عبر النيزك فلورنس قرب الأرض في 1 سبتمبر، وهو النيزك الأكبر الذي مر قرب الأرض منذ بدأت ناسا بالتوثيق. ولكن هذا لم يؤثر على أغلبنا، باستثناء الفلكيين الهواة وبعض علماء ناسا.
يبلغ عرض فلورنس 4.3 كيلومتر، ولو اصطدم بنا لدمر جزءاً كبيراً من الكوكب. ووفقاً لتقديرات مجموعة متخصصة بالأجسام القريبة من الأرض، يمكن لصخرة بهذا الحجم أن تتسبب بمقتل 1.5 مليار شخص. غير أن فلورنس كان بعيداً بما يكفي، شأنه شأن الكثير من (الحوادث الوشيكة) المتعلقة بالأجسام السماوية في الماضي. إننا نسمع باستمرار عن خطورة اصطدام كويكب بالأرض، ولكننا على ما يبدو لم نكن قط معرضين لخطر فعلي. ما المسألة إذاً؟
"الأجسام التي تنذر بالخطر" تنضوي على احتمال صغير لخطر كبير
من البديهي أن الفضاء كبير للغاية، وهو أمر لا نقاش فيه، ولكن يجب ألا ننسى مدى اتساع الفضاء. قد يبدو كويكب بعرض 4.3 كيلومتر ضخماً، وقد يبدو من الممكن أن تصطدم صخرة بهذه الضخامة بالأرض بسهولة. كما أنه ليس الجسم الوحيد من نوعه، حيث يعبر مدارنا حوالي 1,400 جسم، وجميعها قادرة على التسبب بمشاكل جمة. إليكم هذه الأجسام:
يبدو من هذه الصورة أنه يجب أن تصطدم بنا هذه الأجسام طوال الوقت. ولكن الأرض وهذه الأجسام في حالة دائمة من الحركة، ما يعني أن احتمال وجود الأرض وأحد هذه الكويكبات في نفس المكان في نفس الوقت ضئيل للغاية. وببساطة، يوجد الكثير من الفراغ بين الأجسام في نظامنا الشمسي، لدرجة أن احتمال وقوع تصادم كبير في القرن 21 لا يتجاوز 0.0002%. كما أن احتمال وقوع حدث عالمي، مثل التصادم الذي قتل معظم الديناصورات، أقل حتى من هذا الرقم.
إذاً، لماذا يتكلف العلماء مشقة متابعة هذه الأجسام؟ ليس السبب ارتفاع احتمال تسببها بالخطر، بل الأضرار الكارثية التي يمكن أن تتسبب بها في حال ارتطمت بنا، حتى لو كان الاحتمال صغيراً للغاية. حيث يمكن لجسم بقطر كيلومتر واحد أن يضع حياة ربع سكان الكوكب على المحك. ويتناقش الباحثون باستمرار في كيفية الاستعداد لاصطدام مع كويكب لأنهم يدركون أن وقوع ضربة من نوع ما، بطريقة ما، أمر محتوم في نهاية المطاف. حيث أن كثرة الأجسام الخطيرة تجعل من المستحيل أن ينعدم هذا الاحتمال. غير أن هذا لا يعني أن كل جسم عابر خطير، ومعظمها ليس كذلك.
إذا كان من المرجح أن يصطدم بنا أحد الكويكبات، فلدينا بضعة خيارات
من الناحية التقنية، فإن استعداداتنا الحالية لصدمة كويكبية تتسم بضعف شديد. وإذا اكتشف العلماء أنه من المرجح وقوع هذه الصدمة غداً، فلا يوجد بشكل أساسي ما يمكن فعله سوى محاولة إبعاد الناس عن موقع التصادم.
ولكن إذا حصلنا على تحذير قبل بضعة سنوات، فمن المرجح أننا سننجو. ولهذا يقوم العلماء بمتابعة كل جسم خطير: حيث أن الوقت هو أملنا الوحيد. يوجد حالياً الكثير من الأفكار حول كيفية التعامل مع صخرة تندفع باتجاهنا، ولكنها تتطلب جميعاً زمناً طويلاً للاستعداد.
تتمحور جميع الخطط المحتملة حول فكرتين: إما محاولة تحطيم الكوكب بما يكفي لتخفيف الضرر، أو تغيير مداره حتى تبتعد الأرض عن مساره. تعتبر الفكرة الأولى الأسهل، بما أن صدم شيء ما بمركبة فضائية (مع قنبلة أو بدونها) أمر سهل نسبياً، بشرط توافر الوقت اللازم للإقلاع إلى المدار المناسب. ولكن إذا لم يتحطم الكويكب بدرجة كافية، فسوف يصطدم الحطام بالأرض على أي حال. ولهذا، يميل بعض العلماء إلى الفكرة الثانية: إبطاء الكويكب بما يكفي لتغيير مساره. ويتميز هذا الخيار بدرجة أكبر من الحذاقة، ولكنه أصعب من الناحية العملية، ويتطلب دقة عالية.
يعود صغر احتمال وقوع الاصطدام بشكل جزئي إلى طبيعة هذا الحدث، ولكن هناك سبب آخر أيضاً، وهو براعتنا في تتبع الكويكبات والمذنبات. حيث تُصرف ملايين الدولارات على بناء التلسكوبات العملاقة في الصحاري، وذلك حتى نكشف أية صخرة عملاقة تتجه إلينا قبل وصولها بفترة طويلة جداً. وطالما أننا قادرون على توقع الاصطدام، فنحن في أمان، على الأرجح.