لقد اكتشفنا كوكباً. إنه يمتص الضوء من شمسه، ويرفض أن يعكسه. وفي المقابل، تقوم هذه الشمس بتجريد هذا الكوكب من غلافه الجوي، وتبتلعه ببطء.
هكذا يمكن لنيوفاوند بلانيتس، روبوت التغريد الذي يبتكر الكواكب على تويتر، أن يصف هذا العملاق الغازي تحديداً، بحيث يخلط الأفعال والصفات لينتج لنا ابتكاراً فضائياً يبدو لنا ضرباً من الخيال.
غير أن هذا الكوكب حقيقي تماماً، واسمه WASP-12b، وهو كوكب هائل ملتهب، يبدو أشبه بنسخة مشتعلة من كوكب المشتري، ويدور حول نجم يبعد عنا 1400 سنة ضوئية. اكتشف العلماء هذا الكوكب لأول مرة في 2008، غير أن عمليات رصد حديثة باستخدام تلسكوب هابل تظهر أن هذا الكوكب غريب للغاية، حتى بالنسبة للكواكب الخارجية الأخرى ذات الأغلفة الجوية المتوهجة، أو درجات الحرارة العالية، أو الغيوم المزينة بالياقوت.
نشر الباحثون دراستهم مؤخراً في مجلة "The Astrophysical Journal"، ووجدوا أن WASP-12b داكن أكثر مما تبين في عمليات الرصد السابقة بالتلسكوبات الأرضية. وهي المرة الأولى التي تمكن العلماء فيها من تحديد مقدار سواده عددياً.
عادة ما تقوم الكواكب من هذا الحجم والنوع بعكس ضوء النجم الذي تدور حوله بنسبة 40% تقريباً. غير أن هذا الكوكب يمتص ما يقارب 94% من وهج نجمه. وما يزيد من الغرابة هو المسافة التي يجب على الضوء أن يقطعها. فعلى الرغم من حجمه الضخم، يدور هذا الكوكب على مسافة 3.2 مليون كيلومتر فقط من نجمه، بفرق كبير عن كوكب الأرض الأصغر حجماً بكثير، والذي يدور حول الشمس على مسافة أكثر من 149 مليون كيلومتر من الشمس. ويعني هذا المدار الصغير أن ذاك الكوكب يكمل دورة كاملة حول الشمس في حوالي 24 ساعة، أي ما يعادل سنة لكوكب الأرض. كما أنه مقفل مدياً بالنسبة لنجمه، أي أن أحد جانبيه مضاء بشكل مستمر، والآخر مظلم على الدوام.
بسبب هذه المسافة القريبة، يصل النهار إلى درجات حرارة شديدة على هذا الكوكب، وتتجاوز هذه الحرارة 2537.78 درجة مئوية. وهو ما يكفي لمنع تشكل الغيوم العاكسة البراقة في السماء، وبهذا لا يبقى تقريباً ما يعكس الضوء قبل وصوله إلى سطح الكوكب. قد تتشكل بعض الغيوم في المنطقة التي يبدأ عندها الظلام، ولكنها لن تعكس الكثير من الضوء أيضاً لأنها لا تواجه الشمس أيضاً.
يعني انعدام قدرة العكس لهذا الكوكب أنه يحول كل الضوء الوارد إلى حرارة، ما يتسبب في استقرار درجة الحرارة الحارقة. كما يجعل الكوكب يبدو حالك السواد بالنسبة للراصدين. ولكن النجم لا يسمح للكوكب بسرقة ضوئه بدون أن يفعل شيئاً. حيث أنه يسحب أجزاء من غازات الغلاف الجوي لهذا الكوكب باتجاهه.
قد يكون هذا الاكتشاف مثيراً، ولكنه ليس الكوكب المظلم الأول الذي يكتشفه العلماء، أو حتى أكثرها سواداً. ففي 2011، اكتشف الباحثون عملاقاً غازياً حاراً آخر، TrEs 2b، بسطح أشد سواداً من الفحم أو طلاء الأكريليك، ويمتص تقريباً كل الضوء الوارد. ولكن على عكس WASP-12b، فلم نتمكن بعد من تحديد سبب سواده الداكن. قد يلقي أحد الأبحاث المستقبلية الضوء على هذا اللغز المظلم.