يزداد الفضاء -آخر مكان تصل إليه الحضارة البشرية- ازدحاماً يوماً بعد يوم. وفقاً لاتحاد العلماء المهتمين (UCS)، فهناك حالياً ما يقرب من 5500 قمر صناعي في المدار، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد في السنوات القليلة القادمة. على وجه الخصوص، تخطط الشركات الخاصة لإطلاق أقمار صناعية للاتصالات بمعدل غير مسبوق. لذلك قامت ثلاث من أكبر الشركات في هذا المجال، وهي: سبيس إكس ووان ويب وإيريديوم، بإصدار دليل مشترك لأفضل ممارسات السلامة في المدار. فإذا كنت تخطط لإرسال القمر الصناعي الخاص بك أو كنت تشعر بالفضول فقط لمعرفة متطلبات السلامة للقيام بذلك، فتابع القراءة.
المبادئ التوجيهية التي وضعتها الشركات الفضائية الكبرى لإطلاق الأقمار الصناعية
وضعت الشركات الثلاث المبادئ التوجيهية وتم دعمها من المعهد الأميركي للملاحة الجوية والفضائية (AIAA). وفقاً لاتحاد العلماء المهتمين، فإن سبيس إكس هي أكبر مشغل للأقمار الصناعية حتى الآن، إذ تمتلك الشركة عدداً ضخماً من الأقمار الصناعية يصل إلى 2219 قمراً صناعياً في المدار كجزء من كوكبة أقمارها الصناعية "ستارلينك"، لتتفوق بذلك على أي جهة أخرى تمتلك الأقمار الصناعية، بما في ذلك وكالة ناسا (73 قمراً صناعياً) والقوات الجوية الأميركية (95 قمراً) والجيش الروسي (73 قمراً). بينما تأتي شركة ون ويب، وهي مشغل أقمار اتصالات للإنترنت، في المرتبة الثانية بـ427 قمراً صناعياً في المدار، وتحتل شركة إيريديوم، وهي شركة لخدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، المرتبة الثالثة بـ75 قمراً صناعياً قادرة على تغطية كوكب الأرض على الرغم من أن خدمات المكالمات الصوتية والنصية تتطلب عرض نطاق ترددي أقل بكثير من خدمات اتصالات الإنترنت المتكاملة.
اقرأ أيضاً: عودة البشر إلى القمر: بدء العد التنازلي لمهمة أرتميس 1
تشرح الشركات الثلاث مبررات طرح أفضل الممارسات في مقدمة الدليل، قائلة إنها تريد استباق اللوائح التي من شأنها تقييد هذه الممارسات كثيراً. يشرح التقرير: «نظراً لتسارع الابتكارات التي تحدث في قطاع الفضاء، تتحمل الحكومات مسؤولية وضع الهياكل التنظيمية المناسبة التي تواكب هذه الابتكارات وتشجّعها. ولكي تكون هذه اللوائح فعّالة، يجب أن تحقق توازناً ملائماً يحافظ على عمليات مستدامة في الفضاء دون خنق الابتكار أو إعاقة التطبيقات الجديدة التي تعود بالفائدة على الناس والحكومات». (بعبارة أخرى، يريدون ضمان استمرار ما يقومون به الآن).
تتوزع أفضل الممارسات المقترحة على أربع مراحل: وقت التصميم (A)، وقبل الإطلاق والمدار الأولي (B)، وفي المدار (C)، وأخيراً مرحلة التخلص من القمر الصناعي (D). تحتوي كل مرحلة على عدد من الممارسات الرئيسية التي يجب على مشغلي الأقمار الصناعية الالتزام بها على أفضل وجه.
في مرحلة وقت التصميم، تركز المبادئ التوجيهية على إعداد القمر الصناعي لعملية إطلاق آمنة إلى المدار واختيار الوقت المناسب لها. يقترح الدليل ثلاث ممارسات رئيسية: "الأخذ بعين الاعتبار التدابير المناسبة لتجنب الاصطدام (CA)" عند اختيار المدار، والتأكد من أن معدات القمر الصناعي مناسبة للمهمّة التي سيقوم بها، والتأكد من أن البرمجيات التي تشغل القمر الصناعي مناسبة ويمكن التحكم بها من الأرض أيضاً.
في مرحلة ما قبل الإطلاق والمدار الأولي، تركز المبادئ التوجيهية في معظمها على التأكد من معرفة الشركات الفضائية الأخرى بما تقوم به، وتجنب الاصطدام بقمر صناعي آخر في المدار عن طريق الخطأ أو حتى الاصطدام بمركبة فضائية مأهولة. تشمل الممارسات الثلاث المقترحة في هذه المرحلة إخبار شركات الفضاء الأخرى والمجتمع العالمي بخطط الإطلاق الخاصة بك مسبقاً، والحرص على الابتعاد عن الأماكن المأهولة بالإضافة للعمل مع منظمة "فهرسة" لتتبع مراحل العمل في مرحلة الإطلاق والمدار الأولي الخاصة بك.
اقرأ أيضاً: ماذا تتضمن خطة ناسا للتحول إلى الأقمار الصناعية الخاصة؟
التركيز على سلامة الأقمار الصناعية في المدار ورحلة الخروج من الخدمة
بعد أن يصبح القمر الصناعي في الفضاء، تركز المبادئ التوجيهية في مرحلة وجوده في المدار على الحفاظ على متطلبات السلامة. مجدداً، تجنب الاصطدام بالأجسام الفضائية الأخرى. تشمل الممارسات المُوصى بها إبقاء الجميع على اطلاع دائم بما يقوم به القمر الصناعي الخاص بك، وإجراء تقييمات مخاطر الاصطدام بشكلٍ مستمر، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة عندما تكون هناك مخاطر عالية للتصادم.
أخيراً، تتعلق إرشادات مرحلة التخلص من القمر الصناعي بضمان إمكانية إيقاف تشغيله بأمان بعد اكتمال مهمته. هناك مساحة محدودة في المدار، لذلك يجب عدم ترك الأقمار الصناعية المتوقفة عن العمل هناك. لتحقيق ذلك، هناك ممارسة واحدة فقط من أفضل الممارسات، وهي الإدارة الفعّالة والسريعة لإخراج القمر الصناعي الذي انتهت خدمته من مدار الأرض المنخفض.
تختلف المبادئ التوجيهية كلياً عن القوانين التي يجب على الجميع الالتزام بها بالطبع. لقد تعرضت شركة سبيس إكس على وجه الخصوص لانتقادات واسعة بسبب عدد الأقمار الصناعية الضخم التي تخطط لإطلاقها (والتي أطلقتها بالفعل). يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه المحاولة للتنظيم الذاتي كافية لثني الدول الفردية عن إنشاء ما يطلق عليه التقرير "مزيجاً مربكاً من القواعد غير المتسقة".