علماء يرصدون عاصفةً هائلةً مصدرها نجم يشبه شمسنا

إي كي دراكونيس
حقوق الصورة: المرصد الفلكي الوطني الياباني.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يبعد نجم «إي كي دراكونيس» (EK Draconis) الفتي 111 سنة ضوئية عن كوكب الأرض، وله نفس حجم شمسنا ودرجة حرارتها. ولكن تقريراً جديداً يشير إلى أنه نجم أكثر اضطراباً من شمسنا.

إي كي دراكونيس يصدر أكبر دفعة من البلازما يتم رصدها حتى الآن

فقد رصد العلماء هذا النجم وهو يقذف دفعة هائلة من البلازما في الفضاء تبين أنها أكبر كتلةٍ يسجل العلماء انطلاقها من أي نجمٍ آخر شبيهٍ بالشمس على الإطلاق. في ورقةٍ نُشرت في دورية «نيتشر أسترونومي» في 9 ديسمبر/كانون الأول، خلص الباحثون إلى أن شمسنا ربما تعرضت لعواصف قوية مماثلة في الماضي، وربما أثرت على كوكب الأرض وجيرانه.

تصدر عن شمسنا بشكل دوري رشقات من الإشعاع تُعرف باسم التوهجات الشمسية. وعادةً ما تكون هذه التوهجات مصحوبةً باندفاعاتٍ لمواد شديدة الحرارة أو ما يُعرف بالبلازما. تُعرف هذه الأحداث بالعواصف الشمسية أو الانبعاث الكتلي الإكليلي. في بعض الأحيان، تصل سحب البلازما إلى مجال الأرض المغناطيسي وتؤثّر على الأقمار الصناعية وتسبب انقطاع التيار الكهربائي. على سبيل المثال، انهارت شبكة الطاقة بالكامل في مقاطعة كيبيك بكندا عام 1989 جراء إحدى العواصف الشمسية التي ضربت الأرض. 

يقول يوتا نوتسو، عالِم الفيزياء الفلكية بجامعة كولورادو بولدر والمؤلف المشارك في الدراسة: «لقد هدأت شمسنا كثيراً خلال عمرها البالغ 4.6 مليار سنة». وتشير الأعمال السابقة لنوتسو إلى أن التوهجات الشمسية العملاقة تشيع أكثر بين النجوم الفتية سريعة الدوران، ولكنها قد تحدث مرةً كل بضعة آلاف من السنين أو نحو ذلك في النجوم الأكبر سناً مثل شمسنا.

دراسة النجوم الأخرى لمعرفة المزيد عن اندفاعات شمسنا في الماضي

يقول داميان كريستيان، عالم الفيزياء الفلكية في جامعة ولاية كاليفورنيا نورثريدج، والذي لم يشارك في الدراسة: «شمسنا نجم عادي في منتصف العمر تقريباً، باهتة، والتوهجات التي تصدرها ليست بهذه القوة حقاً. يمكننا دراسة المزيد من النجوم النشطة، وتطبيق ما نتعلمه منها على الشمس».

يتراوح عمر نجم «إي كي دراكونيس» ما بين 50 و 125 مليون سنة، ويمكنه أن يعطينا نظرةً حول ما كانت تبدو عليه شمسنا منذ مليارات السنين.

رصد نوتسو وزملاؤه هذا النجم من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان من عام 2020 باستخدام مراصد التلسكوبات الأرضية بالإضافة لتلسكوب “تيس” (TESS) التابع لناسا، والمخصص لمسح الكواكب الخارجية ذات العبور الزوالي. في 5 أبريل/نيسان، توهج النجم بشكلٍ كبير. بعد ذلك بوقت قصير، اكتشف الباحثون تحولاً كبيراً في أطوال الضوء الموجية التي يلتقطها التلسكوب. يقول نوتسو في هذا الصدد: «يمكننا أن نستنتج من ذلك أن كميةً كبيرةً من البلازما قد خرجت من النجم وتتجه نحونا».

تشير تقديرات نوتسو وزملائه إلى أن فقاعة البلازما تلك تتحرك بسرعة تصل إلى 1.6 مليون كيلومتر في الساعة تقريباً، وكتلتها أكبر بعشر مراتٍ من أكبر كميةٍ من البلازما قذفتها شمسنا على الإطلاق.

يقول كريستيان: «لقد فسر الباحثون بنجاح عمليات رصد التلسكوب على أنها انبعاث كتلي إكليلي قادم من نجم إي كي دراكونيس. إنها نتيجة رائعة حقاً».

وتقول راشيل أوستن، عالمة الفلك في معهد علوم تلسكوب الفضاء وجامعة جونز هوبكنز في هذا الصدد: «على الرغم من أن النتائج مثيرة للاهتمام، ربما سيكون الأمر مقنعاً أكثر إذا ما كان هناك أحداث متعددة مثل هذه، وإذا ما تعددت الطرق التي تُثبت هذا النوع من النتائج».

يخطط نوتسو وزملاؤه في المستقبل للبحث عن المزيد من الاندفاعات النجمية وتتبّع ما يحدث للبلازما بعد اندفاعها بعيداً عن النجم. يستطرد في هذا الصدد: «ما اكتشفناه هو المرحلةُ الأولية من الاندفاعات ولا نعلم كيف تتطور حتى الآن».

ووفقاً لنوتسو، فإن الانبعاث الكتلي الإكليلي الذي لاحظه هو وفريقه يمكن أن يساعد العلماء على فهم كيفية نشوء هذه العواصف على النجوم البعيدة وعلى شمسنا. يتكهن نوتسو بأنه من المحتمل أن تكون البلازما التي انطلقت من شمسنا القديمة قد ألحقت الضرر بالغلاف الجوي للمريخ، والذي يعد اليوم أرق بكثير من الغلاف الجوي للأرض.

من جانبها تقول أوستن: «يمكن أن يكون للعواصف النجمية تأثير كبير على صلاحية كوكبٍ ما للعيش. إذا وصلت البلازما إلى المجال المغناطيسي للكوكب، فإن آثارها المدمرة يمكن أن تجعل الغلاف الجوي عرضة للإشعاع المؤين الضار».

وتقر أوستن بأن إطلاق كتلةٍ من البلازما بعيداً عن النجم لا يعني بالضرورة أنها ستضرب أحد الكواكب التي تدور حول هذا النجم. ومع ذلك، تُبرز المقذوفات الكتلية الإكليلية مدى أهمية النظر فيما يحدث خارج الغلاف الجوي لكوكب يحتمل أن يكون شبيهاً بالأرض عند البحث عن حياة خارج كوكبنا، وفقاً لأوستن.

تختتم أوستن: «يخبرنا هذا النوع من البحث أن كل شيء مترابط، إذ لا يمكنك التركيز فقط على الكواكب، عليك أيضاً أن تفهم النجوم لأنها عنصر مهم في الوصفة التي يمكن أن تنشأ منها الحياة».