ستيفن هوكينغ يقول إن أمامنا 100 عام لنستوطن كوكباً جديداً، أو أن نموت. فهل سنتمكن من فعلها؟

3 دقائق
ربما يكون تأسيس حياة على المريخ أصعب من إصلاح كوكبنا الأرضي. ناسا

يعود إلينا ستيفن هوكينغ من جديد بتنبؤات تشاؤمية. حيث يحذر هذا الفيزيائي النظري المرموق من أن البشرية بحاجة لتتحول إلى نوع يعيش على كواكب متعددة خلال القرن المقبل، إن كنا لا نريد مواجهة مصير الانقراض. في العام الماضي، تنبأ هوكينغ بأن ما تبقى لنا على الأرض لا يتعدى ربما الـ 1,000 عام، وأن مصدر الإلهام الذي استمد منه هذا الجدول الزمني الذي أصبح ملحاً في الآونة الأخيرة غير واضح، باستثناء حقيقة أن الفيلم الوثائقي الجديد لهوكينغ عن استيطان المريخ سيرى النور قريباً.

للتأكد من ذلك، تواجه الأرض عدد من المشكلات الكبيرة، بما في ذلك التغير المناخي، الاكتظاظ السكاني، الأوبئة، واصطدام الكويكبات بها. ولكن قبل أن نهرب من هذا الكوكب كما يقفز البطل في أحد الأفلام خارجاً من الانفجار، دعونا نفكر في هذا الأمر للحظة. بالتأكيد، سيكون من الرائع وجود حضارة بديلة في مكان ما في حال تسببت الكويكبات بالقضاء على كافة أشكال الحياة على الأرض. وسيكون واحداً من أكثر الأشياء التي حققتها البشرية إثارة في تاريخها. ولكن ما الذي يتطلبه تحقيق هذا الأمر فعلياً؟

العثور على موطن جديد للبشرية

يبدو المريخ خياراً واضحاً إلى حد ما لأنه يقع في الجوار، ولكنه ليس الإصدار الجديد من الأرض. في الحقيقة، يمكن القول إنه أسوأ بكثير من الأرض. فلديه تربة سامة، وهو شديد البرودة، وهواؤه ليس صالحاً للتنفس البشري. من المرجح لأية مستعمرة مريخية أن تعتمد على حزم الرعاية الاعتيادية القادمة من الأرض، والذي لن يبق حلاً ناجعاً إذا انتهى أمر الأرض.

إذا كنا نريد حقاً العثور على كوكب مثالي بعيداً عن أرضنا، فقد نتطلع إلى أنظمة نجمية أخرى: فمع مليارات الكواكب الموجودة في درب التبانة، هناك فرصة جيدة بأن يمتلك بعضها الماء، واليابسة الصالحة للزراعة، والهواء الصالح للتنفس. ولكننا حتى الآن لم نعثر على توأم للأرض، ولا تمتلك تلسكوباتنا مستويات الدقة القادرة على إعلامنا بشكل تفصيلي عما يبدو عليه أي من الكواكب الخارجية. إضافة إلى أن الأمر قد يستغرق منا مئات السنين للوصول إلى ذلك الكوكب المنشود، وإن لم يفارق أولئك الركاب الحياة أثناء الرحلة، فمن المرجح لهم أن يتطوروا إلى نوع جديد قبل يصلوا حتى إلى كوكبهم الجديد.

إرسال ما يكفي من البشر

سنحتاج لإرسال أعداد كبيرة من البشر إلى عوالم أخرى لكي نضمن بقاء الجنس البشري. إن المستعمرات الصغيرة معرضة لحدوث شذوذات جينية نتيجة تزاوج الأقارب، وهي عرضة للهلاك جرّاء الحوادث. من المرجح أن تحمل بعثات ناسا إلى المريخ ما يصل إلى 6 أشخاص فقط في الرحلة الواحدة. ترغب شركة سبيس إكس بتطوير نظام للنقل بين الكواكب لتوصيل 100 مستوطن مريخي في الرحلة الواحدة، ولكن تصورها عن هذا النظام في الوقت الراهن لا يتعدى التفكير بمركبات تخيلية ضخمة.

يشكل التنقل بين النجوم تحدياً أكثر صعوبة مما تتطلع إلى تحقيقه سبيس إكس، لأننا لا نملك حتى مركبة فضائية تخيلية قادرة على إعالة آلاف من الأشخاص لمئات السنين في رحلة طويلة بين النجوم.

وفي كلتا الحالتين، هناك دائماً السؤال الذي يحمل بعداً سياسياً: من الذي سيذهب ومن سيبقى؟ هل يُترَك الفقراء والمحرومون من الناس على كوكب يتحول إلى جحيم؟

هل يمكننا أن نحول المريخ إلى كوكب يشبه الأرض؟
مركز غودارد للرحلات الفضائية التابع لناسا

ما معنى أن نفعل ما يحلو لنا على الكوكب الجديد؟

إن كنا نريد حقاً لفرصنا في الحياة أن تزدهر على كوكب آخر، سيتوجب علينا على الأرجح أن نتكيف مع بيئته لكي تتلاءم مع احتياجاتنا. بالتأكيد، قد نكون قادرين على استصلاح المريخ، ولكن الأمر قد يتطلب 100,000 عام لكي يصبح غلافه الجوي صالحاً للتنفس. نأمل ألا تتعجل في الخروج إلى الهواء الطلق بدون قناع غازي في المستقبل القريب.

دفع الأموال اللازمة لتحقيق ذلك

يتوقع أن تصل كلفة رحلة ناسا إلى المريخ إلى 15 تريليون دولار أميركي. وهي قيمة التكاليف اللازمة للرحلة التي تحمل أطقم المسافرين الأوائل. بعد ذلك، من المرجح لعمليات الإطلاق التي ستحمل المستوطنين والإمدادات إلى المستعمرة أن تكلف مئات الملايين من الدولارات للرحلة الواحدة.

وتبدو خطة سبيس إكس لبناء نظام للنقل بين النجوم رائعة، إلا أن مديرها التنفيذي "إيلون ماسك" كان منفتحاً للغاية بشأن الإعلان عن أن الشركة ليس لديها فكرة عن كيفية تمويل مثل هذه السفينة الهائلة.

ومن سيتكفل تحديداً بتمويل مشروع استيطان المريخ؟ ما الذي يجعل الحكومة الأمريكية تنفق كل تلك الأموال لإقامة مستعمرة؟ ما النفع الذي ستعود به علينا، بصرف النظر عن كونها توفر فرصاً أفضل لبقاء جنسنا البشري؟ هل ستنتج مستعمرة المريخ مخرجات قيّمة، إضافة إلى الاكتشافات العلمية (المذهلة بلا شك) التي يمكن أن تتحقق بفضل وجودها؟ بالتأكيد، هناك البعض من سكان الأرض الأثرياء يرغبون بدفع ملايين الدولارات مقابل كل رحلة، والإقامة على كوكب فضائي غريب، ولكن غالبية الناس الراغبين بالذهاب إلى الكوكب الأحمر، يأملون بالعودة إلى الأرض بعد ذلك.

حل المشاكل التي تقضي على الأرض

لدى التاريخ ميل لتكرار نفسه، فحتى لو نجحنا بالفعل باستيطان كوكب آخر، ما يزال يتعين علينا حل كافة المشاكل التي تواجهها أرضنا حالياً. من المحتمل أن تتسبب تقاناتنا نفسها بتدمير البيئة على الكواكب الأخرى، وقد تتسبب الأوبئة والكويكبات بالقضاء على مستوطنة مريخية بشكل أكثر سهولة بكثير من إمكانية القضاء على سكان الأرض بأكملهم.

إن الغاية الأساسية من العرض التلفزيوني الذي يروج له ستيفن هوكينغ هي تسليط الضوء على براعة الإنسان في التغلب على تحديات استيطان المريخ. حسناً، بالتأكيد إن كنا نستطيع معرفة كيفية البقاء على كوكب فضائي غريب عنا كلياً، عندها يمكننا أن نعرف كيفية البقاء على أرضنا الأم، والذي ربما يكون أكثر سهولة وأقل تكلفة بكثير من البدائل الأخرى.

المحتوى محمي