يعكف علماء الفلك منذ عدة سنوات على البحث عن الكوكب التاسع في النظام الشمسي (ولا نقصد هنا بلوتو، يجب أن ننسى موضوع بلوتو ونتابع حياتنا). هناك أدلة على وجود شيء ضخم يتسكع في أقاصي النظام الشمسي، أضخم من الأرض بعشر مرات، وتبلغ ضخامته حداً يكفي لتشويه مدارات الأجسام الأصغر التي يمر قربها، وهو أبعد من بلوتو بحوالي 10 إلى 20 ضعفاً. ومع كل هذا، فهو ما يزال يختبئ أمامنا ويراوغ جميع محاولاتنا لرؤيته بشكل مباشر. إذا كان هناك كوكب يدور حول الشمس ولم يره أحد، فهل هو حتى حقيقي؟
من أحدث الأدلة المثيرة التي تدعم نظرية وجود الكوكب التاسع: كويكب يسمى 2015 BP519، وقد اكتشف لأول مرة منذ ثلاثة سنوات في أقاصي حزام كايبر، وهو منطقة في النظام الشمسي بعد نبتون. والآن، أصبحنا نعرف أن هذا الكويكب يتمتع بمدار إهليلجي غريب، ما يقترح وجود شيء هائل يسحب هذا الكويكب الصغير أثناء رحلته حول الشمس.
يقول مايك براون، وهو فلكي في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وأحد أول الأشخاص الذين وصفوا الكوكب التاسع، ولم يكن مشاركاً في الدراسة: "أشعر بحماسة كبيرة تجاه الجسم الجديد. إنه يمثل الصلة المتوقعة بين المدارات البعيدة للغاية والمتطاولة التي نعرفها، والمدارات القريبة المائلة التي رأيناها".
قام مجموعة من الباحثين، بقيادة جولييت بيكر، وهي طالبة دراسات عليا في جامعة ميشيغان، بنشر دراسة جديدة وضحوا فيها الخطوط العامة لاكتشاف BP519 عبر مشروع مسح الطاقة المظلمة، وهو مشروع مشترك دولي يعتمد على الضوء المرئي وقرب تحت الأحمر لدراسة توسع الكون. إنه ليس بالأسلوب النموذجي للبحث عن جسم ضائع، ولكن أنظمة هذا المشروع مصممة خصيصاً لمراقبة الأجسام فوق مستوى النظام الشمسي، مثل الكويكب BP519، والذي يتحرك في مدار مائل على مستوى النظام الشمسي بزاوية 54 درجة.
تقول بيكر: "ما أن رأينا مدار هذا الجسم، حتى أدركنا أنه مذهل. إذا اعتبرنا أن النظام الشمسي عبارة عن مجموعة من الحلقات موحدة المركز وتتوضع أفقياً على طاولة، فإن مدار BP519 عبارة عن حلقة بيضاوية ضخمة ومائلة باتجاه السقف". وهنا يظهر تأثير الكوكب التاسع، كما تشرح بيكر: "إذا وجد الكوكب التاسع، فيكمن أن يؤثر على الأجسام ذات المدارات الأقرب إلى الطاولة، ويتسبب بتغييرها تدريجياً مع الوقت بحيث تبدو في نهاية المطاف مثل مدار BP519".
إضافة إلى الميلان المداري المميز، نعرف أيضاً أن هذا الجسم يبلغ أيضاً حجم كوكب قزم، وأن بعده عن الشمس يساوي تقريباً 450 ضعف من بعد الأرض.
قد توجد تفسيرات أخرى لهذا المدار الغريب، مثل وجود نجم شارد يتحرك في الجوار، أو تأثير التشتيت بفعل هجرة كوكب عملاق، غير أن هذه التفسيرات لا تبدو معقولة بقدر فكرة الكوكب التاسع. تقول بيكر: "حالياً، يبدو أن الكوكب التاسع هو المتهم الأكبر".
يقول كونستانتين باتيجين، عالم كواكب في كالتيك قام بقيادة البحث حول الكوكب التاسع بالاشتراك مع براون: "هذا هو الاكتشاف الأول لجسم من حزام كبير من مجموعة لم يتم مسحها قبل ظهور فرضية الكوكب التاسع. تتوقع نماذجنا النظرية ظهور هذا النوع من المدارات المائلة في أقاصي حزام كايبر، ومن المثير للسرور رؤية هذا التوقع يتحول إلى حقيقة".
ولكن، يؤكد كل من براون وباتيجين على أن الاكتشاف الجديد ليس ذا فائدة تذكر للعثور بشكل فعلي على الكوكب التاسع. يقول براون: "نعلم بوجود الكثير من الأجسام التي يؤثر عليها الكوكب التاسع، لدرجة أن العثور على واحد إضافي لا يغير شيئاً. غير أن العثور على حوالي دزينة من هذه الأجسام قد يساعدنا بشكل فعليَ!"
في الواقع، لا يوجد ما يؤكد أية علاقة بين BP519 وأي كوكب جديد. تقول بيكر: "الدليل الوحيد الدامغ هو اكتشاف الكوكب التاسع بشكل مباشر". هناك ما يقلق راحة حزام كايبر، ويتسابق العلماء لمعرفة السبب.