صور جديدة مذهلة للشمس من أكبر تلسكوب شمسي في العالم

صور جديدة مذهلة للشمس من أكبر تلسكوب شمسي في العالم
ترتفع المواد الشمسية الساخنة (البلازما) عبر المراكز الساطعة "للخلايا" المحيطة، ثم تبرد وتهبط تحت السطح عبر ممرات مظلمة ضمن عملية تحمل اسم الحمل الحراري. مصدر الصورة: مؤسسة العلوم الوطنية/وكالة ناسا/المرصد الوطني الشمسي. معالجة الصورة: فريدريش فوغر (المرصد الوطني الشمسي)، كاثرين فيشر (المرصد الوطني الشمسي). مصدر المعلومات العلمية: فيليب ليندر، معهد لايبنتس لفيزياء الشمس.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أصدر تلسكوب دانييل إينوي الشمسي (Daniel K. Inouye Solar Telescope) التابع لمؤسسة العلوم الوطنية صوراً جديدة جميلة للشمس في الوقت المناسب لقدوم الأيام المليئة بالضوء قبل الانقلاب الصيفي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. تبيّن الأرصاد التي أجراها هذا التلسكوب الذي يعد أكبر وأكفأ تلسكوب شمسي في العالم حركة البلازما في الغلاف الجوي الشمسي والتفاصيل الدقيقة للمناطق التي تحمل اسم البقع الشمسية وما يدعى بخلايا الحمل الحراري في الشمس. التقطت إحدى أدوات الجيل الأول في هذا التلسكوب، التي تحمل اسم مصور النطاق العريض المرئي، هذه الصور للشمس التي نُشرت بتاريخ 19 مايو/ أيار 2023.

صور للبقع الشمسية

البقع الشمسية التي تظهر في الصور هي مناطق باردة ومظلمة على “سطح” الشمس تحمل اسم الغلاف الضوئي. على الرغم من أن هذه البقع لا تدوم طويلاً، فإن الحقول المغناطيسية الشديدة التي تولّدها تبقى موجودة. تتفاوت أحجام البقع الشمسية، لكن يساوي حجم الكثير منها حجم الأرض تقريباً، إن لم يكن أكبر. يمكن أن تنفجر مجموعات من البقع الشمسية وتشكل ما يدعى بالتوهجات الشمسية أو التدفقات الإكليلية الكتلية، التي تولد العواصف الشمسية. تؤثر التوهجات والتدفقات الإكليلية الكتلية في الطبقة الخارجية من الغلاف الجوي للشمس (التي تحمل اسم الغلاف الشمسي)، وتتمتّع هذه الاضطرابات بتأثير بعيد المدى؛ إذ إنها تتسبب بتغيّرات في البنية التحتية للأرض.

يرتبط نشاط البقع الشمسية أيضاً بالدورات الشمسية التي تصل مُددها إلى نحو 11 عاماً. يزداد نشاط كل من البقع والتوهجات خلال كل دورة من هذه الدورات ليصل إلى حده الأقصى في مرحلة الذروة الشمسية، عندما ينعكس قطبا الشمس. ينخفض النشاط بعد ذلك حتى ينعدم تقريباً فيما يدعى بدورة الشمس الدنيا. بدأت أحدث دورة شمسية، وهي الدورة الشمسية رقم 25، في عام 2019، وهي تمر في مرحلة الصعود حالياً؛ إذ إنه من المتوقّع أن تبدأ مرحلة الذروة الشمسية في عام 2025.

اقرأ أيضاً: العلماء يكتشفون أدلة جديدة تساعد في التنبؤ بحدوث التوهجات الشمسية

فهم البقع الشمسية والتعامل مع تبعات التدفقات الإكليلية الكتلية

لا يعرف علماء الفلك وعلماء الفيزياء الشمسية ما سبب تشكّل البقع الشمسية أو العوامل التي تحفّز الدورات الشمسية، لكن فهم هذه الظواهر بعمق أكبر يمكن أن يساعد البشر على الاستعداد لتبعات التدفّقات الإكليلية الكتلية. يمكن أن تنقذف بسبب هذه التدفقات سحبٌ عملاقة من الجسيمات المشحونة التي تصطدم بالحقل المغناطيسي الأرضي، ما يؤثر في الأقمار الاصطناعية والاتصالات اللاسلكية وحتى الشبكات الكهربائية.

مع ذلك، لا تتسبب التدفقات الإكليلية الكتلية جميعها بالضرر؛ إذ يتسبب بعضها بتشكّل الشفق القطبي الشمالي (أو الأضواء الشمالية) في النصف الشمالي للكرة الأرضية والشفق القطبي الجنوبي (أو الأضواء الجنوبية) في نصفها الجنوبي، وهي ظواهر تتميز بألوانها الزاهية. تسببت التدفقات الإكليلية الكتلية بحدوث عاصفة جيومغناطيسية (أو عاصفة مغناطيسية أرضية) شديدة في شهر أبريل/ نيسان 2023. في حين أن هذه العاصفة لم تكن مدمّرة، فإن الأضواء الشمالية التي تسببت بتشكّلها كانت مرئية في مناطق جنوبية في الولايات المتحدة تمتد إلى ولاية أريزونا.

تُظهر الصور الجديدة أيضاً خلايا الحمل الحراري في المناطق الهادئة من الشمس (أي المناطق ذات النشاط المنخفض والتي لا تحتوي على البقع الشمسية)، التي يصل عرضها إلى نحو 1,600 كيلومتر، بارتياب في الدقة يبلغ نحو 19 كيلومتراً. تمنح خلايا الحمل الغلاف الضوئي (السطح المرئي للشمس) قوامه المرقّط الشبيه بحبّات الفشار؛ إذ تصعد البلازما الشديدة السخونة من مركز الخلايا ثم تنتقل إلى الحواف قبل أن تبرد وتهبط مجدداً.

ترتفع البلازما المُسخِّنة في "فقاعات" الحمل الحراري الساطعة، ثم تبرد وتهبط عبر الممرات بين الحبيبات الشمسية المظلمة (الحبيبات الشمسية هي خلايا الحمل في الغلاف الضوئي). البنى الساطعة في هذه الممرات هي علامات على وجود الحقول المغناطيسية. المصدر: التصوير: مؤسسة العلوم الوطنية/ الاتحاد الجامعي للأبحاث الفلكية/المرصد الوطني الشمسي. معالجة الصور: فريدريش فوغر (Friedrich Wöger) (المرصد الوطني الشمسي)، كاثرين فيشر (المرصد الوطني الشمسي)
ترتفع البلازما المُسخِّنة في “فقاعات” الحمل الحراري الساطعة، ثم تبرد وتهبط عبر الممرات بين الحبيبات الشمسية المظلمة (الحبيبات الشمسية هي خلايا الحمل في الغلاف الضوئي). البنى الساطعة في هذه الممرات هي علامات على وجود الحقول المغناطيسية. المصدر: التصوير: مؤسسة العلوم الوطنية/ الاتحاد الجامعي للأبحاث الفلكية/المرصد الوطني الشمسي. معالجة الصور: فريدريش فوغر (Friedrich Wöger) (المرصد الوطني الشمسي)، كاثرين فيشر (المرصد الوطني الشمسي)

تقبع طبقة الغلاف اللوني فوق طبقة الغلاف الضوئي في الغلاف الجوي الشمسي. وتحتوي هذه الطبقة أحياناً على خيوط بلازمية تشبه الشعر الداكن تحمل اسم اللييفات أو الأشواك. تتراوح أقطار هذه الأشواك بين 200 كيلومتر و450 كيلومتراً، وتنبثق من الغلاف الضوي وتصل إلى طبقة الغلاف اللوني وتستمر لبضع دقائق فقط.

من المتوقع أن نرى المزيد من الصور المذهلة للخلايا الشمسية والسمات الشمسية الأخرى في السنوات القادمة؛ عندما يصبح تلسكوب دانييل إينوي الشمسي جاهزاً للعمل بأكمل طاقته. سُمّي هذا التلسكوب تكريماً للسيناتور الراحل من ولاية هاواي الأميركية، دانييل إينوي، وهو أكبر تلسكوب شمسي في العالم؛ إذ يبلغ عرضه نحو 4 أمتار. يقع التلسكوب على قمة جبل وبركان هاليكالا (أو “بيت الشمس”) في جزيرة ماوي في هاواي. وهو حالياً في مرحلة بدء العمليات، الفترة الانتقالية المخصصة للتدريب. سيستخدم العلماء القدرة الفريدة لهذا التلسكوب الشمسي لجمع البيانات بتفصيل غير مسبوق بهدف فهم الحقل المغناطيسي الشمسي والعوامل التي تولّد العواصف الشمسية بشكل أعمق.