عندما سنذهب في النهاية إلى المريخ، قد ينتهي بنا المطاف داخل حاويات معدنية عملاقة

3 دقائق
تصوير فني لبوابة الانتقال إلى الفضاء السحيق وهي تلتحم مع مركبة ناسا الفضائية "أوريون" في مدار حول القمر.

إن تمكن البشر يوماً من الذهاب إلى المريخ، فسوف نحتاج إلى قارب أكبر.

فالمركبات الفضائية اليوم يتم بناؤها لتنجز رحلات قصيرة باتجاه المحطة الفضائية الدولية وانطلاقاً منها، وهي رحلات لا تستغرق أكثر من 6 ساعات أو نحو ذلك. تتميز هذه السفن الفضائية، مثل سويوز الروسية، دراجون من سبيس إكس، وكبسولة أوريون القادمة من ناسا، بأنها صغيرة الحجم، ضيقة من الداخل، وليس فيها حمامات أو حجرات للنوم.

هذه القوارب الفضائية البسيطة لن تفي بالغرض بالنسبة لرحلة تستغرق 9 أشهر للوصول إلى المريخ. هذا هو ما دفع ناسا لتكليف 6 شركات لإجراء أبحاث بشأن تصميم مساكن أكبر حجماً للإقامة في الفضاء السحيق تكفي لوضع سفينة ركاب بأكملها داخل سفينة فضائية.

لوكهيد مارتن هي واحدة من الشركات التي تعمل على تطوير فكرة لصالح ناسا، وقد أعلنت في 18 يوليو عن خطط لبناء نموذج بالحجم الطبيعي لمنشأتها التي تسمى "بوابة الانتقال إلى الفضاء السحيق" أو اختصاراً DSG في مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا.

لن يطير هذا النموذج التجريبي إلى الفضاء، ولكنه سيساعد الشركة على تحسين تصميمها. يقول بيل برات، مدير برنامج لوكهيد لمساكن الإقامة في رسالة إلكترونية خصّ بها مجلة بوبيولار ساينس: "يمثل كل من الشكل، والملاءمة، والوظائف معايير أساسية، لذا سنقوم باستكشاف العناصر الحيوية في هذا الجزء من بوابة الانتقال إلى الفضاء السحيق الأكبر حجماً لكي نضمن فعالية الوظائف بالنسبة لرواد الفضاء".

لبناء هذا المسكن الفضائي، ستقوم الشركة بتجديد حاوية شحن قديمة تسمى "دوناتيللو"، والتي كانت تستخدم لنقل الإمدادات إلى المحطة الفضائية الدولية في حقبة المركبات الفضائية المكوكية. (أشقاء الحاوية، التي صنعتها وكالة الفضاء الإيطالية، هي كل من ليوناردو، ورافاييللو). ستستغرق العملية حوالي 18 شهراً ليتم تجديد الحاوية المعدنية التي يبلغ طولها حوالي 6.7 متراً، وقطرها حوالي 4.8 متراً.

على اليسار: حاوية شحن تشبه تلك التي تعتزم لوكهيد استخدامها لبناء نموذجها التجريبي.
على اليمن: رائد الفضاء "يوري جيدزينكو" وهو يطوف داخل إحدى هذه الحاويات، موضحاً كم يبدو المكان واسعاً بشكل غير متوقع داخلها.
ناسا

يقول برات: "الهدف الرئيسي هو ضمان أن رواد الفضاء يمكنهم الاستفادة من الفراغ الداخلي بطريقة فعالة بوجود عناصر أخرى تشكل هياكل كاملة بذاتها"، على الرغم من أنه يعترف بوجود بعض القيود، طالما أن رواد الفضاء لن يكونوا عائمين كما هو الحال في الفضاء.

تقول لوكهيد إنها ستقوم بتجربة تقنيتي الواقع الافتراضي VR والواقع المعزز AR ليساعدها ذلك في تسريع عمليات التصميم والبناء، وخفض التكاليف، من خلال تحديد الجوانب الإشكالية قبل مواجهتها على أرض الواقع.

يقول برات: "على سبيل المثال؛ نحن نبحث في إمكانية استخدام الواقع المعزز لإدخال معداتٍ للتمارين الرياضية مخصصة للرواد، قبل تخصيص حيز فيزيائي لها داخل المسكن. كما أننا نتطلع إلى نمذجة موانئ إرساء مخصصة لمكونات أخرى من البوابة DSG، بدلاً من إحداث ثقوب في بدن حاوية الشحن دوناتيللو بشكل فعلي".

إنهم يجربون مجموعة متنوعة من منصات العمل من أجل الجزء المخصص من المشروع لتقنية "الواقع الممزوج"، بما في ذلك "مايكروسوفت هولولينز"، و"ميتا".

ليس هناك الكثير من التفاصيل الأخرى حول ما قد تبدو عليه البوابة DSG، ولكنها ستحتاج بالتأكيد إلى  معدات لدعم مقومات الحياة، والوقاية من إشعاعات الفضاء السحيق، وبالنسبة للبعثات طويلة الأمد، هناك حاجة للأماكن الخاصة، ومساحات مخصصة يمارس فيها رواد الفضاء التمارين الرياضية، على غرار المحطة الفضائية الدولية.

يقول برات في بيان له: "نظراً لإمكانية بقاء البوابة DSG غير مأهولة لعدة أشهر دفعة واحدة، يجب أن تكون متينة، موثوقة، ولديها قدرات روبوتية لتعمل بشكل مستقل". ويضيف: "إنها أساساً مركبة فضائية روبوتية مناسبة للبشر عندما تكون أوريون حاضرة".

بعد أن تجري لوكهيد اختباراتها، تخطط الشركة لتسليم نموذجها الأولي لكي تتمكن ناسا من إجراء تحليلاتها الخاصة.

بالإضافة إلى النموذج الأولي للمسكن، تخطط الشركة لبناء مختبر للإلكترونيات الملاحية لإثبات قدرة البوابة DSG على التفاعل مع كبسولة أوريون التابعة لناسا. قد يتمكن هذا النموذج أيضاً من مساعدة رواد الفضاء للتدرب على مواجهة السيناريوهات التي قد تنشأ في الفضاء، في حال قررت ناسا إرسال تصميم لوكهيد إلى الفضاء.

أياً كان تصميم المسكن الذي ستقوم ناسا بتمويله، فهو سيقوم بإنشاء أول قاعدة للإقامة في مدار حول القمر في العقد الثاني من هذا القرن، كموقع اختبار للبعثات طويلة الأمد المقرر إرسالها إلى المريخ في العقد الثالث منه.

المحتوى محمي