هل يمكن أن يتوسع الثقب الأسود في مركز مجرتنا ويلتهمنا؟

3 دقيقة
هل يمكن أن يتوسع الثقب الأسود في مركز مجرتنا ويلتهمنا؟
مصدر الصورة: وكالة ناسا

الثقوب السوداء من الظواهر الكونية الأكثر غموضاً، بغض النظر عن كمية المعلومات التي يتعلمها العلماء عنها. على الرغم من أن العلماء تنبؤوا رياضياً بوجود الثقوب السوداء منذ زمن طويل، فهم لم يتمكنوا من اكتشاف أول ثقب أسود حتى رصد الدجاجة إكس 1 (Cygnus X-1) في عام 1971.

يعلم العلماء الآن أن الكون يحتوي على الكثير من الثقوب السوداء. يقع أحد هذه الثقوب السوداء، وهو الرامي أيه* (Sagittarius A*) في مركز مجرة درب التبانة. وفقاً لوكالة ناسا، تحتوي أغلبية المجرات التي تتمتع بحجم قريب من حجم مجرة درب التبانة على ثقوب سوداء عملاقة في مراكزها. يتمتع الرامي أيه* بكتلة تبلغ نحو 4 ملايين ضعف من كتلة الشمس.

اقرأ أيضاً: شاهد واحدة من أجمل الصور للإشعاع المنبعث من ثقب أسود فائق

الثقوب السوداء ليست ثقوباً في الحقيقة

الثقوب السوداء ليست ثقوباً في الحقيقة؛ إذ أطلق العلماء عليها هذا الاسم لأن المادة فيها كثيفة جداً لدرجة أن الضوء نفسه لا يستطيع الإفلات من جاذبيتها. يمكنك رؤية حلقة من الضوء تدور حول الثقب الأسود وتشبه كعكة الدونَت في صور أحد الثقوب السوداء. مركز هذه الحلقة هو الثقب الأسود. تدور الثقوب السوداء حول نفسها، مثل النجوم والكواكب. تحمل حلقة الضوء والغبار المحيطة بالثقب الأسود اسم "القرص التراكمي" (أو القرص المزوِّد)، الذي يصبح ساخناً وساطعاً بسبب دورانه السريع حول الثقب الأسود.

المجرة الحلزونية إن جي سي 4845 التي تقع على بعد يتجاوز 65 مليون سنة ضوئية في كوكبة العذراء. مصدر الصورة: وكالة ناسا/وكالة الفضاء الأوروبية/تلسكوب هابل الفضائي/وكالة الفضاء الأوروبية/تلسكوب هابل ووكالة ناسا وستيفن سمارت

لا تصدق ما تسمعه عن الثقوب السوداء المخيفة التي تلتهم كل ما تستطيع جذبه. إذا استبدلنا الشمس بثقب أسود له الكتلة نفسها، ستدور الكواكب وأقمارها حوله كما تدور حول الشمس الآن، لكن المجموعة الشمسية ستكون أبرد بكثير.

اقرأ أيضاً: 10 حقائق مبسطة وشاملة عن الثقوب السوداء

الثقوب السوداء ليست مكانس كونية!

لا يعلم العلماء الكثير عن طبيعة المادة داخل الثقوب السوداء. ما يعلموه هو أنه أي مادة تعبر أفق الحدث، وهو حافة الثقب الأسود، ستخضع لتأثير يحمل اسم تأثير المعكرونية (spaghettification). وهذا التأثير واضح من اسمه؛ إذ إنه يؤدي إلى ضغط المادة وتمديدها وتحويل شكلها إلى شكل المعكرونة.

وفقاً لموقع وكالة ناسا، الثقوب السوداء ليست "مكانس كونية". فعلى الرغم من أن جاذبيتها شديدة للغاية، فإن الأجرام السماوية يمكن أن تدور حولها تماماً كما تدور حول النجوم. على الرغم من أن الثقوب السوداء تجذب الأجسام التي تتبع مدارات قريبة جداً منها وتلتهمها، فإن جاذبيتها تتبع السلوك نفسه الذي تتبعه الجاذبية التي نعرفها في المجموعة الشمسية. يعلم العلماء أن بعض الثقوب السوداء يتشكل بسبب موت النجوم وانهيارها.

قال عالم الفلك الباحث في ​​وكالة ناسا فاروجان غورجيان، في شرح نشرته حول الثقوب السوداء: "الثقوب السوداء لا تمتص المادة بالضرورة. تستطيع الأجسام أن تدور حول ثقب أسود تماماً كما تدور حول أي نجم أو جسم ضخم".

مع ذلك، فإن الثقوب السوداء يمكن أن تدمّر النجوم التي تدور حولها بفعل جاذبيتها الهائلة. تستطيع جاذبية الثقب الأسود أن تسطّح النجم الذي يدور بالقرب منه وتمزقه، ويطلق العلماء على هذه الظاهرة اسم "الاضطراب المدّي". يمكن أن يمتص الثقب الأسود جزءاً من مادة النجم بينما يكمل هذا الأخير دورانه في مساره المداري. وتستمر هذه العملية ما دام النجم يحتوي على المادة ويدور حول الثقب الأسود.

الكشف عن الثقوب السوداء

يمكن كشف الثقوب السوداء باستخدام العديد من تقنيات التصوير، مثل التصوير بالأشعة السينية وبأطوال الموجات فوق البنفسجية. تمكنت مراصد الموجات الثقالية أيضاً من تحسس التموجات في الزمكان التي تنشأ عند اندماج ثقبين أسودين. ما يزال العلماء يحاولون التوصل إلى إجابات عن الأسئلة المتعلقة بمنشأ الثقوب السوداء العملاقة في مراكز المجرات.

يتطلب رصد الثقوب السوداء طرقاً مبتكرة. إحدى الطرق التي استخدمها العلماء لتحديد مواقع الثقوب السوداء هي البحث عن النجوم التي تدور بسرعة كبيرة حول أجسام غير مرئية. التفسير الوحيد للدوران السريع للنجوم حول جسم مركزي غير مرئي هو وجود ثقب أسود في هذا المركز يتمتّع بجاذبية شديدة بما يكفي لتحافظ على مدار النجوم. اكتشف العلماء الثقب الأسود الدجاجة إكس 1 من خلال رصد قرصه التراكمي، الذي نما بامتصاص المواد من نجم مرافق قريب. ظهر هذا القرص التراكمي بوضوح في صور الأشعة السينية.

اقرأ أيضاً: أين يقع أقرب ثقب أسود إلى الأرض؟ إليك ما اكتشفه علماء الفلك

في حين ليس هناك ما يدعو للخوف من أن الثقب الأسود في مركز مجرة درب التبانة سيتوسع ويلتهم المجرة بأكملها، يستطيع العلماء تعقب الثقوب السوداء المارقة في أثناء تحركها عبر الكون. سيرصد تلسكوب نانسي غريس رومان الفضائي الثقوب السوداء من خلال البحث عن علامات انحناء ضوء النجوم في طريقه إلى الأرض بفعل الثقوب السوداء التي تقع بين التلسكوب وهذه النجوم البعيدة، وستطلق وكالة ناسا هذا التلسكوب في عام 2027. سيمثل الضوء المنحرف مؤشراً على وجود الثقوب السوداء.

المحتوى محمي