صور التلسكوب الكبير جداً تكشف عن كيفية تأثير النجوم الشقيقة على تشكل الكواكب حولها

3 دقائق
التلسكوب الكبير جداً يكشف عن السلوكيات الغريبة الإنتاجية للنجوم الشقيقة
تتشكل الكواكب داخل سحابة كثيفة من الغاز والغبار المحيط بالنجم، كما يظهر في هذا الرسم التوضيحي. وكالة ناسا/ مختبر الدفع النفاث- معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا

عندما تولد النجوم فإنها غالباً ما تأتي إلى الكون على شكل توائم. في الخطوة الأولى من تكوين النجم، تتكثف سحابة ضخمة من الغاز والغبار وتتداعى بفعل الجاذبية، وغالباً ما تنفصل إلى عدة أجزاء. إذا تكثّف كل جزء مجدداً، تتشكل عدة نجوم من نفس سحابة الغاز. ثم تُحاط النجوم الوليدة هذه بهالة من المادة تعد المادة الأم للكواكب وتُعرف بالقرص المكون أو الأولي للكواكب. وإذا كانت النجوم المتشكلة قريبة بما فيه الكفاية، فإن الأقراص المكونة للكواكب حولها يمكن أن تدور معاً مشكلة ذيولاً حلزونية رائعة.

صور جديدة للتلسكوب الكبير جداً

كشفت الصور الفلكية الجديدة التي نُشرت في مجلة الإشعارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني عن ثلاثة من هذه الأقراص الكوكبية التوأم تتفاعل مع بعضها بتفاصيل مذهلة، وقد التقط الفريق هذه الصور باستخدام التلسكوب الكبير جداً التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي. على الرغم من أن هذه الأقراص معروفة وقد تم تصويرها من قبل، فإن تقدم التكنولوجيا الفلكية أتاح إلقاء نظرة جديدة أكثر شمولاً على هذا المشهد الكوني المثير.

اقرأ أيضاً: اكتشاف كوكب يدور حول نجمَين يستحيل تشكل الكواكب بالقرب منهما

تقع هذه النجوم في مجرة درب التبانة، وهي قريبة من بعضها نسبياً بالنسبة لمقاييس المجرة. صور علماء الفلك هذه المجموعات الثلاث من التوائم المعروفة في ضوءٍ مستقطب يمكن أن يساعد في تمييز الغبار عن كل قرص. يمكن لبعض تكنولوجيات التلسكوبات، كالمستخدمة في هذه الدراسة، تسجيل الاتجاه أو الاستقطاب المحدد للأمواج الضوئية الواردة. ويعد استخدام الضوء المستقطب وسيلة رائعة لاكتشاف الهياكل الباهتة مثل الأقراص الغبارية التي تدور حول النجوم الساطعة. من المفترض ألا تصدر النجوم هذا النوع من الضوء، لكن ضوء النجوم المتناثر من الغبار يصبح مستقطباً، ما يتيح تمييز الأقراص الكوكبية وذيولها بسهولة أكبر.

التلسكوب الكبير جداً يكشف عن السلوكيات الغريبة الإنتاجية للنجوم الشقيقة
المجموعات الثلاث للنجوم التوأم وذيولها الحلزونية المتأتية من الغبار. تشير الأسهم إلى ميزات محددة للأقراص المكونة للكواكب، ويظهر التدرج اللوني كثافة ضوء النجوم، حيث يشير اللون الأصفر إلى الضوء الأشد سطوعاً. الشكل 2 من ويبر وآخرين، الإشعارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية، نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2022.

ويعد الاستقطاب أداة قوية يمكن أن يستفيد منها علماء الفلك بالنظر إلى أنها تنطوي على الكثير من البيانات حول كيفية وصول الضوء إلى تلسكوباتنا. إذا اصطدم ضوء النجم عند انتقاله عبر الفضاء بجزيئات الغبار الصغيرة، فإنه ينعكس عنها بطريقة محددة. وينتج استقطاب الضوء عن زاوية انعكاسه الدقيقة ونوع المادة التي يصطدم بها.

يقول عالم الفلك في جامعة سانتياغو دي تشيلي والمؤلف المشارك في الدراسة، سيباستيان بيريز: «هناك الكثير من العمليات المعقدة المتضمنة». استخدم فريق البحث البيانات التي يوفرها الاستقطاب لتتبع الأجزاء من الأقراص التي يضيئها كل نجم، بحيث يمكن للعلماء معرفة الترتيب الهندسي لهذه لأنظمة النجمية.

اقرأ أيضاً: قرص غازي غريب قد يخفي كوكباً بين نظام نجمي ثلاثي

دراسة تأثير النجوم على أقراص الكواكب

يهدف الباحثون لفهم كيفية تأثير النجوم المجاورة على الأقراص المكونة للكواكب. يقول بيريز مشيراً إلى مرحلة طفولة النجوم التي كانت فيها مع أشقائها: «ربما تمر نسبة كبيرة من النجوم بهذه المرحلة، لكننا لا نعرف الكثير عنها». يمكن للنجوم الشقيقة القريبة من بعضها أن تدور حول بعضها بعضاً، أو يمكن لنجم أن يدور لوقت قصير حول نجم آخر في ظاهرة تُعرف بالتحليق القريب (fly-by). تعد هذه الصور الجديدة الخطوة الأولى لتحديد السيناريو الذي حدث لكل من الأنظمة الثلاثة.

يقول عالم الفلك بجامعة سانتياغو دي تشيلي والمؤلف الرئيسي للدراسة، فيليب ويبر: «نفترض أن معظم النجوم قد تشكلت في مناطق كثيفة من المجرة وكانت محاطة بنجوم أخرى تشكلت في نفس الوقت تقريباً. مع ذلك، يتعامل علماء الفلك مع الأقراص الأولية للكواكب بشكل أساسي على أنها أنظمة معزولة».

اقرأ أيضاً: ما هي خطة العلماء الجديدة لتسهيل رصد الكواكب الخارجية؟

تشير أرصاد الفريق الجديدة إلى هذا الافتراض المسبق غير صحيح بالنسبة للعديد من الأنظمة النجمية، إذ يمكن أن تكون للتحليق القريب تأثيرات دائمة على بنية الأقراص المكونة للكواكب كما يقول ويبر، والذي يشير إلى أن هناك العديد من الأسئلة التي تجب الإجابة عنها مثل ما مدى شيوع التحليق القريب؟ وكيف تغير النجوم الشقيقة تطور الأقراص وكواكبها؟ لا شك في أن هذه البيانات الجديدة ستدفع علماء الفلك لتحسين نظرياتهم أثناء سعيهم لفهم كيفية تشكل الكواكب.