كيف سيبدو الأمر إن كنت تقود مركبة على القمر؟

يقول رئيس البرنامج المتقدم لديناميكيات المركبات في جنرال موتورز، جيف فوغت، محذراً: «القيادة على القمر مثل القيادة على الجليد. إنها أشبه بالقيادة في أسوأ عاصفة جليدية يمكنك تخيلها».

سألتُ فوغت عن بعض الأشياء تحضيراً لدوري في قيادة جهاز محاكاة المركبة القمرية من جنرال موتورز، وهي تجربة يمكن من خلالها تحقيق حلمي الذي طالما راودني منذ أن شاهدت رواد فضاء أبولو عندما كنت طفلاً.

رحلة القيادة على القمر

قام طاقم رحلة أبولو 17 المكون من رواد الفضاء يوجين سيرنان وجاك شميت بجولة على سطح القمر بحثاً عن صخور ذات أهمية جيولوجية، وهي المهمة التي أصبحت أكثر إنتاجية باستخدام مركبتهم رباعية الدفع. لكن فكرة قيادة مركبة على الطرق الوعرة عبر سطح القمر المليء بالحفر خمدت بعد أن عاد سيرنان وشميت على متن مركبة الهبوط القمرية إلى الأرض في ديسمبر/كانون الأول عام 1972.

تطمح الآن شركة جنرال موتورز، والتي بنت العربات القمرية (LRV)، إلى العودة إلى القمر بمركبة التنقل القمرية الجديدة (LMV) بالتعاون مع شركة لوكهيد مارتن.

يُعتبر محاكي جنرال موتورز أداة التطوير الرئيسية في هذا البرنامج، حيث يساعد المهندسين على اختبار تصاميم المركبات التي لا يمكن اختبارها بشكل واقعي على الأرض؛ وذلك بسبب ضعف جاذبية القمر التي تبلغ سدس جاذبية الأرض. تبلغ كتلة مركبة LMV على الأرض 1500 كيلوغرام، لكن وزنها على سطح القمر لن يكون سوى سدس وزنها على الأرض، حيث ستكون قوة جر المركبة ضعيفةً على الأسطح المتربة.

صعدت وراء عجلة القيادة. الهدف هو تجنب الحركات المفاجئة. لا انطلاقة سريعة أو توقفات أو منعطفات. وقبل كل شيء، القيادة بسلاسة وروية عند المرور عبر الحفر كما يقول فوغت. يقول فوغت: «لقد تعلمنا بسرعة أنه إذا تسارعت المركبة بشدة قبل صعود منحدر، فإنها، وفي ظروف الجاذبية الأقل، ستنطلق إلى الفضاء».

حسناً، هذا مفهوم!

هكذا تبدو القيادة على القمر. — رائد الفضاء يوجين سيرنان في ديسمبر/كانون الأول عام 1972 مع المركبة القمرية الجوالة LRV. *ناسا*

تبين أنه عند قيادتها ببطء وسلاسة، كما لو أنك تقود على الجليد، يسهل توجيه مركبة LMV وتستجيب بشكلٍ مثالي. التحدي الأكبر هو القيادة في جهاز محاكاة مع شاشة ثنائية الأبعاد تعمل كبديل يمثل الواقع على القمر. على الرغم من أن شاشة المحاكي تحيط بمركبة المحاكاة بمقدار 270 درجة وتظهر كيلومتراً مربعاً واحداً من القطب الجنوبي للقمر محملاً على جهاز كمبيوتر جنرال موتورز، فإن الإحساس بالانحدار ضئيل للغاية كما لو كنت تشعر في الواقع أنك تخرج من حفرة أو تهبط فيها.

عند تشغيل المحاكاة، ستكون محاطاً بشاشة عالية الدقة يبلغ قطرها 8 أمتار موجودة في غرفة مظلمة. ستقود من قسم قمرة القيادة في السيارة المثبتة فوق قاعدة تميل من جانب إلى آخر وللأمام والخلف، ولكن معظم هذه الحركة غير محسوسة أثناء قيادة البرنامج القمري بسبب سلاسة حركات القيادة. أعتقد أن القيادة أكثر ستصبح أكثر صعوبة إذا ما قام البرنامج بمحاكاة سيارة كروفيت الكهربائية الأحدث من جنرال موتورز على المضمار.

عندما تشعر أن مركبة LMV تسير ببطء عند استجابتها لدواسة الوقود، فهذا دليل على أنها تصعد منحدراً، وعندما تشعر بأنها لا تتباطأ عند رفع رجلك عن دواسة الوقود، فذلك لأنها تنزل منحدراً.

قدرات المركبات القمرية LMV

الصور المتوفرة للقطب الجنوبي للقمر منخفضة الدقة، لذلك يتم تمثيل المعالم الكبيرة بدقة. تم إنشاء الفوهات والصخور الأصغر إحصائياً، بناءً على فهم مدى انتشارها على القمر. أثبتت مركبة LMV أن لديها خلوصاً أرضياً كافياً بحيث يمكنها المرور فوق الصخور الصغيرة على القمر وتجاوزها بسهولة. بدون إطار مرجعي، ليس لدي أي فكرة عن حجم العربة الجوالة الحقيقي، لكنني الآن أعرف أنها ستكون قادرةً على القيادة فوق معظم الصخور التي ستواجهها في طريقها.

تبلغ سرعة مركبة LMV القصوى 25 كم/ سا، لكنني لا أجازف أبداً بالقيادة بسرعةٍ أكثر من 12 كم/ سا. قد يكون الحادث الافتراضي غير مؤذٍ بالنسبة لي، ولكن الوقت اللازم لإعادة ضبط جهاز المحاكاة سيعني نهاية فورية لقيادتي الخيالية على القمر. بلغت أقصى سرعة لعربة أبولو القمرية LRV 13 كم/ سا، لكن رواد الفضاء كانوا يميلون إلى قيادتها بسرعة 5 كم/ سا لتجنب تعطلها وتقليل الغبار الذي تثيره عجلاتها.

من المهم نمذجة قدرات مركبة LMV لأنه من المتوقع، وعلى عكس مركبة أبولو القمرية LRV، أن تقضي معظم وقتها وهي تقود بشكلٍ ذاتي بين المهام وهي تحمل الأطقم البشرية. نظراً لأن الإشارات اللاسلكية تستغرق 3 ثوانٍ للوصول من الأرض إلى القمر، فإن التحكم بالمركبة عن بُعد غير عملي، خاصةً في السرعات الأعلى التي يمكن أن تسير بها مركبة LMV.

نقلت جنرال موتورز تقنيات القيادة الفنية المستخدمة في سياراتها ذاتية القيادة من طراز كروز إلى عربة LMV، ما يسمح للمركبة بالعمل حتى عندما لا يكون رواد الفضاء على متنها. تصميم شركة لوكهيد مارتن هو لمركبة هبوط مكرسة لتوصيل مركبة LMV إلى سطح القمر، بدلاً من إرسالها مع رواد الفضاء على نفس الرحلة كما كان عليه الحال بالنسبة للعربة القمرية LRV.

سيكون باستطاعة مركبة LMV البدء بالعمل بمجرد هبوطها على سطح القمر واستكشاف التضاريس وإجراء التجارب دون انتظار وصول رواد فضاء مهمة أرتميس إلى القمر، نظراً لأنها ستكون ذاتية القيادة. سيتم تجهيز LMV بنفس نظام الدفع الكهربائي ألتيوم (Ultium) الذي تستخدمه شركة جنرال موتورز في سياراتها الكهربائية الأرضية. سيكون للمركبة نفس المحركات الكهربائية. وعلى الرغم من أن خلايا بطارية نظام ألتيوم، والمستخدمة حتى الآن في سيارات جي إم سي هامر إي في الكهربائية التي اختبرناها سابقاً وفي وسيارات كاديلاك ليريك الجديدة، هي خلايا منشورية على شكل الحقيبة، فإن جنرال موتورز تخطط أيضاً لاستخدام الخلايا الأسطوانية في عربة LMV. تشبه خلايا البطاريات الأسطوانية طراز البطارية المعروف AA، وهي أكثر ملائمة لتقلبات درجات الحرارة الشديدة التي تصل إلى 500 درجة بين أسبوعين من ضوء النهار وأسبوعين من الليل على القمر، وفقاً للشركة.

استفادت جنرال موتورز من خبرتها من برامج التحكم في محركاتها الكهربائية الثلاثة المستخدمة في سياراتها الكهربائية من طراز هامر لبرمجة محركات مركبة LMV الأربعة. سيتيح ذلك لمحركات المركبة زيادة قوة الجر المتاحة إلى الحد الأقصى، وسيسمح لها بتنفيذ مناوراتٍ مفيدة أثناء القيادة مثل الانعطافات الحادة التي يمكن لسيارة هامر تنفيذها عن طريق توجيه قوة السحب إلى العجلات الخارجية.

من بين تفاصيل تصميم مركبة LMV، وضع المقاعد، والذي يضع رائدي الفضاء أمام العجلات الأمامية مباشرةً بدلاً من وضعهما في وسط المركبة كما كان الحال في مركبة LRV. من شأن ذلك تقليل تعرض الطاقم إلى الغبار الذي تثيره العجلات الأمامية، والتي تعلق بها الكثير من الأشياء بسبب شحنتها الكهروستاتيكية.

تُظهر النماذج التي عرضها عليّ مصممو جنرال موتورز أن رواد الفضاء سيجلسون في عربة مكشوفة على الخلاء، لكنهم يوضحون أن الإصدارات الأحدث من مركبة LMV ستحتوي على هياكل تحيط بالمقاعد بالإضافة إلى مكانٍ مخصص للحمولة لتقليل التعرض للغبار قدر الإمكان.

إن معرفة أن جنرال موتورز قد اتخذت مثل هذه الخطوات للمساعدة في الحفاظ على البدلة الفضائية المستقبلية الخاصة بي يسهّل عليّ التطوع في مهمة قيادة مركبة LMV على القمر. مَن جرّب قيادة المحاكي غيري؟