بعد أن أقصي بلوتو من مجموعة الكواكب في 2006، عاد النظام الشمسي إلى حالة مملة من ثمانية كواكب فقط. بعد ذلك، وفي السنة الماضية، أعلن الفلكيون عن اكتشاف دلائل تشير إلى وجود كوكب تاسع مختبئ في مكان ما من أطراف النظام الشمسي. ما زال العلماء يحاولون تحديد ما إذا كان الكوكب التاسع موجوداً فعلاً، ولكن يبدو أنهم بدؤوا يشتبهون بوجود كوكب عاشر غامض أيضاً، وربما غير موجود على الإطلاق. يا للارتباك.
نشرت عالمتا الكواكب كات فولك ورينو مالهورتا، من جامعة أريزونا، ورقة بحثية في المجلة الفلكية " Astronomical Journal"، وقد اقترحتا فيها إمكانية وجود كوكب خفي على أطراف حزام كيبر. وإذا كان موجوداً فعلاً هناك، تعتقد العالمتان أنه قد يكون مماثلاً في كتلته للمريخ أو الأرض، ويدور حول الشمس على بعد 60 واحدة فلكية "AU"، أي 60 ضعفاً من البعد ما بين الشمس والأرض. من ناحية أخرى، فقد يتمتع الكوكب التاسع بكتلة تساوي عشرة أضعاف كتلة الأرض، ويدور على مسافة قد تصل إلى 700 واحدة فلكية.
يتوضع حزام كيبر ما بعد مدار نبتون، وهو عبارة عن حلقة ضخمة مكتظة بالبقايا الجليدية الناتجة عن تشكل النظام الشمسي، مثل المذنبات والكواكب القزمة مثل بلوتو. وفي الواقع، فإن كان الكوكب الافتراضي العاشر صغيراً كما يعتقد العلماء، فقد لا يتمتع بما يكفي من الجاذبية لإزالة الحطام من مداره، وهو أحد المتطلبات الضرورية لتصنيفه ككوكب. وهي نفس المشكلة التي وقع فيها بلوتو منذ 11 عاماً. وإذا لم يتمكن الكوكب العاشر من فتح طريق خال من الحطام لمداره، فسوف يكون مجرد كوكب قزم آخر، مواطن من الدرجة الثانية بين الكواكب، وغير جدير بالاحترام.
حالياً، توصلت فولك ومالهورتا إلى رصد الأثر الثقالي للكوكب الخفي المحتمل وحسب، ولم يتمكن أحد في الواقع من رؤيته فعلياً. وتعتقدان أنه هناك بسبب اختلال مدارات الأجسام البعيدة في حزام كيبر.
تدور الأجسام البعيدة في حزام كبير بشكل عام ضمن قرص مسطح يحيط بالشمس. توجد بعض المدارات المائلة قليلاً باتجاه أو بآخر، تماماً مثل قبعة مائلة الحواف، ولكن تبقى هذه المدارات عموماً محصورة ضمن سطح مستوٍ. ينطبق هذا على الأغلبية العظمى من حزام كيبر. وبعد دراسة أكثر من 600 من هذه الأجسام، وجدت فولك ومالهورتا أن معظمها تدور ضمن نطاق سطح مستوٍ مائل بمقدار ثماني درجات. ما يعني وجود شيء يتسبب بهذا الميلان في المناطق النائية من النظام الشمسي.
وفقاً لتصريح من فولك: "التفسير المرجح لهذه النتائج هو وجود كتلة ما غير مرئية. وفقاً لحساباتنا، ينبغي وجود شيء ذي كتلة قريبة من كتلة المريخ للتسبب بهذا الميلان الذي قسناه".
ولكن يوجد احتمال أن يكون هذا الميلان ناتجاً عن أكثر من جسم واحد، كما تلحظ المؤلفتان، أو أن نجماً عابراً اقترب من هذه المنطقة وتسبب باختلالات ثقالية في أطراف حزام كيبر.
كيف يمكن للعلماء أن تفوتهم رؤية كوكب بحجم المريخ في أطراف نظامنا الشمسي طوال هذا الوقت؟ في الواقع، فإن النظام الشمسي يمتد على مساحة هائلة، ولم نتمكن بعد من مسحه بشكل كامل. وإذا كان هناك كوكب متراصف مع مستوي المجرة، فقد تصعب رؤيته بسبب وجود العديد من النجوم.
قد يتطلب التأكد من وجود الكوكبين التاسع والعاشر عدة سنوات. حالياً، يقوم مشروع مسح أصول الجزء البعيد من النظام الشمسي بالبحث عن آلاف الأجسام البعيدة وتتبعها، وتشعر فولك بالتفاؤل حول قدرة التلسكوب الكبير للمسح الشامل "LSST"، والذي سيبدأ بالعمل في تشيلي في 2020، على المساعدة في تضييق نطاق البحث.
تقول مالهورتا: "نتوقع من LSST أن يزيد من عدد الأجسام البعيدة في حزام كيبر والتي يتم رصدها، من 2000 إلى 40,000. هناك المزيد من الأجسام هناك، غير أننا لم نتمكن من رؤيتها بعد. قد يكون بعضها بعيداً وخافتاً لدرجة يتعذر حتى على LSST كشفها، ولكن، وبما أن هذا التلسكوب سيغطي السماء بشكل أكثر شمولية بكثير من عمليات المسح الحالية، فمن المفترض أن نتمكن من رؤية هذا الجسم، إذا كان موجوداً هناك حقاً".