خلف الشمس: رصد رقصة ثنائية بين ثقبين أسودين

2 دقائق
المصدر: وكالة ناسا

في أوائل القرن العشرين؛ وجد الفيزيائي  ألبرت آينشتاين؛ أن إحدى نتائج نظريته النسبية العامة تفترض وجود ثقب أسود. فحين يصل عمر نجم ما إلى نهايته، وتتلاشى طاقته، يبدأ في مرحلة الانهيار، ثم الانفجار، ثم يتحول إلى ثقب أسود. لكن آينشتاين الذي صاغ النظرية؛ شكَّ في وجود الثقوب السوداء، لكن في العام المنصرم امتلكنا أول صورة لثقب أسود، بعد سنوات من الرصد والتحليل، ونمتلك الآن رقصة ثنائية بين ثقبين أسودين.

ثقب يحوم حول آخر

الثقب الأسود لا يقف ثابتاً في الفضاء، يمكن أن يكون نشط جداً في تحركاته. ونظراً لأنه مظلم تماماً فلا يمكن ملاحظته بشكل مباشر، وليس من السهل دراسته. لكن اكتشف العلماء أخيراً التوقيت الدقيق لرقصة معقدة بين ثقبين أسودين هائلين، وعثروا على تفاصيل خفية حول الخصائص الفيزيائية لهذه الأجسام الكونية الغامضة.

في مجرة «OJ 287» يقبع واحد من أكبر الثقوب السوداء التي عٌثر عليها على الإطلاق، تزيد كتلته عن كتلة شمسنا بمقدار 18 مليار مرة، ويدور هذا العملاق حول ثقب أسود آخر لكن أقل منه كتلة، ولكن لا يزال عملاقاً وتزيد كتلته عن كتلة الشمس بحوالي 150 مليون مرة.

العلماء وجدوا أن الرقصة الثنائية تحدث مرتين كل 12 عاماً، يتحطم الثقب الأسود الأصغر من خلال قرص الغاز الهائل المحيط بالآخر الأكبر، مما يخلق وميضاً من الضوء أكثر سطوعاً من تريليون نجمة، وأكثر إشراقًا؛ حتى من مجرة ​​درب التبانة بأكملها. ويستغرق هذا الضوء 3.5 مليار سنة للوصول إلى الأرض.

الكون يتسع للرقص 

نظراً لأن مدار الثقب الأسود الأصغر مستطيل، وليس دائرياً، وغير منتظم؛ فهو يغير من دورانه حول الثقب الأسود الأكبر؛ ويميل أكثر إلى الدوران حول قرص الغاز للثقب الكبير، وحين يتحطم الثقب الأسود الأصغر عبر القرص، فإنه يخلق فقاعتين من الغاز الساخن ينتقلان بعيداً عن القرص في اتجاهين متعاكسين.

استغرقت محاولات العلماء في نمذجة المدار والتنبؤ بموعد حدوث التوهجات عقوداً، ولكن في عام 2010  ابتكر العلماء نموذجاً يمكن أن يتوقع حدوثه في غضون أسبوع إلى ثلاثة أسابيع تقريباً، وأظهروا أن نموذجهم كان صحيحاً من خلال التنبؤ بمظهر التوهج في ديسمبر/كانون الأول 2015 في غضون ثلاثة أسابيع.

رصد الحدث تلسكوب سبيتزر وهو مرصد الأشعة تحت الحمراء؛ والذي خرج عن الخدمة في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، وهو التلسكوب الوحيد الذي اكتشف وميضاً بعيداً من الضوء يحمل أدلة حول الخصائص الفيزيائية لهذه الألغاز الكونية.

سبيترز: التلسكوب الطائر 

كان من المستحيل رصد الرقصة الثنائية بين الثقبين من الأرض، نظراً لأن مجرة «OJ 287»  كانت على الجانب الآخر من الشمس، وبعيداً عن جميع التلسكوبات على الأرض أو حتى في مدار الأرض، تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأميركية ناسا، حلق في الفضاء وعلى بعد 254 مليون كيلومتر من الأرض، ليتمكن من رصد الحدث.

لا يزال علماء الفلك يواصلون تحليل بيانات تلسكوب سبيترز عبر ارشيف بيانات سبيترز الموجود في أرشيف علوم الأشعة تحت الحمراء الموجود في مركز العلوم والبيانات للفيزياء الفلكية وعلوم الكواكب في أميركا. وأدار مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا عمليات مهمة سبيتزر.

المحتوى محمي