يزخر مدار الأرض بالكثير من الحطام الفضائي، ولكن ليس هناك الكثير من الأجسام التي تضاهي الجسم A10bMLz غرابة، والذي يصفه الفلكيون بأنه يشبه "كيس قمامة فارغ". يبعد هذا الجسم عن الأرض مسافة تزيد عن المسافة الوسطية بين الأرض والقمر، وليس له مدار ثابت، بل يتحرك بشكل عشوائي ومضطرب جيئة وذهاباً بين مسافتي 600,000 و537,000 كيلومتر تقريباً عن سطح الأرض، بشكل يشبه كثيراً – كما هو واضح من لقبه الغريب – كيس قمامة فارغ يتحرك في مهب الريح.
يُعتبر الجسم A10bMLz أبعد ما يكون عن مجرد حطام فضائي عادي. ومن جهته الفلكي دانييل بامبرجر من مرصد نورثولت برانش في لندن، والذي أجرى عمليات رصد وتحليل إضافية على الجسم بعد اكتشافه لأول مرة في 25 يناير من قبل ماسح الكويكبات أطلس في هاواي، يقول إنه وفريقه لا يعرفون ما إذا كان الجسم طبيعياً أو اصطناعياً. وأثناء تتبع حركته، أدركوا أنه يخالف التوقعات ويتحرك بشكل شبه عشوائي.
ولكن الفضاء شبه خالٍ، وليس هناك رياح أو ضغط هواء خلف هذه التقلبات. هناك فقط بضع قوى يمكن أن تجبر جسماً ما على الخروج من مداره الطبيعي. ما هو A10bMLz بالضبط، وأي نوع من القوى يمكن أن يقذف به في جميع الاتجاهات عبر المسارات الكونية؟
أول ما يجب أن نوضحه، هو أن تشبيه كيس القمامة الفارغ قد يبدو مضحكاً ومفيداً، إلا أنّ لدينا اسماً ذا طابع تقني يساعد على توصيف طبيعة هذا الجسم بدقة أكبر. ويشرح موربيا جاه، وهو باحث في ميكانيك المدارات في جامعة تكساس، أن الجسم يمثل ظاهرة تسمى ارتفاع نسبة المساحة إلى الكتلة، أو هامر HAMR اختصاراً. فعندما يمتلك جسمٌ ما سطحاً كبيراً وكتلةً صغيرة، يصبح من الممكن أن يتحرك بدفع الرياح الشمسية. حيث أن الفوتونات من الضوء والإشعاع الشمسي تتفاعل مع سطوح الأجسام الأخرى وتطبق ضغطاً صغيراً عليها كمحصلة نهائية لعدة تفاعلات فيزيائية.
من الصحيح أن ضغط الإشعاع الشمسي يمثل قوة صغيرة، ولكنه يؤثر على الجسم باستمرار، ويمكن أن يحدث فرقاً مع مرور الوقت، ويتراكم إلى درجة أنه يصبح قوياً بما يكفي لإخراج جسم ما عن مساره الطبيعي.
تتعرض الأجسام ذات السطح الكبير إلى المزيد من ضوء الشمس، أي أن ضغط الإشعاع الشمسي يؤثر بشكل أكبر على الأجسام ذات النسبة المرتفعة للمساحة إلى الكتلة. وعلى غرار أكياس القمامة الفارغة، فهي قليلة الكتلة وكبيرة المساحة، أي أنها أكثر عرضة للتأثر بالقوى الفيزيائية الخارجية. وهي نفس المبادئ الميكانيكية التي يستخدمها المهندسون لتطوير بعض تكنولوجيات الدفع الفضائي، مثل الأشرعة الشمسية.
عندما اكتشف بامبرجر وفريقه أن توقعاتهم الأولية لحركة الجسم كانت خاطئة، أدركوا أن الملامة تقع على الأرجح على ضغط الإشعاع الشمسي. فعلى الرغم من أن الجسم كان يتحرك بشكل عشوائي، فإن الاتجاه العام للحركة كان بعكس اتجاه الشمس. يقول بامبرجر: "بالنسبة للجسم A10bMLz، فهذا كافٍ للتأثير على المدار إلى حد بعيد".
ولكن جاه يشرح أن هذه الأجسام عصية على التصوير إلى حد بعيد، ما يجعل من الصعب تحديد صفاتها الفيزيائية مثل الحجم والشكل وخواص المواد والتوجه. وبدون معرفة هذه العوامل، يصبح من شبه المستحيل توقع تأثير ضغط الإشعاع الشمسي على حركتها.
أما المعلومات التي نعرفها عن A10bMLz فهو أن عرضه يبلغ عدة أمتار، ولكنه يزن أقل من كيلوجرام واحد، وهو على الأرجح قطعة معدنية انسلخت أثناء انطلاق أحد الصواريخ إلى المدار. وتعني كتلته الصغيرة وحركته العشوائية أنه سيبقى على الأرجح في مدار الأرض لعدة أسابيع.