المسبار «فوياجر 2» يرسل تحياته من بين النجوم

2 دقائق
فوياجر 2, فضاء, بين النجوم, علم الفلك, ناسا

بعد مرور 42 عامًا على انطلاقه، وعلى بعد 19 مليار كم تقريباً عن الأرض، هناك في الفضاء الصامت حول الشمس، ما زال مسبار فوياجر يتحرك بين النجوم، في مهمة فضائية هي الأطول من نوعها، يحاول العلماء الآن فك شفراتها.

بعد تجاوزه عتبة الغلاف الجوي للشمس، اتخذ المسبار طريقه بين المناظر الخلابة في نظامنا الشمسي، والتقط عن قرب تفاصيل كوكبي «أورانوس» و«نبتون»، والكثير من تفاصيل النظام الشمسي. اندهش علماء ناسا من ذلك، حيث لم يكن لديهم أدنى فكرة في البداية عن مدى استمرار المسبار في العمل، أو نجاحه لرصد هذه التفاصيل المدهشة.

وهناك على أعتاب الغلاف الشمسي، تلتقي الجسيمات المشحونة التي تتدفق للخارج من الشمس بسرعة تفوق سرعة الرياح، وتهب رياح بين نجمية من المستعر الأعظم الذي انفجر قبل ملايين السنين. تحدث المستعرات العظمى نتيجة انفجار كبير في نهاية دورة حياة النجوم، أو تغيير في قلب أو مركز النجم، وغالبًا ما تحدث في مجرات أخرى غير مجرتنا، درب التبانة وذلك لأن الغبار يحجب رؤيتنا.

استطاع المسبار «فوياجر 1» تأكيد وجود حدود، يحدد ملامحها انخفاض مفاجىء في درجات الحرارة، وزيادة في كثافة الجسيمات المشحونة المعروفة باسم البلازما، أما مسبار «فوياجر 2»، فقد قدّم رؤى جديدة حول طبيعة حدود الغلاف الجوي.

كما استطاعت المركبة الفضائية فوياجر 2 دخول الوسط بين النجمي، وهي منطقة فضائية خارج حدود الغلاف الشمسي، وهي الفقاعة التي تنتجها الرياح المتدفقة إلى الخارج من الشمسي، ليكون ثاني الأجسام المصنوعة من قبل الإنسان التي تخرج من تأثير نظامنا الشمسي، وذلك بعد خروج المركبة «فوياجر 1» عام 2012.

دخلت المركبة الفضائية فوياجر 2 إلى الوسيط بين النجمي عند 119.7 وحدة فلكية، أي على بعد يتجاوز 17 مليار كم من الشمس، أما مركبة فوياجر 1 فقد مرت عند 122.6 وحدة فلكية، أي أنهما عبرا في نفس المسافة تقريبًا رغم تأخر أحدهما عن الآخر في الانطلاق لأسابيع فقط عام 1977.

يقول «بيل كورث»، عالم الأبحاث في جانعة أيوا والمشارك في دراسات المسبارين: «هذا يعني أن الغلاف الشمسي متماثل، على الأقل في النقطتين اللتين عبر من خلالهما المركبتان الفضائيتان فوياجر، ويعني ذلك أيضاً أن هاتين النقطتين على السطح في نفس المسافة».

بيانات إضافية عن الغلاف الشمسي

فوياجر 2, فضاء, بين النجوم, علم الفلك, ناسا

قدم مسبار فوياجر أدلة إضافية على سماكة الغلاف الشمسي، والمنطقة الخارجية للغلاف الجوي للشمس والنقطة التي تتراكم فيها الرياح الشمسية مع الرياح التي تقترب في الفضاء بين النجمي.

من خارج الغلاف الجوي للشمس، لاتزال الإشارة الصادرة عن مسبار فوياجر 2 في طريقها إليها، حيث تستغرق أكثر من 15 ساعة للوصول إلى الأرض، ويمتلك جهاز الإرسال قدرة تبلغ 22.4 وات والتي تعادل قدرة الضوء البارد، وعلى الأرض تستقبله أكبر هوائيات وكالة ناسا وهو طبق يبلغ 70 مترًا.

6 سنوات تفصل التوأمان فوياجر عن بعضيهما

رُغم المسافة الزمنية القصيرة -بضعة أسابيع- بين انطلاقيهما من الأرض، استطاع المسبار الفضائي فوياجر 2 التابعة لوكالة ناسا ولوج الفضاء بين النجمي في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2018، أي بعد 6 سنوات تقريباً من قيام التوأم فوياجر 1 بالمرور من نفس المكان، ومر المسبارين خلال الغلاف الشمسي في يوم واحد فقط، مع اختلاف نقطة الخروج لكليهما.

تعرف الرياح الشمسية بأنها تيار الجسيمات المشحونة المتدفقة باستمرار من الشمس، وهي التحدي الذي واجهه المسبار فوياجر 2، حيث واجه رياح شمسية سريعة نسبيًا أثناء عبوره الغلاف الشمسي، بينما كانت سرعة الرياح الشمسية منخفضة لدرجة تصل إلى الصفر أثناء عبور المسبار فوياجر 1.

يجب عليك أن تعلم جيدًا أن دخول الفضاء بين النجمي ليس معناه مغادرة النظام الشمسي، لأن تأثير الجاذبية للشمس يمتد إلى ما وراء الغلاف الجوي للشمس، فهناك تريليونات المذنبات التي تدور في سحابة أورت وأجسام أخرى لا زالت في حيز النظام الشمسي.

ختامًا، ما زالت عائلة فوياجر تسبح في الفضاء السحيق لتنقل لنا أغرب تفاصيل الكون التي لا يعلمها بشر، بعد 42 عامًا من انطلاقهما لدراسة الأجسام الكونية في الفضاء.

المحتوى محمي