خريطة شاملة لأكثر من 25 ألف من الثقوب السوداء

2 دقائق
خريط ثقوب سوداء, الثقوب السوداء
shutterstock.com/ PatinyaS

عندما تنظر إلى الصورة أدناه للوهلة الأولى، تبدو هذه المجموعة المتلألئة من النقاط البيضاء على الخلفية السوداء مثل أية صورة للسماء أثناء الليل. في الواقع؛ هذه الصورة تُبيّن شيئاً أكثر روعةً؛ لأن البقع البيضاء الشبيهة بالنجوم هي بالحقيقة آلاف من الثقوب السوداء التي التُقطت صورها بواسطة الإشارات الرادويّة، هذه هي أكثر صورة مفصّلة للثقوب السوداء تم تصميمها على الإطلاق، وهي تحتوي على أكثر من 25000 ثقب أسود.

خريط ثقوب سوداء, الثقوب السوداء
خريطة لـ 25000 ثقب أسود عملاق. مسح من شبكات لوفار/لول

يمتص كل واحد من هذه الثقوب السوداء الغبار والغاز في مركز مجرّته الخاصة؛ على بعد ملايين السنين الضوئيّة من الأرض، تُنتج هذه الثقوب العنيفة والجائعة إشعاعاً كافياً على أطوال موجية متعددة، لتصل إلينا هنا على الأرض، ولو لم تكن هذه الثقوب تلتهم الجسيمات في الفضاء، فسيكون من المستحيل تقريباً تحديد مواقعها؛ لأن الثقوب السوداء الهامدة لا تنتج أي شكل يمكن كشفه من الإشعاعات؛ مما يجعلها غير مرئية إلى حدٍ ما.

حتّى خلال استهلاك الثقب الأسود لهذه الجسيمات؛ فإن إلتقاط ثقب أسود نَشطٍ ليس بالأمر السّهل، ناهيك عن التقاط الآلاف منها. التُقطت الأمواج الرادويّة ذات الأطوال المنخفضة للغاية؛ الخاصة بالثقوب السوداء هذه، عن طريق مصفوفة التردد المنخفض («لوفار» اختصاراً)؛ وهي شبكة تتألف من 20000 هوائيٍّ رادويٍّ موزّعة في 52 موقع في أوروبا.

شبكة «لوفار» هي شبكة التلسكوبات الوحيدة القادرة حالياً على إنتاج صور عالية الدقة على ترددات تحت 100 ميغاهرتز، مع تحرّك الموجات الراديوية عبر الفضاء، فإن تردداتها تنخفض، وكذلك تنخفض طاقتها، وبما أن كشف الإشارات يصبح أصعب كلّما انخفضت طاقتها، وطاقة الموجة تنخفض مع قطعها لملايين السنين الضوئية عبر الفضاء، فإن المصفوفة عالية الحساسية مثل «لوفار»، هي الوحيدة القادرة على التقاط الطّاقات الخاصّة بالثقوب السوداء والظواهر الأخرى عبر الفضاء.

عند التقاط الإشارات عن طريق شبكة الهوائيات سابقة الذّكر، يمكن تجميع البيانات على شكل صور مثل الصورة أعلاه، وبالنّسبة لهذه الصورة؛ جمّع الباحثون بيانات الأمواج الرادويّة من كل هوائي لتقدير موقع كل ثقب أسود. يشرح رائد الفضاء «فرانشيسكو دي جاسبرين» من جامعة هامبورغ في ألمانيا قائلاً: «هذه الصوة هي نتاج سنوات من العمل على بيانات دقيقة للغاية، اضطررنا لاختراع أساليبَ جديدة لتحويل الإشارات الرادويّة إلى صور للسماء».

تواجه مصفوفة «لوفار» عقبةً كبيرةً تتجنّبها التلسكوبات التي تعمل من الفضاء؛ وهي طبقة الأيونوسفير، تُشكّل هذه الطبقة الخارجية من الغلاف الجوّي قشرةً من الإلكترونات والجسيمات المشحونة حول الأرض، وهي تمتد من ارتفاع 50 كيلومتراً فوق سطح الأرض إلى ارتفاع 1000 كيلومتر، كما أنّها تمثّل الحد الذي يلتقي فيه الغلاف الجوّي بخلاء الفضاء.

تنعكس الأمواج الرادويّة ذات الأطوال الموجية بالغة القِصر (تحت 5 ميغاهرتز)، عائدةً إلى الفضاء عند اصطدامها بطبقة الأيونوسفير، في طريقها إلى هوائيات شبكة «لوفار» الموجودة على سطح الأرض، ولإلغاء هذا التشويش، طوّر فريق روّاد الفضاء خوارزميّات تُطبَّق عن طريق حواسيب فائقة، لتصفية هذا التشويش كل 4 ثواني أثناء التقاط الانبعاثات الرادوية.

يقول رائد الفضاء «هووب راتجيرينج» من مرصد لايدن في هولندا: «بعد عدة سنوات من تطوير البرمجيات، إنه لأمر رائع رؤية أن العمل نجح بالفعل»، هذه الصورة الأولى التي تغطّي 4% من النصف الشمالي من السماء، وتجمع بين عقد من التطوير والتحليل، وكميّة من الإشعاعات أُصدرت لحوالي 11 يوم، والتُقطت عن طريق مصفوفة «لوفار». يخطط الباحثون لتصوير النصف الشمالي من السماء بأكمله باستخدام التواترات بالغة الانخفاض؛ كجزء من مسح السماء باستخدام الهوائيات منخفضة النطاق الخاصة بمصفوفة «لوفار»، ستُنشر النتائج الكاملة لهذه التجربة في دوريّة «أسترونومي آند أستروفيزيكس».

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً

المحتوى محمي