إذا تمكن الجنس البشري من إقامة مستوطنة على المريخ، سيكون هناك الكثير من الأمور المختلفة. حيث ستكون الجاذبية أقل، ونسبة الأوكسجين أقل، واحتمال الموت عند الخروج بدون بدلة فضائية أعلى بكثير. ولكن على الأقل، هناك شيء واحد ربما لن يتغير: إذا أحضرنا معنا فئراناً إلى المريخ، فعلى الأرجح أننا سنعاني من آفات الفئران.
وفقاً لدراسة نشرت حديثاً في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences أو PNAS اختصاراً، فقد تمكن باحثون من استيلاد أفراخ فئران سليمة على الأرض، وذلك باستخدام سائل منوي مجفف ومجمد على متن محطة الفضاء الدولية لتسعة أشهر. تعني هذه النتائج أن الحيوانات، بما فيها البشر، قد تتمكن يوماً ما من التكاثر في الفضاء.
لا تشكل هذه النتائج مفاجأة كبيرة. فقد تمكن رواد فضاء أمضوا فترات طويلة في الفضاء من إنجاب أطفال. ويمكن للمتعضّيات الدقيقة أن تتحمل الظروف القاسية خارج محطة الفضاء الدولية لأكثر من سنة، وتحافظ على حياتها. وبما أن السائل المنوي أكثر حساسية لهذه الظروف، فقد تم حفظه في هذه الدراسة بشكل جيد بالمقارنة مع ظروف أخرى، وذلك بتخزينه داخل المحطة في مجمد. وعلى الرغم من هذا، تتعرض محطة الفضاء الدولية لجرعة يومية من الإشعاعات أشد مما يوجد على الأرض بمائة ضعف، وهو ما قد يتسبب بالكثير من المشاكل.
وبالفعل، يبدو أن السائل المنوي الفضائي تعرض إلى ضرر في الحمض النووي أكثر بقليل من العينات المشابهة المخزنة على الأرض. ولكن يشك الباحثون أن الحمض النووي تم إصلاحه أثناء تشكل الجنين. وذلك لأنه أمكن بواسطة التلقيح الاصطناعي بهذا السائل المنوي استيلاد أفراخ فئران سليمة وبصحة جيدة، وقد كبرت وأنجبت بدورها أفراخاً سليمة أيضاً.
تشير النتائج إلى أننا قد نتمكن يوماً من استيلاد الحيوانات في الفضاء (تخيلوا كم سيكون اللحم الفضائي لذيذاً). غير أن تضرر السائل المنوي قد يكون أخف المشاكل المتعلقة بالتكاثر في الفضاء. من يدري ما سيكون تأثير الجاذبية شبه المعدومة على التلقيح، أو الحمل، أو تطور الجنين، أو عملية الولادة؟ سنحتاج إلى الكثير من الوقت قبل أن نتمكن من إنجاب أطفالنا الفضائيين.