مفاجأة: قد يكون هناك كوكب تاسع وراء بلوتو

ما السر وراء وجود كوكب تاسع غامض خلف بلوتو؟
كوكب تاسع محتمل بالقرب من حافة نظامنا الشمسي كما يظهر في رسم فني توضيحي. المرصد الأوروبي الجنوبي/ توم روين/ نيغوال ديزاين
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إنّ فهمَنا للنظام الشمسي هو عمل مستمر في التطور. كان تغيير تصنيف بلوتو من كوكب إلى كوكب قزم أحد التعديلات التي طرأت على فهمنا للنظام الشمسي، ففي العقود الأخيرة، رصد علماء الفلك كواكب قزمية جديدة مثل كوكب إيريس (Eris) البعيد، واكتشفوا مزيداً من الأقمار التي تدور حول الكواكب العملاقة الغازية في النظام الشمسي. يعتقد بعض الباحثين حالياً أن ثمة دلائلَ تشير إلى وجود كوكب جديد يتموضع خلف كوكب نبتون.

يعتقد اثنان من علماء الفلك في اليابان؛ وهما باتريك صوفيا ليكافيكا (Patryk Sofia Lykawka) وتاكاشي إيتو (Takashi Ito)، أن ثمة كوكباً أكبر قليلاً من الأرض يكمن في حزام كايبر (Kuiper belt)؛ وهو حلقة من الحطام الجليدي حيث يوجد بلوتو أيضاً؛ وذلك وفقاً لما نشراه في الأسبوع الماضي في المجلة الفلكية (The Astronomical Journal). لم يرَ العالمان هذا الكوكب مباشرة؛ لكنّ نماذجهما الحاسوبية تُظهر أن كوكباً من هذا النوع يمكن أن يفسر الحركة غير المنتظمة للأجسام الأخرى في حزام كايبر.

كوكب تاسع قد يفسر الحركة غير المنتظمة لأجسام في حزام كايبر

يقول المؤلف الرئيس للدراسة وعالم الفلك في جامعة كينداي (Kindai University) اليابانية، ليكافيكا: “تنبئ الاضطرابات في هذا الحزام بوجود كوكب غير مكتشَف تبلغ كتلته 1.5 إلى 3 أضعاف كتلة الأرض. لذلك؛ من الممكن أن يحتوي النظام الشمسي 9 كواكب من جديد”.

يشبه حزام كايبر إلى حد ما حزام الكويكبات (asteroid belt)؛ إذ يحتوي أجزاء صغيرة من الصخور والجليد، وكلها بقايا من العملية العنيفة التي رافقت تكوين الكواكب. يتبع بعض الأجسام في هذا الحزام مدارات غريبة؛ إذ تكون مساراتها حول الشمس مائلة أو متطاولة للغاية (على شكل بيضة أكثر من كونها دائرية مثل مدار الأرض). وتشير هذه المدارات الغريبة إلى وجود جسم ضخم (بحجم كوكب لم يُكتشف بعد) يدفعها ويجذبها بفعل جاذبيته.

تقول عالمة الفلك في جامعة ييل، والتي لم تشارك في البحث الجديد، مالينا رايس (Malena Rice): “من المحتمل أن يُكتشف هذا الكوكب في السنوات القليلة المقبلة، إذا كان موجوداً في مدار قريب نسبياً”.

اقرأ أيضاً: ما هي خطة العلماء الجديدة لتسهيل رصد الكواكب الخارجية؟

كوكب حزام كايبر

تُظهر عمليات المحاكاة التي أجراها كل من ليكافيكا وإيتو، أن وجود هذا الكوكب يمكن أن يفسر الظواهر الغريبة الموجودة في حزام كايبر. ستكون المسافة بين الكوكب، الذي أشاروا إليه باسم “كوكب حزام كايبر” (KBP)، والشمس أكبر بنحو 6 إلى 12 مرة من المسافة التي تفصل بين الشمس وكوكب نبتون البعيد. من الممكن أيضاًً أن يكون مدار كوكب حزام كايبر مائلاً عن مستوى مدار النظام الشمسي بزاوية تقدر بنحو 30 درجة، وهو أمر غريب جداً. يختلف الكوكب القزم بلوتو عن الكواكب الـ 8 الرئيسة من ناحية ميل مداره بنحو 17 درجة فقط.

رسم تخطيطي يوضح انحراف مدار بلوتو بالنسبة إلى بقية كواكب المجموعة الشمسية
يتبع بلوتو مساراً بزاوية 17 درجة فوق مستوى مدار كواكب النظام الشمسي. وكالة ناسا

على الرغم من ذلك، فإن هذا الكوكب الغريب والبعيد والذي يشبه الأرض ليس أول كوكب خفي يقترح العلماء وجوده. ففي عام 2016، قال علماء الفلك من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا إن لديهم دلائلَ على وجود كوكب ضخم، يسمى “الكوكب 9” أو “الكوكب إكس” (Planet X)، يقع في منطقة أكثر بعداً عن النظام الشمسي. اقترح هؤلاء الباحثون أيضاً وجود الكوكب 9 بوصفه وسيلة لتفسير الظواهر الغريبة في حزام كايبر؛ ما أثار جدلاً واسعاً بين العلماء الذين ناقشوا لسنوات إذا كانت تلك السمات الخاصة حقيقية أو أنها مجرد نتيجة لملاحظات غير دقيقة.

أين أصبحت فرضية الكوكب 9؟

يقول ليكافيكا: “إن فرضية وجود كوكب حزام كايبر تتفوق على فرضية وجود الكوكب 9 لأنها تعتمد على ملاحظات أخرى لم تسبب القدر نفسه من الجدل. أثبتنا أن وجود كوكب افتراضي يشبه الأرض يقع في أطراف النظام الشمسي يمكن أن يفسر العديد من خصائص حزام كايبر البعيد، ويمكن أن يكون متوافقاً مع الملاحظات الحالية، بالإضافة إلى ذلك، لم تقدم فرضية وجود الكوكب 9 دليلاً يثبت صحتها حتى الآن”.

وعلى الرغم من ذلك، يعتقد باحثون آخرون أن فرضية وجود كوكب حزام كايبر (KBP) غير ضرورية ولا تلزم لشرح الظواهر الموجودة في حزام كايبر. يوافق عالم الفلك في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، الذي أسهم في البحث الأولي عن الكوكب 9، كونستانتين باتيغين (Konstantin Batygin)، على وجود ظواهر غريبة في حزام كايبر يجب تفسيرها من خلال وجود جسم إضافي وراء نبتون. يعتقد باتيغين أن هذه الظواهر جميعها يمكن فهمها وتفسيرها في إطار فرضية وجود الكوكب 9، ومن ثَمَّ؛ لا توجد ضرورة لإجراء البحث الجديد لتفسير هذه الظواهر الغريبة في حزام كايبر.

اقرأ أيضاً: الكشف عن شروط جديدة لتصبح الكواكب الخارجية صالحة للحياة

يشير نموذج باتيغين إلى أن الكوكب 9 أكبر وأبعد قليلاً؛ إذ يبلغ نحو 5 إلى 6 أضعاف كتلة الأرض ويقع على بُعد نحو 500 وحدة فلكية (AU) من الشمس. في الوقت نفسه، يُفترض أن يكون كوكب حزام كايبر على بُعد يتراوح بين 200 و500 وحدة فلكية من الشمس. (هذه مسافات شاسعة؛ إذ إن كل وحدة فلكية واحدة تعادل المسافة بين الأرض والشمس). سيكون للكوكب 9 انحراف غريب في مداره بزاوية ميل تبلغ 20 درجة؛

لكننا لن نعرف تماماً إذا كان يوجد كوكب مخفي، سواء أكان يشبه الكوكب 9 أم كوكب حزام كايبر، حتى يتمكن علماء الفلك فعلياً من تحديد موقعه في السماء ليلاً. يبحث علماء الفلك عن الكوكب 9 منذ سنوات، ويشمل هذا البحث بعض المناطق التي يمكن أن يوجد فيها الكوكب المقترح حديثاً. تقول رايس: “ما تزال عمليات البحث هذه مستمرة، وما تزال توجد مساحات هائلة في النظام الشمسي الخارجي يجب استكشافها للبحث عن دلائل على وجود كواكب مخفية في تلك المناطق”.