أول مركبة هبوط خاصة تحمل المستكشف الإماراتي راشد إلى القمر

4 دقائق
المركبة الفضائية القمرية «راشد» على متن أول مركبة هبوط خاصة في طريقها إلى القمر
ستحمل مركبة الهبوط "إم 1"، واتي صنعتها شركة آي سبيس اليابانية، روبوتات وقرصاً موسيقياً يحتوي على أغاني روك. جوش ميلر/أنسبلاش

ازدهر قطاع الفضاء في السنوات الأخيرة، حيث أتاحت الصواريخ التجارية إرسال المزيد من المركبات الفضائية إلى المدار أكثر من أي وقت مضى. ولكن هناك خطوة مهمة يجري العمل عليها حالياً من شأنها تمكين الشركات الخاصة أيضاً من استكشاف وجهات أخرى بعيداً عن الأرض، الأمر الذي يمكن أن ينقل صناعة الفضاء إلى عصرها الذهبي: أول مركبة هبوط تجارية ممولة من القطاع الخاص في طريقها إلى القمر.

مركبة هبوط قمرية بحجم حوض الاستحمام

في التفاصيل: قامت شركة أبحاث الفضاء اليابانية الخاصة "آي سبيس" (ispace) التي تتخذ من طوكيو مقراً لها ببناء مركبة هبوط صغيرة بحجم حوض الاستحمام بهدف إرسالها إلى القمر. كان من المقرر إطلاق المركبة إلى وجهتها في وقت سابق من شه نوفمبر 2022، ولكن تم تأجيل ذلك الموعد، وأُطلقت في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني على أقل تقدير من قاعدة كيب كانافيرال بولاية فلوريدا على متن صاروخ سبيس إكس فالكون 9. 

يقول مدير إدارة شركة آي سبيس والرئيس التنفيذي للشؤون المالية فيها، جامبي نوزاكي: «النقطة الأكثر أهمية هي أن الشركة لا تهدف من خلال هذه المهمة إلى الهبوط على سطح القمر فقط». وفقاً للشركة، فإن الهدف النهائي هو إنشاء اقتصاد فوق سطح القمر، أي التجارة وتحقيق نمو اقتصادي يتمحور حول الأنشطة الفضائية البشرية على القمر أو في مدار الأرض. 

ولكن يتعين على الشركة الوصول إلى سطح القمر أولاً. ستكون مركبة الهبوط "إم 1" (M1)، وهي جزء من برنامج "هاكوتو-آر" (Hakuto-R) التي تنفذه الشركة، أول محاولة لاستكشاف القمر، وستكون في الأساس بمثابة مهمة تجريبية للتحقق من سلامة تصميم مركبة الهبوط والتكنولوجيا القائمة عليها. كانت المسابقة التي طرحتها شركة جوجل وحملت عنوان "جوجل لونار إكس برايز" (Google Lunar X Prize)، والتي استمرت من عام 2007 إلى 2018 وهدفت لتوفير الوصول إلى القمر بتكلفة معقولة، جزئياً وراء اهتمام شركة آي سبيس بالوصول إلى القمر. على الرغم من أن المسابقة انتهت دون أن يحصل أي فريق على الجائزة البالغة 30 مليون دولار، لكنها ألهمت العديد من مفاهيم المركبات الفضائية الجديدة، بما فيها مركبة الهبوط التي صممتها شركة آي سبيس.

اقرأ أيضاً: شاهد 24 من عمليات الإطلاق الأكثر شهرة في تاريخ صناعة الفضاء

مركبة فضائية إماراتية إلى القمر

تزن المركبة نحو 360 كيلوغراماً، وستحمل على متنها العديد من الحمولات التجارية والحكومية، بما في ذلك أول مركبة فضائية قمرية تصنعها الإمارات العربية المتحدة وتحمل اسم "راشد" (Rashid)، بالإضافة إلى روبوت آلي قمري بحجم كرة بيسبول من إنتاج وكالة الفضاء اليابانية، وقرص موسيقي يحتوي على أغنية لفرقة الروك اليابانية "ساكاناكشن" (Sakanaction). 

على الرغم من كل الاستعدادات والجهود المبذولة للذهاب إلى القمر، لن تقضي أي مهمة روبوتية وقتاً طويلاً هناك. ستقضي مركبة راشد، والتي صنعها مركز محمد بن راشد للفضاء (MBRSC) في دبي، يوماً قمرياً واحداً (ما يعادل 14 يوماً أرضياً) في دراسة سطح القمر وكيفية تنقلها عليه وكيفية تفاعل مختلف الأسطح مع التربة القمرية. بينما سيقضي الروبوت الياباني الخفيف الوزن ساعات فقط في جمع البيانات عن سطح القمر، والتي ستستخدمها البعثات المستقبلية لتطوير تكنولوجيا القيادة والتنقل الذاتية. 

اقرأ أيضاً: هل سيكون المستكشف راشد أول إنجاز عربي يطأ سطح القمر؟

بعد انطلاقها من الأرض، ستستغرق مركبة إم 1 من 3 إلى 5 أشهر للوصول إلى سطح القمر، حيث من المقرر أن تهبط عند فوهة أطلس. الفوهة عبارة عن موقع اصطدام بارز يقع على الأطراف الخارجية الجنوبية الشرقية لبحر ماري فريغوريس، وهو مكان أطلق عليه علماء الفلك اسم "بحر البرد" (Sea of Cold). وتقول الشركة في بيان صحفي، إنها اختارت هذا الموقع لميزاته التي تشمل توفر إضاءة الشمس باستمرار وإمكانية الاتصال به من على الأرض. على الرغم من توفر مواقع هبوط بديلة اعتماداً على ما قد يحدث للمركبة الفضائية أثناء العبور، فإن الموقع الحالي يلبي المتطلبات الفنية للمهمة التجريبية وكذلك أهداف الاستكشاف العلمية لعملائها. من المتوقع أن تهبط المركبة الفضائية هناك في وقت ما في أواخر أبريل/ نيسان عام 2023. 

سباق عالمي فضائي

حتى الآن، لم تهبط على القمر سوى مركباتٍ فضائية تابعة للولايات المتحدة وروسيا والصين. ولكن مع تزايد الاهتمام بالسيطرة على الفضاء، بدأت الدول ووكالات الفضاء في جميع أنحاء العالم بزيادة اهتمامها بهذا المجال. إذا نجحت شركة آي سبيس في الهبوط على سطح القمر، سيمثل ذلك نقطة تحول بارزة في تاريخ رحلات الفضاء التجارية، مع الأخذ في الاعتبار أنها ستكون أول مهمة خاصة تهبط على القمر على الإطلاق. وفقاً للرئيس التنفيذي للإيرادات في الشركة، أتسوشي سايكي، تأمل الشركة في إرساء الأرضية لإنشاء خدمات نقل إلى القمر ذات تكرارية عالية ومنخفضة التكلفة، والتي يمكن أن تتوسع في النهاية إلى مهمتين أو 3 مهمات تجارية سنوياً بعد عام 2025. 

في غضون ذلك، تقود دول أخرى مشاريع قمرية بنفسها. في حين تخطط ناسا حالياً لتحويل القمر إلى قاعدة انطلاق لمهمات الفضاء السحيق وغيرها من الأنشطة غير الأرضية، أعلنت دول مثل كندا وكوريا الجنوبية وحتى تركيا عن مبادرات للبدء سريعاً بجهودها الخاصة باستكشاف القمر وتعزيزها. 

يعتقد نوزاكي بأن التعاون الدولي بين الوكالات العامة والشركات الخاصة هو المفتاح لتعزيز شراكة يمكن من خلالها لمختلف الدول العمل معاً لتحقيق تجربة مثالية في ريادة الفضاء. 

يقول نوزاكي: «في السنوات العشر أو العشرين المقبلة، يجب على الشركات الخاصة القيام بالدور المنوط بها لتعزيز إنجازات وكالات الفضاء السابقة. يمكننا كشركات فضاء خاصة دعم وكالات الفضاء معاً لتطوير عالم الفضاء هذا، ونحن نفخر بذلك كثيراً».

اقرأ أيضاً: هل تنجح ناسا في استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة الطوب من الغبار القمري؟

للمضي قدماً، تخطط الشركة للاستفادة من الدروس التي ستتعلمها من هذه التجربة الأولية في بعثاتها المستقبلية. هناك بالفعل خطط قيد التطوير حالياً للقيام بمهمة ثانية وثالثة، حيث من المقرر إطلاق مركبة الهبوط "إم 2" (M2) في عام 2024، ومن ثم إطلاق المزيد من البعثات الاستكشافية على فترات أقصر بعد فترة وجيزة. 

يقول سايكي: «نريد كتابة صفحة جديدة في تاريخ الفضاء. نحتاج إلى دعم كل شخص هنا على الأرض دون استثناء بغض النظر عن جنسيته أو عرقه لتحقيق رؤيتنا على المدى الطويل».

المحتوى محمي