كوكب جليدي عملاق غير مكتشف قد يفسّر عدم الانتظام في حركة كواكب المجموعة الشمسية

كوكب جليدي عملاق غير مكتشف قد يفسر عدم الانتظام في حركة كواكب المجموعة الشمسية
يمكن أن يكون الكوكب التاسع المفترَض الذي يظهر في هذا الرسم التوضيحي، أحد الكوكبين الإضافيين اللذين يشتبه العلماء بوجودهما في نظامنا الشمسي. معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا/ ر هارت (مركز المعالجة والتحليل بالأشعة تحت الحمراء)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

عندما كنا صغاراً، تعلّمنا أنه توجد 9 كواكب تدور حول الشمس؛ لكن بعد استبعاد بلوتو من القائمة بسبب صِغر حجمه، أصبح العدد 8 كواكب فقط. لكن هل تخيلت يوماً وجود كوكب آخر في الأطراف الخارجية البعيدة لنظامنا الشمسي؟

هل سينضم كوكب جديد إلى مجموعتنا الشمسية؟

كشف علماء الفلك في ورقة بحثية جديدة، نُشرت في مجلة إم إن آر أيه إس ليترز (MNRAS Letters)، احتمالية وجود أجسام فلكية أخرى تختلف عن المذنبات في الحواف البعيدة لنظامنا الشمسي. يقدّر العلماء أن هناك احتمال بنسبة 7% لوجود كوكب تاسع في سحابة أورت (Oort)، وهي المنطقة الكروية المليئة بالصخور الجليدية والمذنبات، تتميز سحابة أورت بحجمها الكبير وبُعدها الشاسع عن الأرض؛ إذ إن المسافة بين حافة السحابة والشمس تفوق المسافة بين الأرض والشمس بعشرات آلاف المرات. وفقاً لمحاكاة الحاسوب التي أجراها الباحثون؛ فإن واحداً من كل 200 إلى 3000 نجم آخر يحتوي على الأرجح على أحد هذه الكواكب في الأطراف البعيدة للنظام الشمسي.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة الجديدة وعالم الفلك في معهد علوم الكواكب (Planetary Science Institute)، ناثان كايب (Nathan Kaib): “من الممكن جداً أن يحتوي نظامنا الشمسي على مثل هذا الكوكب الموجود في سحابة أورت؛ إذ إن هذه الكواكب الغامضة هي فئة من الكواكب التي يُعد وجودها منطقياً بالتأكيد لكنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي حتى الآن”.

إذا كان يوجد كوكب في هذه السحابة، فمن المؤكد أنه سيكون كوكباً جليدياً عملاقاً. عندما يتشكل كوكب كبير مثل المشتري أو زحل أو أورانوس أو نبتون، يتشكل كوكب آخر بجواره من السحابة الغبارية أو الغازية نفسها. تكمن المشكلة في أن هذه الكواكب الكبيرة تمتلك جاذبية قوية جداً؛ لذلك تتصادم باستمرار ما يؤدي إلى تغييرات كبيرة في حركتها ومساراتها.

تزعزع هذه الاصطدامات استقرار النظام الشمسي الشاب، وفي بعض الأحيان تدفع الكوكب إلى الخارج، فإما أن يُطرد من النظام بالكامل، أو ربما يُنفى إلى الأطراف الخارجية، وقد يتحرك بحركات غير عادية أو غريبة في مداره؛ إذ تميز هذه الحركات رحلته وتفسر اختلافه عن الكواكب الأخرى.

اقرأ أيضاً: مذنب أخضر من أطراف النظام الشمسي يزور الأرض لأول مرة منذ 50 ألف عام

يقول المؤلف الرئيس والباحث في مختبر الفيزياء الفلكية بجامعة بوردو، شون ريموند (Sean Raymond): “تمتلك الكواكب التي تنجو من الاصطدامات مدارات غريبة وغير منتظمة؛ إذ تشبه هذه المدارات الندوب التي تعكس الماضي العنيف لهذه الكواكب”. هذا يعني أن الكوكب الذي طُرد إلى سحابة أورت لن يكون بعيداً عن نجمه فحسب بل سيكون مداره أيضاً متطاولاً وشبيهاً بمدار المذنبات؛ ومن ثَمّ سيكون مختلفاً عن المدار الذي تتبعه الأرض حول الشمس والذي يكاد يكون دائرياً تماماً، وكذلك فإن المسافة الهائلة التي تفصل بيننا وبين الكوكب هي السبب الرئيس في عدم رؤيتنا له. إذا كان هذا الكوكب موجوداً بالفعل، فإنه سيكون باهتاً للغاية. يقول ريموند: “سيكون من الصعب جداً العثور عليه”.

صور النظام الشمسي
تمتد سحابة أورت على نطاق واسع على شكل كرة حول النظام الشمسي، حتى إنها تتجاوز منطقة حزام كايبر الشهيرة (كما هو موضح في الصورة الداخلية). وكالة ناسا

تقول عالمة الفلك في معهد إم آي تي التي لم تشارك في هذه الدراسة، مالينا رايس: “إذا كان يوجد كوكب بحجم نبتون في سحابة أورت، فمن المحتمل أننا لم نكتشفه حتى الآن، ما يثير الدهشة هو أنه في بعض الأحيان، يمكن رصد الكواكب التي تقع على بعد مئات السنين الضوئية بطريقة أسهل من رصد الكواكب التي توجد في نظامنا الشمسي!”.

هل تم العثور على الكوكب إكس؟

على الرغم من صعوبة الأمر، بحث علماء الفلك عن سحابة أورت (وحزام كايبر الأقرب) منذ عقود من الزمن، على أمل العثور على الكوكب الافتراضي والغامض إكس (X). الكوكب إكس، الذي يسمى أيضاً الكوكب التاسع (ما يثير استياء مؤيدي كوكب بلوتو المخلصين)، هو كوكب بحجم كوكب نبتون يُعتقد أنه يدور على بُعد 96 مليار كيلومتر من الشمس. استخدم عالما الفلك في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، مايك براون وكونستانتين بيتيغين ملاحظات للأجسام الفلكية الموجودة في حزام كايبر للاستدلال على وجود كوكب تاسع يسمى “الكوكب إكس”، بحيث يؤثر في حركة هذه الأجسام ووضعها في الترتيب الذي نراه؛ لكن حتى الآن، لم تؤكَّد نظرية وجود هذا الكوكب المفترض.

لسوء الحظ، فإن الكوكب، الذي يُشتبه بوجوده في سحابة أورت والذي تحدث عنه ريموند وفريقه، لا يمكن أن يكون الكوكب إكس نفسه الذي كان يبحث عنه كل من براون وبيتيغين. على الرغم من أن هذا الكوكب المفترَض قد يكون بعيداً جداً وله مدار متطاول وغير منتظَم، فإن هذا هو التشابه الوحيد بينه وبين كوكب إكس الذي يبحث عنه براون وبيتيغين. يقول كايب: “في المحاكاة التي أجريناها، كانت الكواكب الموجودة في سحابة أورت أبعد من مدار الكوكب التاسع المفترَض بـ 10 أضعاف على الأقل، لا تستطيع عمليات المحاكاة تحديد مدارات الكواكب المحتملة بطريقة دقيقة، ولا يمكنها وضع الكواكب في مدارات تشبه مدارات الكوكب التاسع”.

اقرأ أيضاً: كواكب ونجوم مجهولة: دليل أسرار النظام الشمسي

لذلك؛ من الممكن وجود كوكب إضافي آخر إلى جانب الكوكب التاسع المفترض في الجزء الخارجي من النظام الشمسي في انتظار اكتشافهما، بالإضافة إلى عدد لا يُحصى من الكواكب الأخرى حول النجوم المختلفة. تقول رايس: “تسلط هذه النتائج الضوء على الكم الهائل من الأجسام التي يجب اكتشافها، ليس فقط في أنظمة الكواكب خارج النظام الشمسي ولكن حتى داخل نظامنا الشمسي”.