قرص غازي غريب قد يخفي كوكباً بين نظام نجمي ثلاثي

2 دقائق
فضاء, النجوم, الكواكب,استكشاف الفضاء
مشروع ألما، والذي يعتبر المرصد الأوروبي الجنوبي شريكاً فيه، وأداة «سفير» في التلسكوب الكبير جداً التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي صوّرا «جي دبليو أورايونز»، وهو نظام ثلاثي النجوم له منطقة داخلية تبدو غريبة. على عكس أقراص تشكل الكواكب المسطحة التي نراها حول العديد من النجوم، يحتوي جي دبليو أورايونز على قرص مشوّه بسبب حركة النجوم الثلاثة الواقعة في مركزه. تبين هذه الصورة المركبة ما رصده كل من ألما و سفير. تبين صورة ألما البنية الحلقية للقرص، وتوضح انفصال الحلقة في أقصى داخله (والتي يبدو جزء منها كنقطة مستطيلة في مركز الصورة) عن باقي مكوناته. سمحت أرصاد أداة سفير للفلكيين برؤية ظل الحلقة الأخيرة هذه على القرص لأول مرة، مما جعلهم قادرين على إعادة تشكيل بنية القرص المتمزق.

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً


على بعد 1300 سنة ضوئية تقريباً، يقوم نظام نجمي ثلاثي شاب -مكون من 3 نجوم- بتشويه وتمزيق قرص من الغبار والغاز، حيث يمكن أن تتشكل الكواكب يوماً ما. وعلى عكس القرص المسطح الذي أدى إلى ظهور الكواكب في نظامنا الشمسي؛ يتكون قرص النظام من 3 حلقات منحرفة.

يتألف هذا النظام المسمى «جي دبليو أورايونز»، من نجمين يدوران حول بعضهما ويدور حولهما نجم ثالث على بعد مسافة تعادل 8 أضعاف بعد الأرض عن الشمس. وفقاً لبحث جديد، عندما تتحرك النجوم الثلاثة في مساراتها المعقدة، تقوم جاذبيتها بسحب الغاز الموجود بينها وحولها. توفر المكتشفات الجديدة -التي نُشرت في دورية ساينس في 4 سبتمبر/ أيلول- أولى الدلائل الحقيقية على أن جاذبية النجوم قد تنحت أشكالاً غريبة ورائعة في أقراص تَشكُّل الكواكب، مما يزيد فهمنا لسبب غرابة مدارات بعض الكواكب.

يقول «ستيفان كراوس»، أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة إيكسيتير، ومؤلف أساسي للورقة الجديدة: «هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها عملية تمزيق لقرص غازي في نظام فلكي حقيقي. ويضيف: «يمكننا ربط هذا الحد مباشرة بتأثير الجاذبية من النجوم الثلاثة الموجودة في مركز القرص».

هناك 3 حلقات منفصلة تميل كل منها بزاوية مختلفة ضمن هذا القرص الكوكبي الأوّلي لنظام «جي دبليو أورايونز». تبعد هذه الحلقات عن مركز القرص مسافات تبلغ 46 و 185، و336 ضعف بُعد الأرض عن الشمس. (لتتخيل هذه المسافات، يبعد كوكب نبتون مسافة تبلغ 30 ضعفاً من بعد الأرض عن الشمس). ومن أجل فهم شكل النظام وسبب عدم اتحاد مستويات حلقاته بشكلٍ صحيح، استغرقت دراسته 11 سنة -وهي مدة تساوي دورة مدارية واحدة للنظام- باستخدام أدوات رصدية مختلفة في التلسكوب الكبير جداً، ومنظومة أتاكاما المليمترية/ تحت المليمترية (ألما). سمحت الأرصاد المكثفة للباحثين بإعادة بناء الهيكل ثلاثي الأبعاد للقرص الذي تمزّق بسبب تأثير جاذبية النجوم الثلاثة.

لطالما كان «جي دبليو أورايونز» نموذجاً لكل الآثار الديناميكية المميزة التي تحدث في الأنظمة من نوعه. لكن هذه هي المرة الأولى التي نحصل فيها على صورة واضحة لهندسة هذا النظام. يقول «إيان تشيكالا»، فلكي في جامعة ولاية بنسلفانيا، وغير مشارك في الدراسة الجديد: «هذه الدراسة تمثل نظرة شاملة بدقة مكانية عالية على هذه المدارات، وهذا القرص».

فحص فريق آخر من الباحثين نظام جي دبليو أورايونز وحلقاته في دراسة نُشرت في شهر مايو/ آيار من هذه السنة. وتوقع الباحثون القائمون عليها أن سبب تشوه القرص يعود لوجود كوكب منفصل أيضاً، وليس فقط وجود النجوم الثلاثة.

تقول «نينكا فان دير ماريل»، مؤلفة مشاركة للدراسة الأقدم في خبر صحفي: «تُظهر عمليات المحاكاة التي أجريناها أن جاذبية النجوم الثلاثية وحدها لا يمكنها تفسير الاختلال الكبير المرصود. نعتقد أن وجود كوكب بين هذه الحلقات ضروري لتفسير تمزّق القرص».

لا يستبعد كراوس وفريقه احتمال وجود الكوكب، لأن الحلقة الداخلية في القرص تحتوي ما يكفي من الغبار لتشكيل 30 أرضاً، وهي كمية كافية -حسب قول كرواس- لتشكيل كوكب داخل الحلقة. يضيف كراوس أنه يجب أن يملك الكوكب الذي تشكل في هذا الجزء المتمزق من القرص مداراً غريباً للغاية.

يقول كراوس: «ما وجدناه هنا هو أن النجوم تستطيع تحريك المواد إلى خارج مستوى القرص، وإرسالها في مدارات مائلة. هذه هي آلية جديدة تماماً لتشكل الكواكب بمدارات مائلة، ويمكن أن تُنتِج مدارات بزوايا ميل مختلفة».

يجب أن تحدد الدراسات المستقبلية ما يحدث بالضبط في هذا النظام الغريب. وبقدوم الجيل التالي من التلسكوبات الفضائية مثل التلسكوب هائل الحجم التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي -والذي سيُشغَّل في 2025-؛ فإن البحث عن أنظمة نجمية شابة متزعزعة الحلقات، مثل جي دبليو أورايونز؛ سيكتسب زخماً.

المحتوى محمي