الغبار الفضائي يثير حساء البلازما الخاص بهذا النجم

3 دقائق
دبليو هيدراي، نجم بعيد يهتم العلماء بدراسته، حيث تبين أنه يطلق رياحاً شمسية يتسبب غبار أكسيد الألومنيوم بتسارعها، من بين مواد أخرى. يظهر النجم باللون الأصفر، في حين يظهر الغبار باللون الأحمر.

على بعد 375 سنة ضوئية وضمن كوكبة هيدرا، يقع نجم غباري يعرف باسم "دبليو هيدراي"، وهو واحد من النجوم الأشد سطوعاً في سمائنا ليلاً، وهو يجمع ضمن غلافه الخارجي جسيمات صغيرة من أكسيد الألومنيوم.

في دراسة نُشرت مع مطلع شهر نوفمبر في دورية "ساينس أدفانسز"، أعلن فلكيون يعكفون على دراسة "دبليو هيدراي" أنهم رصدوا سديماً من جسيمات أكسيد الألومنيوم النادرة نسبياً.

استناداً إلى الحجم التقديري لغبار أكسيد الألومنيوم، يعتقد مؤلفو الدراسة أنه يتكثف على شكل جسيمات صغيرة حول النجم، ويتزايد حجمها مع مرور الوقت. ولكنها عندما تصبح كبيرة بما فيه الكفاية، تبدأ هذه الجسميات بامتصاص ضوء النجم وتشتيته. خلال هذه العملية، يتم الدفع بها باتجاه الفضاء، لتسرّع حدوث اندفاعات من البلازما – غازاً مشحوناً – تعرف باسم "الرياح الشمسية".

إن نجوماً مثل "دبليو هيدراي" عادة ما يقل حجم الواحد منها عن 9 أضعاف حجم شمسنا، ويعتقد الباحثون أن ما يقارب 40% من النجوم في هذه العائلة من النجوم – التي تعرف بأنها نجوم مرحلة العملاق المقارب – قد تمتلك مثل هذه الاندفاعات من أكسيد الألومنيوم التي تحرض رياحها النجمية.

ما هي الرياح الشمسية على أي حال؟

الرياح الشمسية عبارة عن حساء من البلازما، مليء بالإلكترونات والبروتونات، يندفع بشكل متواصل من الشمس منطلقاً عبر النظام الشمسي. يحمل معه خطوط الحقول المغناطيسية، ويتموج حول الحقول المغناطيسية الأخرى التي تعترض طريقها، وكأنها حصى تعترض تياراً من السيل السماوي.

تدفع البلازما الغلاف الجوي الخارجي للشمس نحو الفضاء، مسببة الهالة الشمسية (الإكليل)، والتي تم رصدها خلال ظواهر الكسوف الشمسي على مدى عقود.

تتنقل الرياح الشمسية بسرعات مختلفة وفقاً للأماكن التي تنشأ منها، حيث تتحرك ببطء أكثر فوق "الشرائط الشفقية" الساطعة التي تندفع عن قرص الشمس، وتتحرك بسرعات عالية مبتعدة عن الثقوب الإكليلية الأقل حرارة، والتي تظهر كبقع داكنة على صور الأشعة السينية.

ترتبط كل من الثقوب الإكليلية والشرائط الشفقية بالمجال المغناطيسي الشمسي، حيث تظهر الشرائط الشفقية ذروة المجال المغناطيسي محتجزةً البلازما ضمن الهالة الشمسية، في حين تسمح الثقوب الإكليلية للبلازما الشمسية بالاندفاع نحو الفضاء.

وبشكل عام، هناك كميات من البلازما تندفع بانتظام باتجاه الكواكب بسرعة تقارب 400 كيلومتر في الساعة. ولكن في بعض الأحيان تمر أيام عاصفة بشكل أكبر، حيث تندفع الرياح فيها بسرعات تصل إلى ما يقارب 900 كيلومتر في الثانية.

يمكن لثقب إكليلي، كالذي يظهر في الصورة، أن يرسل رياحاً شمسية باتجاه الفضاء، وقد تسرع من حركتها بعض القوى الأخرى بما فيها الغبار.
مصدر الصورة: وكالة ناسا/ مرصد التصوير الجوي

لماذا نهتم بالرياح الشمسية؟

إن المجال المغناطيسي للأرض يقينا التعرض للجزء الأكبر من أسوأ أنواع الرياح الشمسية، ولكن البلازما لا تزال تتفاعل مع الغلاف الجوي لكوكبنا، ويكون ذلك أكثر وضوحاً في ظاهرة الشفق القطبي.

تتشكل هذه الأضواء الراقصة في السماء عندما تتحرك الرياح الشمسية باتجاه القطبين، حيث تتصادم مع الذرات المنتشرة في الغلاف الجوي وتطلق ومضات ملونة يمكننا رؤيتها من سطح الأرض.

ولكن الأمر أكثر من مجرد عرض ضوئي جميل، فالإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي تتبع الطقس الفضائي، بما في ذلك نشاط الرياح الشمسية، لأنها قد تحمل معها أيضاً كميات ضخمة من الانبعاثات الإكليلية. يمكن لهذه الانبعاثات أن تشكل عواصف جيومغناطيسية هنا على الأرض، وهي قادرة على تعطيل الطاقة الكهربائية في جميع أنحاء العالم.

نحن محظوظون، فالأجسام التي لا تملك مجالات مغناطيسية في نظامنا الشمسي – مثل المريخ الذي فقد معظم غلافه الجوي الأولي بفعل التخريب الناجم عن الرياح الشمسية – قد تتلقى رياحاً عاصفة أقوى بكثير. يعتقد الباحثون أن قمر المريخ "فوبوس" قد يحمل في بعض الأحيان شحنة كهربائية بفضل الرياح الشمسية التي تعصف به بشدة.

ولازال الباحثون يحاولن معرفة المزيد عن رياحنا الشمسية من خلال القيام بعمليات الرصد للنجم الغامض الذي يستضيفنا. لايزال هناك الكثير لكي نتعلمه، فالباحثون لم يتمكنوا أخيراً من رؤية الحدود بشكل جيد بين الشمس والمراحل الأولى للرياح الشمسية نفسها إلا العام الماضي فقط.

ولكن فهم سلوك الرياح النجمية بالقرب من النجوم الأخرى – مثل دبليو هيدراي – قد يقدم للفلكيين المزيد من المعلومات عن كيفية تشكل جسيمات مثل الألومنيوم، وانتشارها عبر أرجاء الكون. وقد لا يكون هناك تأثير فوري على حاضرنا أو مستقبلنا لمعرفة الطريقة المحتملة لتشكل عاصفة جيومغناطيسية بفعل الرياح الشمسية، لكنها لذة معرفة المزيد عن المكان الذي أتينا منه له.

المحتوى محمي