تلسكوب جيمس ويب الفضائي ينجح في تحديد أول كوكب خارجي في مهمته

4 دقائق
تلسكوب جيمس ويب الفضائي ينجح في تحديد أول كوكب خارجي في مهمته
رسم توضيحي للكوكب الخارجي ""إل إتش إس 475 بي" ونجمه. ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية، إل.هوستاك (معهد مراصد علوم الفضاء).

بعد إطلاقه في أواخر عيد الميلاد عام 2021، لا يزال تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) يبهرنا كل يوم ببياناته واكتشافاته الجديدة، وكان آخر ما اكتشفه المرصد متعدد المرايا كوكب خارجي جديد يُدعى "إل إتش إس 475 بي" (LHS 475 b)، ويبعد عن الأرض 41 سنة ضوئية فقط ويقع في كوكبة "أوكتان" وحجمه مقارب لحجم كوكب الأرض تقريباً.

تأكيد وجود كوكب "إل إتش إس 475 بي" الخارجي

بعد مراجعة الأهداف المثيرة للاهتمام التي حددها القمر الصناعي المصمم للبحث عن الكواكب الخارجية العابرة (TESS) والتابع لوكالة ناسا، استخدم فريق من مختبر الفيزياء التطبيقية (APL) في جامعة جونز هوبكنز في ميريلاند تلسكوب جيمس ويب الفضائي لتأكيد وجود كوكب "إل إتش إس 475 بي" الخارجي. وقد أفاد الفريق بأن الأمر لم يستغرق سوى عبورين للكوكب أمام نجمه كي يراه مطياف الأشعة تحت الحمراء القريبة في تلسكوب جيمس ويب (NIRSpec) بوضوح. يقول عالم الفلك والبيولوجيا الفلكية في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة هوبكنز، جاكوب لوستيج ييغر، في بيان: «لم يكن هناك شك في أن هذا الكوكب موجود، ولكن بيانات جيمس ويب عالية الجودة أكدت ذلك».

اقرأ أيضاً: تلسكوب جيمس ويب يعيد إنشاء صورة «لحفلة نجمية»

ويضيف عالم الفلك من مختبر الفيزياء التطبيقية أيضاً، كيفن ستيفنسون، في البيان نفسه: «من المثير للإعجاب حقاً أن المرصد تمكن من التقاط كوكب صخري صغير بهذه السهولة».

يستطيع تلسكوب جيمس ويب الفضائي معرفة تركيب الغلاف الجوي للكواكب الخارجية التي يماثل حجمها حجم الأرض، لذلك حاول الفريق دراسة الغلاف الجوي لكوكب "إل إتش إس 475 بي" من خلال تحليل طيف العبور للكوكب الخارجي. وفقاً لوكالة ناسا، عندما يمر ضوء النجوم عبر الغلاف الجوي لكوكب ما، يمتص غلافه الجوي جزءاً منه، ويمر جزء آخر خلاله. تتوافق الخطوط المظلمة والنطاقات الخافتة للضوء في طيف العبور مع وجود ذرات وجزيئات معينة موجودة في الغلاف الجوي للكوكب، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضاً استنتاج كثافة ودرجة حرارة الغلاف الجوي من خلال معرفة كمية الضوء الذي يمر عبره.

رسم بياني لطيف العبور لأول كوكب خارجي يؤكد وجوده تلسكوب جيمس ويب الفضائي، ويُظهر الموجات الضوئية والنقاط التي تم إنشاؤها من بيانات وكالة ناسا وجامعة جونز هوبكنز.
كما يتضح من طيف العبور هذا، أن تلسكوب جيمس ويب لم يكتشف أي عناصر أو جزيئاتٍ على كوكب "إل إتش إس 475 بي" الخارجي. تتوافق البيانات (النقاط البيضاء) مع طيف عديم الملامح يعبّر عن كوكب يفتقر إلى غلاف جوي (النقاط الصفراء)، ويمثل الخط الأرجواني غلافاً جوياً مكوناً من ثاني أوكسيد الكربون فقط ولا يمكن تمييزه عن الخط المسطح عند المستوى الحالي من الدقة، بينما يمثل الخط الأخضر غلافاً جوياً يحتوي على الميثان فقط، وذلك غير مرجح لأنه لو كان موجوداً بالفعل لكان قد حجب المزيد من ضوء النجم عند الطول الموجي 3.3 ميكرون. رسم توضيحي: ناسا، وكالة الفضاء الأوروبية، وكالة الفضاء الكندية، إل.هوستاك (معهد مراصد علوم الفضاء)، ساينس: ستيفنسون، لوستيج ييغر، ماي (مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز)، جي. فو (جامعة جونز هوبكنز)، وإس مارون (جامعة أريزونا).

وقد استنتج الفريق من بيانات طيف العبور للكوكب الخارجي أنه عالم صخري بحجم بالأرض وغير مغطى بالماء، ولكن من غير المؤكد ما إذا كان له غلاف جوي.

تقول عالمة الفيزياء الفلكية في مختبر الفيزياء التطبيقية، إيرين ماي، في بيان: «بيانات المرصد مذهلة، التلسكوب حساس جداً إلى درجة أن بمقدوره اكتشاف مدى واسع من الجزيئات، لكن لا يمكننا استخلاص أي استنتاجات نهائية حول الغلاف الجوي لكوكب "إل إتش إس 475 بي" حتى الآن».

ولكن الفريق يستطيع بالفعل استبعاد بعض الاحتمالات حول هذا الكوكب. يقول لوستيج ييغر في هذا الصدد: «يمكننا استبعاد وجود أجواء أرضية للكوكب، حيث لا يمكن أن يكون له غلاف جوي كثيف يسود فيه غاز الميثان على غرار الغلاف الجوي لقمر زحل "تيتان"».

اقرأ أيضاً: تلسكوب جيمس ويب الفضائي يرصد نجماً في طور التشكّل

ما انعكاسات ذلك على دراسة الكواكب الخارجية؟

في حين أنه من المحتمل ألا يكون للكواكب الخارجية غلاف جوي، لم يتم استبعاد بعض الظروف البيئية، مثل أن يكون للكوكب غلاف جوي مكون من غاز ثاني أوكسيد الكربون فقط، حيث يقول لوستيج موضحاً: «على عكس ما قد يكون بديهياً، يصعب اكتشاف الغلاف الجوي إذا ما كان مؤلفاً من غاز ثاني أوكسيد الكربون فقط لأنه سيكون مضغوطاً جداً». يتطلب التمييز بين وجود غلاف جوي مكون بالكامل من غاز ثاني أوكسيد الكربون أو عدم وجود غلاف جوي بالمطلق قياسات أكثر دقة يتوقع الفريق الحصول عليها هذا الصيف.

كشف تلسكوب جيمس ويب أيضاً أن كوكب "إل إتش إس 475 بي" أكثر دفئاً من الأرض. إذا اُكتشفت الغيوم أيضاً على الكوكب، فقد يكون أشبه بكوكب الزهرة الذي يتمتع بغلاف جوي من غاز ثاني أوكسيد الكربون فعلاً. كما يتضح من خلال منحنى الضوء الدقيق لمطياف الأشعة تحت الحمراء القريبة في تلسكوب جيمس ويب أن الكوكب يكمل مداره في يومين فقط.

تفتح الاكتشافات، كتلك التي حققها تلسكوب جيمس ويب، الاحتمالات للعثور على كواكب خارجية بحجم الأرض تدور حول نجوم قزمة حمراء أصغر حجماً. يقول ستيفنسون في هذا الشأن: «إن تأكيد وجود الكوكب الصخري يسلّط الضوء على دقة أدوات المهمة».

اقرأ أيضاً: تلسكوب جيمس ويب الفضائي يواصل إذهالنا بإرسال مجموعة كبيرة من البيانات الكونية

لقد أكدت ناسا، بالإضافة إلى كوكب "إل إتش إس 475 بي"، وجود أكثر من 5 آلاف كوكب خارجي باستخدام العديد من أدوات البحث في الفضاء السحيق، وتختلف هذه الكواكب فيما بينها إلى درجة كبيرة، حيث يشبه بعضها كوكب المريخ الصخري، وبعضها الآخر يشبه عمالقة الغاز الشبيهة بالمشتري، ويدور بعضها حول نجمين في الوقت نفسه، بينما يدور بعضها الآخر حول نجوم ميتة منذ زمن طويل. من المرجح وجود مئات مليارات الكواكب الخارجية في مجرة درب التبانة وحدها، وسيكون بمقدور تلسكوب جيمس ويب إخبار العلماء بالمزيد عن هذه العوالم الأخرى.

يقول لوستيج أخيراً: «لم نعرف إلا القليل حول طبيعة الغلاف الجوي للكوكب حتى الآن، ولكن ذلك ليس سوى أول اكتشاف من بين العديد من الاكتشافات التي سيسمح التلسكوب بتحقيقها في المستقبل. لقد أصبحت الكواكب الخارجية الصخرية حدودنا الجديدة بفضل هذا التلسكوب».

المحتوى محمي