ربما نكون قد تسببنا عن غير قصد بتشكيل فقاعة واقية حول الأرض

3 دقائق
قد تدفع موجات الراديو الضالة جزءاً من أحزمة فان آلين الإشعاعية بعيداً عن الأرض، وهذا يمثل خبراً ساراً لأقمارنا الاصطناعية؛ فالجسيمات عالية الطاقة التي تقع في أسر هذه الأحزمة يمكنها أن تدمر المعدات الكهربائية للمركبات الفضائية.

عندما تريد قوات البحرية إرسال رسالة إلى غواصة تحت الماء، فهي تستخدم في بعض الأحيان موجات راديوية ذات ترددات منخفضة جداً (VLF). تتميز هذه الأمواج الطويلة التي يتم بثها من أبراج كبيرة مشيدة على الأرض، بقدرتها الفريدة على الانتقال عبر المياه المالحة. ولكن بعضاً منها تنتهي به الرحلة في الفضاء بدلاً من ذلك. وبعد أن تصل هناك، ربما تعمل – وفقاً لتقرير جديد – على تشكيل فقاعة واقية حول الغلاف الجوي للأرض.

يأتي هذا الاكتشاف من مسباري فان آلين، وهما المركبتان الفضائيتان، اللتان منذ انطلاقتهما في العام 2012، تقومان بجولات دورية ضمن الأحزمة الإشعاعية المحيطة بالأرض. أحزمة فان آلين الإشعاعية هي مناطق ضمن المجال المغناطيسي للأرض حيث تتراكم فيها جسيمات مشحونة قادمة من الشمس. يمكن لهذه البروتونات والإلكترونات ذات الطاقة العالية أن تدمر الإلكترونيات الخاصة بالأقمار الاصطناعية، وهو مصدر قلق دائم لأن الأحزمة لا تبقى في مكان واحد على الدوام.

يقول فيل إريكسون، وهو عالم فيزياء البلازما الفضائية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT: "تقتضي الحكمة التقليدية أن تلك الحافة الداخلية للحزام الخارجي، تتحرك إلى حد ما نحو الداخل والخارج مع نمو وتقلص طبقات الغلاف الجوي، خاصة طبقتي الغلاف الأيوني، والغلاف البلازمي للأرض". ولكن عمليات الرصد القادمة من مسباري فان آلين أظهرت أن الأمواج الراديوية ربما تلعب أيضاً دوراً في تحديد موقع الأحزمة الإشعاعية.

خلال عاصفة جيومغناطيسية شديدة هبت في العام 2015، صدمت عاصفة شمسية هائلة الغلاف البلازمي بشدة، ولكن حزام فان آلين الخارجي وعلى نحو مفاجئ لم يقترب قيد أنملة باتجاه الأرض. يقول إريكسون: "تراجعت طبقة البلازما ولكن الحزام لم يتقدم خلفها". ولكن زملائه في الفريق لاحظوا أمراً آخر: "الحد الذي تقف عنده هذه الإشارات الراديوية القوية جداً، هو نفس المكان الذي تتوقف فيه الإلكترونات عن الاقتراب باتجاه الأرض".

بالإضافة إلى ذلك، تشير البيانات المستمدة من ستينيات القرن الماضي، إلى أن الحدود الداخلية للحزام كانت أقرب إلى الأرض عندما كان عمليات بث الأمواج VLF أقل شيوعاً. يعتقد الفريق أن ما يجري في يومنا هذا، هو أنه عندما تندفع الإلكترونات من إحدى العواصف الشمسية مقتربةً من الأرض، فإنها تنحرف بفعل أمواج VLF، التي تخرجها عن مسارها وتدفعها باتجاه الغلاف الجوي، حيث تتشتت في نهاية الأمر.

يقول إريسكون: "خلال الفترة الممتدة بين الساعات الأولى وحتى بضعة أيام على قدوم عاصفة شمسية، يبدو أن الأمواج تقوم بإيقاف الإلكترونات عن الاقتراب أكثر". ويتابع: "إذا انتظرت أكثر، فسوف تزداد القصة تعقيداً، لأنها تنتشر بشكل تدريجي. ولكنها تشير إلى أنه إذا كان قمرك الاصطناعي على ارتفاع قريب من 2.8 نصف قطر الأرض (حوالي 15,000 ميل، أو 24,140 كيلومتر)، ربما ليس هناك داع للقلق بشأنه بقدر ما كنا نعتقد".

في وقت ما خلال هذا العام، يخطط سلاح الجو الأمريكي لإطلاق القمر الاصطناعي DSX، الذي سيختبر جدوى استخدام أمواج FLV لتحويل مسار الإشعاعات الكونية. إن كانت النتائج إيجابية، فقد تتمكن البشرية من تسخير هذه الأمواج لكي تساعدنا في الوقاية من الانفجارات الشمسية التي تطلق إلى النظام الشمسي سحباً عملاقة من الجسيمات المشحونة.

لكي نكون واضحين، لا تزال الانبعاثات الإكليلية الهائلة، والعواصف الفائقة تشكل تهديداً نادراً ولكنه خطير على الحضارة البشرية. لا تحمينا موجات VLF من البروتونات التي تحملها الرياح الشمسية، والتي تعد ثقيلة جداً بالنسبة لهذه الأمواج لكي تتمكن من حرف مسارها، أو من أية مشاكل كهربائية قد تنجم عن حدوث اندفاعات كبيرة صادرة عن الشمس. يقول إريكسون: إن البحث الجديد "لا يقول إننا يجب ألا نقلق" بشأن العواصف الشمسية الفائقة. "بل يخبرنا بأن لدينا الكثير لنتعلمه عن ماهية التأثيرات التفصيلية الناجمة".

حتى الآن، لم يتسنّ له ولزملائه الفرصة بعد لكي يروا مستوى أداء الموجات VLF خلال عاصفة فائقة، فأقصى ما يمكنهم فعله هو أخذ النتائج الحالية والاستقراء بناءً عليها لتخمين ما الذي قد يحدث خلال عواصف أشد من ذلك. يقول إريكسون: "يمكن لموجات VLF أن تبقى صامدة، ولكن ذلك تخمين من قبلي. فالأمر لا يزال قيد البحث".

في المرحلة القادمة، يأمل إريكسون وزملاؤه بدراسة المزيد عن هذه الظاهرة، لمعرفة المزيد عن كيفية تصرف هذه الحدود خلال الطقس الفضائي العادي، لمعرفة ما إذا كانت تكرر هذا السلوك خلال العواصف الشمسية الأخرى، ومعرفة ما الذي يمكنه أن يجعلها أكثر ضعفاً أو قوة.

تم نشر النتائج في مجلة Space Science Reviews كجزء من دراسة أكبر تبحث في التأثيرات التي يتسبب بها البشر على الطقس الفضائي.

المحتوى محمي