هل يمكننا إجراء عمليات التعدين في الفضاء الخارجي؟

3 دقائق
هل يمكننا إجراء عمليات التعدين في الفضاء الخارجي؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Elena11

لطالما نظر الإنسان إلى الأرض نظرة امتنان، حيث ينبت النبات فيها وتعيش عليها الحيوانات التي يتغذى عليها ويحيا بسلام. وعندما تطورت معرفته قليلاً جذبته المعادن التي استخرجها عن طريق ما يُعرف بـ "عملية التعدين"، وهي تعني استخراج المعادن المفيدة من باطن الأرض ومن ثمّ توظيفها لصالح الإنسان الذي يعتمد عليها في مجالات الحياة المختلفة.

لم يعرف الإنسان التعدين إلا على الأرض، لكن ما إن استطاع الوصول إلى الفضاء بعد رحلة أبولو 11 عام 1969، ازدادت  طموحاته المتعلقة بالاستفادة من الفضاء، ومنها تفكير البشر في إجراء عمليات التعدين في الفضاء الخارجي.

هناك العديد من الرواسب والمواد الموجودة على أسطح الأجرام السماوية الأخرى مثل الكواكب والأقمار والتي يمكن تعدينها والاستفادة منها، ما أدى إلى تنامي آمال العلماء لنقل صناعة التعدين إلى تلك الأجرام. لكن الأمر ليس بتلك السهولة، وهناك العديد من التحديات.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن استخدام التحليق الصوتي لفهم سلوك الأجرام السماوية؟

ماذا يعني التعدين في الفضاء الخارجي؟ 

ربما يظن الناس أنّ العلماء يسعون إلى استخراج المعادن والمواد من الأجرام السماوية ومن ثمّ إعادتها للأرض حتى يستفيد الإنسان منها، لكن هذا ليس المقصود؛ المقصود هو استخراج تلك المواد من الأجرام السماوية وتطبيق ما يُطلق عليه "استخدام الموارد في الموقع"، أي الاستفادة من المعادن والمواد المستخرجة لكن هناك في الفضاء، مثلاً إذا أراد الإنسان الذهاب لبناء مستعمرات على المريخ، سوف تساعده عملية تعدين الموارد الموجودة هناك في الحصول على المواد الأساسية التي قد يحتاجها، ما يدعم حياته هناك.

من ناحية أخرى، إنّ عملية التعدين في مكان ما من أجل الاستخدام في الموقع، توفر أموالاً كثيرة. ففي عام 2018، وُجد أنّ إرسال كيلوجرام واحد من المواد إلى مدار أرضي منخفض يكلف نحو 2720 دولاراً، وهذا مكلف للغاية. لكن عند اتباع استراتيجيات التعدين الفضائي، فإنّ التكلفة تقل. على سبيل المثال، هناك أقمار صناعية في مدار الأرض يستخدمها الإنسان في أشياء كثيرة، لكنها تحتاج إلى وقود من حين لآخر، ويأتي الإنسان بالوقود من المواد المستخرجة من الأرض عبر عملية التعدين. لكن إرسال الوقود من الأرض للأقمار الصناعية يكلف أموالاً طائلة، لكن إذا أُرسل من القمر، ستكون الطاقة المستهلكة أقل، وبالتالي تنخفض التكاليف، ما يعني أنّ إجراء عملية التعدين على سطح القمر ستُوفر كثيراً على الإنسان.

اقرأ أيضاً: أقمار صناعية فائقة الدقة تعيد تعريف مستقبل الصين الملاحي

لماذا يفكر البشر في التعدين في الفضاء؟ 

هناك الكثير من الموارد في الفضاء، منها ما يلي:

  • تحتوي بعض الكويكبات على كميات هائلة من المعادن، مثل: الحديد والنيكل والذهب والبلاتين، ويمكن استخدامها في البناء.
  • الثرى القمري غني بالعديد من الموارد، حيث يحتوي على هيليوم-3، وهو نظير غير مشع للهيليوم، تتألف نواته من بروتونين ونيوترون واحد، وهذا يجعله النظير الوحيد في الكون الذي يتفوق عدد البروتونات في نواته على عدد النيوترونات. وهناك شركة بريطانية تُسمى "ميتالايزز" (Metalysis)، طورت عملية يمكن عبرها استخراج الأوكسجين من الثرى القمري.
  • يتوقع العلماء وجود الجليد في منطقة ما على سطح القمر في حفرة بالقرب من قطبيه، ونفس الأمر تحت سطح المريخ والكويكبات والمذنبات الأخرى، ويمكن استخدام ذلك الجليد في دعم الحياة أو تقسيمه إلى عناصره الأولية، وهي الأوكسجين والهيدروجين ثم استخدامهما كوقود.

لكن كيف سنتمكن من التعدين في الفضاء؟ 

هناك العديد من الاقتراحات من ضمنها: استخراج الثرى القمري باستخدام حفارة ذات عجلات أو آلة حفر الأنفاق. وهناك اقتراح باستخدام آلة يمكنها سحب الثرى القمري لأعلى أنبوب. وقد اقترح باحثون من الجامعة الوطنية الأسترالية وجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني استخدام ما يُعرف بـ "التعدين الحيوي"، وفيه يتم إرسال أنواع محددة من البكتيريا إلى أسطح الأجرام السماوية المراد إجراء عملية التعدين فوقها، ومن ثمّ تبدأ البكتيريا في إطلاق بعض المواد الثانوية لتستهلك معادن محددة، ويكون الناتج غازاً يتم جمعه بواسطة مسبار.

اقرأ أيضاً: باحث عربي يبتكر سواراً لحماية عمال المناجم من الغازات السامة

ما هي التحديات التي تواجه عملية التعدين في الفضاء؟ 

أجمع العلماء في المركز الأسترالي لأبحاث هندسة الفضاء التابع لجامعة نيو ساوث ويلز على أنّ هناك العديد من التحديات التقنية والاقتصادية، ويسعون نحو إيجاد طرائق فعّالة لتقليل المخاطر المرتبطة بعملية التعدين في الفضاء. من ضمنها:

  • عملية نقل معدات التعدين خارج الأرض إلى الفضاء الخارجي مكلفة جداً، لذلك يجب البحث عن أبسط الطرائق الفعالة لكي تتوفر معدات التعدين في الفضاء أو على أسطح الأجرام التي يريد البشر إجراء التعدين عليها.
  • كلما زادت المسافة بين الأرض والجرم السماوي، كان الوقت المطلوب للوصول إليه طويلاً. على سبيل المثال، عند إرسال أمر إلى مركبة فضائية على سطح المريخ يستطيع العلماء معرفة ما إذا وصل الأمر بنجاح أم لا بعد مرور نحو 40 دقيقة. لكن القمر يحتاج فقط إلى 2.7 ثانية، لأنه قريب من الأرض، كذلك نفس الأمر للأجسام القريبة من الأرض، والتي تعد مرشحة بقوة لإجراء التعدين على سطحها، حيث يمكن تقليل طاقة الوصول إليها والعودة مرة أخرى إلى الأرض.
  • يجب أن يكون التحكم عن بعد بالتعدين خارج الأرض ممكناً، ما يسهل المهمة، لأن فكرة إرسال البشر إلى هناك صعبة بعض الشيء من حيث التكلفة والحاجة إلى دعم الحياة وتجنب الأشعة الضارة. وحاليّاً، لا يمكن التحكم بالأجهزة المستخدمة في التعدين على الأرض عن بعد وتحتاج إلى المزيد من التطوير.
  • إمكانية عمل تقنيات التعدين المقترحة في الفضاء.

اقرأ أيضاً: قطار اللانهاية: أول قطار يولد طاقة تشغيله ذاتياً لتوفير التكلفة وتخفيض الانبعاثات

تعمل بعض الشركات الآن على تطوير المعدات اللازمة للتعدين الفضائي واستكشاف الموارد، من ضمنها مؤسسة التعدين الفضائي الكندية والتي تعمل على تطوير مولدات الأوكسجين والآلات الأخرى لدعم الحياة في الفضاء. وشركة "أوفوارلد" (OffWorld)، وتقع في الولايات المتحدة الأميركية، وتعمل على تطوير الروبوتات الصناعية التي تعمل على الأرض والقمر والكويكبات والمريخ. لكن باب الأمل مفتوح لإجراء هذه العملية.

المحتوى محمي