، وكان من المفترض في البداية أن يطلق ما بين 2007 و 2011، ولكنه ما زال قابعاً هنا على الأرض.
تأخر الإطلاق بسبب الصعوبات التقنية، ومع مرور السنوات، بدأت المصاريف بالتراكم. اكتمل بناء التلسكوب في 2016، ولكن بعض المشاكل التي ظهرت أثناء الاختبارات أضافت المزيد من التأخير. وحالياً، وصلت الكلفة الإجمالية للمشروع إلى 9.66 مليار دولار، تم إنفاق 8.8 مليار منها على التطوير، وهذا لا يتضمن المبالغ المقدمة من وكالتي الفضاء الأوروبية والكندية، وكلتاهما شريكتان في المشروع.
يقع القرار النهائي حول تمويل التلسكوب بيد الكونجرس. ويوجد لدى ناسا ما يكفي لتغطية المشروع حتى نهاية 2019، ولكنها ستحتاج إلى مبالغ إضافية في 2020 و2021. ستقدم ناسا طلب الميزانية إلى البيت الأبيض في سبتمبر، والذي سيقدم عرض الميزانية إلى الكونجرس في بداية 2019.
عندما أعلنت ناسا عن التأجيل السابق في مارس، أعلنت أيضاً أن المشروع سيخضع لإشراف لجنة مستقلة مع اقترابه من لحظة الإطلاق، وأن كلاً من ناسا واللجنة ستلقيان نظرة عن كثب على الأخطاء الكثيرة في المشروع، وتحللانها، وتقدمان تقريراً إلى الكونجرس في الصيف. يمكنك أن تطلع على التقرير الكامل هنا.
قبلت ناسا جميع اقتراحات اللجنة، وبدأت بتطبيق هذه الاقتراحات. وقال توم يونج - رئيس اللجنة- في مؤتمر صحفي أن تاريخ الإطلاق في 2021 يأتي تقريباً بعد 29 شهراً من تاريخ الإطلاق في أكتوبر 2018، والذي اقترح سابقاً في 2011.
ركز يونج أيضاً على خمسة عوامل يقول أنها تسببت بالتأخيرات الكثيرة ومليار إضافي في التكاليف. وهي الأخطاء البشرية، والتي تسببت لوحدها بحوالي 600 مليون دولار، والمشاكل المخفية في العتاد الصلب والتي لم تكتشف حتى وقت لاحق، ونقص الخبرة، والتفاؤل الزائد، وتعقيد الأنظمة.
تضمنت الأخطاء البشرية استخدام المميع الخاطئ لتنظيف الصمامات على المركبة الفضائية، ما تسبب بأذية كبيرة في العتاد الصلب لدرجة الحاجة إلى استبدال بعض القطع. كما وجد المهندسون في مايو أن بعض البراغي والحلقات قد ارتخت وسقطت من مكانها خلال الاختبارات، وذلك بسبب التركيب الخاطئ للمثبتات. بقيت قطعتان من هذه القطع الصغيرة في مكان ما من المركبة، ويجب العثور عليها وإزالتها.
يقول يونج: "سيتحدد النجاح في استكمال تطوير التلسكوب الفضائي جيمس ويب بالنجاح في تطبيق توصياتنا للتعامل مع الأخطاء البشرية والمشاكل المخفية"
يقول يونج أن تاريخ الإطلاق في 30 مارس، 2021، كان مشروطاً باتباع ناسا لتوصيات اللجنة، ولم يتضمن أي مجال لتأخير إضافي. ويقدر يونج أن احتمال إطلاق التلسكوب في هذا الوقت يبلغ حوالي 80%.
تحدث مدير ناسا، جيم برايدينستاين، عن التأجيل الأخير في إعلان فيديو موجه لموظفي ناسا:
يقول برايدينستاين: "يعتبر التلسكوب الفضائي جيمس ويب هاماً للغاية للجيل المقبل من الأبحاث التي تتجاوز قدرات التلسكوب الفضائي هابل. سيحقق هذا التلسكوب إنجازات مذهلة لم نتمكن من فعلها من قبل، مثل النظر إلى المجرات الأخرى والتقاط الضوء منذ بداية الزمن. على الرغم من التحديات الكبيرة، أجمعت ناسا واللجنة على أن ويب سيحقق النجاح مع تطبيق توصيات اللجنة، وقد بدأنا بالعمل على الكثير منها".
يزن التلسكوب حوالي 6.2 طن، وسيتمركز (في حال إطلاقه يوماً ما) في مدار مستقر على بعد 1.6 مليون كيلومتر عن الأرض. يبلغ عرض مرآته الأساسية أكثر من 6.4 متر، وهي مقسمة إلى 18 قطعة مسدسة الشكل. تم تصميم التلسكوب لرصد النجوم والمجرات التي تشكلت بعد الانفجار الكبير بفترة قصيرة، ودراسة تطور النجوم والأنظمة الكوكبية والمجرات، وتحليل الغلاف الجوي للكواكب داخل وخارج النظام الشمسي. وقد أعلنت ناسا منذ فترة قريبة أن التلسكوب سيدرس البقعة الحمراء الكبيرة على المشتري، ويبحث عن دلائل حول طبيعة العاصفة التي تهب منذ عدة قرون على أضخم كوكب في النظام الشمسي.
مع هذا الإعلان، ستنتظر هذه الخطط دورها في التنفيذ لعام إضافي كامل... على الأقل.