توفيت «كاثرين جونسون»، عالمة الرياضيات الأميركية في وكالة ناسا، في الـ 24 فبراير/ شباط عن عمر يناهز 101 عاماً. كانت جونسون من أوائل النساء من أصحاب البشرة السوداء اللواتي عملن في الوكالة، وكذلك في اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية (المؤسسة التي أصبحت ناسا فيما بعد). تُشتهر جونسون بالعديد من الإنجازات، لعل أهمها كات حساب مسار الرحلة الفضائية التاريخية التي اصطحبت راد الفضاء «نيل أرمسترونج» وزملاؤه من طاقم أبولو 11 إلى القمر، ومن ثمّ العودة بهم.
ولدت جونسون 26 أغسطس/آب 1918 (يصادف يوم المساواة للمرأة الأميركية) في وايت سولفور سبرينجز بولاية فرجينيا الغربية. وصفتها ناسا بأنها كانت شغوفةً بالأرقام منذ صغرها. لم يكن النظام التعليمي المحلّي في مدينتها يمنح أصحاب البشرة السوداء حقّ التعلّم إلا للصفّ الثامن، لذلك انتقلت عائلتها لتعيش في مكانٍ آخر على بعد 193 كم تقريباً كي تتمكّن جونسون من متابعة دراستها في المدرسة الثانوية. وقد تمكّنت من التخرج من المدرسة الثانوية مبكراً، وإنهاء دراستها الجامعية عندما كانت في الثامنة عشر من عمرها فقط، بعد أن تخطّت كلّ الاختبارات المطلوبة.
بعد سنواتٍ من عملها كمدرسة، في منتصف ثلاثينيات عمرها، بدأت العمل في حساب مسارات الرحلات الفضائية الأميركية الأولى مثل «ميركوري» و«أبّولو»، وقد لُقبت حينها بـ «الكمبيوتر». وقد حظيت باحترام وثقة كبيرين بين زملائها، لدرجة أن رائد الفضاء الأميركي «جون جلين» طلب منها أن تقوم شخصياً بالتحقّق من الحسابات التي أجرتها أجهزة الحواسب الجديدة، قبل رحلته على متن المهمة «فريندشيب 7»، المهمة التي جعلت منه أول رائد فضاءٍ أميركي يصل إلى مدار الأرض، وذلك وفقاً لناسا.
استمرّت جونسون في العمل لمدّة 33 عاماً في قسم أبحاث الطيران التابع لناسا، وهو المكان الذي انطلق منه برنامج الفضاء الأميركي. وهناك، ألّفت هي وزملاؤها كتاباً مرجعياً كاملاً عن الحسابات الرياضية الفضائية، نظراً لعدم وجود أي عملٍ مرجعيّ عن هذا الموضوع في السابق.
وحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن جونسون كانت من بين مئات النساء اللواتي عملن في مجال الرياضيات في وكالة ناسا، وقد كانت واحدة من بين بضع عشراتِ النساء من أصحاب البشرة السوداء اللواتي عملن في وكالة ناسا، والمؤسسة الأم (اللجنة الاستشارية الوطنية للملاحة الجوية).
https://www.facebook.com/popsciarabia/photos/a.928992353962471/1197550293773341/?type=3&theater
بالرغم من إنجازاتها الكبيرة والعقبات التي كان عليها تخطيها لتصل إلى هناك، ظلت شخصيةً غير معروفة خلال القرن العشرين، رغم أنّها تلقّت في العقد الماضي عدة تكريماتٍ عرفاناً بإنجازاتها وبما قدّمته. فقد منحها الرئيس «باراك أوباما» وسام الحرية الرئاسي، أعلى وسام مدني في البلاد. وبعد ذلك بعامين، أطلقت ناسا اسم جونسون على مبنى جديد في الذكرى الـ 55 لرحلة «جون جلين» إلى الفضاء، والتي يعود الفضل لحساباتها في إنجاز تلك الرحلة. وفي عام 2016؛ أطلقت الوكالة اسمها على مبنى تكريماً لها يقع خارج مقرّ عملها السابق في مركز لانجلي للأبحاث التابع لناسا في هامبتون، فرجينيا.
وفي عام 2016، جسدّت الممثلة «تراجي ب. هينسون» شخصية جونسون في فيلم «هيدين فيجرز»، بينما جسّد دور زملائها «دوروثي فوجان» و«ماري جاكسون» كل من «أوكتافيا سبنسر» و«جانيل موناي» على التوالي. حاز الفيلم على جائزة نقابة ممثلي الشاشة عن الأداء المتميز لطاقم العمل، كما رُشّح الفيلم لأوسكار أفضل فيلم.
دأبت جونسون في آخر سنوات حياتها على الالتقاء بالأطفال بانتظام للترويج لمهن الرياضيات والعلوم. وقد قالت جونسون لطلّابها في أحد المرّات: «علينا أن نتعلّم جميعاً العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، بعض الأشياء قد تغيب وتزول، لكن العلوم والهندسة والتكنولوجيا ستبقى دائماً، وستكون هناك دائماً ... دائماً الرياضيات، كل شيءٍ في عالمنا عبارة عن فيزياء ورياضيات».