إذا أمعنت النظر إلى النجوم في ليلة صافية بعيدة عن أضواء المدينة، فسوف ترى نجوماً بألوان متعددة، كالأبيض المزرق إلى الأصفر إلى البرتقالي والأحمر وغيرها. فما أسباب اختلاف ألوان النجوم ولماذا يبدو بعضها وكأنه يتلألأ ويتغير لونه؟
لماذا تختلف ألوان النجوم؟
يعود اختلاف لون النجوم بشكل أساسي إلى درجة حرارة النجم بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى، ومنها:
درجة حرارة النجم
السبب الأول والرئيسي الذي يؤثر في لون النجم هو درجة حرارته، وذلك لأن الأجسام الساخنة تُطلق جزءاً من طاقتها الحرارية على شكل فوتونات، وتُسمى عملية تحول الطاقة الحرارية إلى طاقة ضوئية بالتوهّج (Incandescence)، وكلما ازدادت سخونة الأجسام، تشع طاقة تهيمن عليها أطوال موجية أقصر وهو ما نراه على شكل ألوان متغيرة.
اقرأ أيضاً: أين يبدأ الفضاء الخارجي؟
على سبيل المثال، يتغير لون لهب موقد اللحام من الأحمر إلى الأزرق (اللون الأزرق ذو طول موجي أقصر من الطول الموجي للون الأحمر) إذا ضبط ليكون أكثر سخونة. فعندما تكون درجة حرارة الجسم الساخن 800 درجة مئوية، تكون الطاقة التي يشعها الجسم في نطاق الأشعة تحت الحمراء، ومع ارتفاع درجة حرارته، تنتقل طاقة الفوتونات التي يشعها إلى منطقة الطيف المرئي بحيث يبدو أن الجسم يتوهج بلون ضارب إلى الحمرة، ثم وعندما يصبح الجسم أسخن، يتغير اللون إلى أبيض وفي النهاية إلى لون أزرق.
بالنسبة للنجوم، تبلغ درجة حرارة سطح الشمس نحو 5,527 درجة مئوية، ويبلغ الطول الموجي للضوء المنبعث منها نحو 550 نانومتر، وهو ما نعتبره ضوءاً أبيض مرئياً أو مائلاً للأصفر، أما وفي حال كانت درجة حرارة سطح الشمس أكثر برودة أي نحو 3000 درجة مئوية، فسوف تبدو حمراء مثل نجم منكب الجوزاء، وفي حال كانت أكثر سخونة أي نحو 12,000 درجة مئوية، فسوف تبدو زرقاء مثل النجم رجل الجبار (Rigel).
يُذكر أن لون النجم الذي نراه هو عبارة عن مزيج من عدة أطوال موجية مختلفة، وهو ما يشار إليه عادة بمنحنى بلانك، حيث يُطلق على الطول الموجي الذي يشع عنده النجم معظم الضوء اسم "الطول الموجي الأعظمي للنجم" وهي ذروة منحنى بلانك. ومع ذلك، فإن كيفية رؤية هذا الطول الموجي بواسطة العين البشرية قد يُخفَّف (يكون أفتح) قليلاً بتأثير الأجزاء الأخرى من الأطوال الموجية.
اقرأ أيضاً: ماذا سيحدث إذا دارت الأرض بشكل أسرع حول نفسها؟
مكونات النجم
يتشكل النجم أساساً ابتداءً من سحابة كبيرة من الغبار والغاز وهي ما تُعرف باسم السديم (Nebulae)، وبالإضافة إلى أن السديم يتكون إلى حد كبير من الهيدروجين وهو الوقود الرئيسي لتكوين النجوم بالإضافة إلى الهيليوم، فإنه قد يحتوي أيضاً على آثار من عناصر أخرى.
وعلى الرغم من أن التغير في اللون الذي تضيفه هذه العناصر إلى النجوم ليس واضحاً جداً، لكنه ومع ذلك فهو قابل للدراسة باستخدام طريقة التحليل الطيفي (Spectroanalysis)، حيث يقوم العلماء بفحص الأطوال الموجية المختلفة التي ينتجها النجم باستخدام مقياس الطيف، ثم تحديد العناصر التي يتم حرقها داخله.
اقرأ أيضاً: كيف تبدو الأرض من الأجرام السماوية البعيدة في الفضاء؟
بُعد النجم
قد تلاحظ عند مراقبة النجوم أن بعضها أكثر سطوعاً من البعض الآخر، وهذا يتعلق بكمية الطاقة التي يبثّها النجم ومدى قربه من الأرض. بالإضافة إلى ذلك، فإن عاملاً آخر يؤثر في لون النجم الذي نراه، وهو ما يُعرف بتأثير دوبلر (Doppler effect)؛ إذ وعندما يتعلق الأمر بالأمواج الصوتية أو الضوئية أو غيرها من الموجات، فقد يزداد طول الموجة أو ينقص بناء على المسافة الموجودة بين المصدر والمراقب. على سبيل المثال، قد تسمع النغمة العالية لصفارة سيارة الإسعاف التي تقترب منك من بعيد، ثم تلاحظ أن صوتها ينخفض فجأة عند مرورها بالقرب منك.
وعندما يتعلق الأمر بالنجوم، يتسبب هذا التأثير فيما يعرف بالانزياح نحو الأحمر (Redshift) والانزياح نحو الأزرق (Blueshift)، حيث تتم إزاحة الضوء المرئي القادم من نجم بعيد باتجاه النهاية الحمراء للطيف إذا كان يتحرك مبتعداً، في حين ينزاح إلى النهاية الزرقاء إذا كان مقترباً.
اقرأ أيضاً: إلى أي مدى يمكنك الرجوع بالزمن إلى الوراء عندما تنظر إلى السماء؟
الغلاف الجوي للأرض
لا يؤثر الغلاف الجوي في لون النجم الفعلي، وإنما يؤثر في اللون الذي يبدو لنا، فقد تظهر بعض النجوم وكأنها تتألق بألوان مختلفة أو تومض، وهذا ليس لأنها تومض فعلياً أو أن لونها يتغير، وإنما بسبب الغازات المختلفة الموجودة في طبقات الغلاف الجوي للأرض التي تسبب انكسار أو انحناء الأشعة القادمة من النجم، فيبدو وكأن ضوء النجم يومض ويتغير لونه.
تصنيف النجوم حسب لونها ودرجة حرارتها
يستخدم علماء الفلك خصائص النجوم الأساسية التي تشمل فئتها الطيفية (اللون) ودرجة الحرارة والحجم والسطوع من أجل تصنيف النجوم الموجودة في مرحلة التسلسل الرئيسي، (التسلسل الرئيسي هو أطول مرحلة من دورة حياة النجم وأكثرها استقراراً)، ومن هذه التصنيفات نظام مورغان- كينان (Morgan-keenan) الذي يصنف النجوم إلى عدة فئات باستخدام مجموعة من الأحرف كالتالي:
- النجوم من الفئة O: درجة حرارتها 40 ألف كلفن (39,726 درجة مئوية)، ولونها أزرق.
- النجوم من الفئة B: درجة حرارتها 20 ألف كلفن (19,726 درجة مئوية)، ولونها أبيض مزرق.
- النجوم من الفئة A: درجة حرارتها 10 آلاف كلفن (9,726 درجة مئوية) ولونها أبيض.
- النجوم من الفئة F: درجة حرارتها 7,500 كلفن (7,226 درجة مئوية)، ولونها أبيض مصفر.
- النجوم من الفئة G: درجة حرارتها 5,500 كلفن (5,226 درجة مئوية)، ولونها أصفر.
- النجوم من الفئة K: درجة حرارتها 4,000 كلفن (3,726 درجة مئوية)، ولونها برتقالي.
- النجوم من الفئة M: درجة حرارتها 3,000 كلفن (2,726 درجة مئوية)، ولونها أحمر.
يُذكر أن كل فئة من هذه الفئات تُقسم إلى 10 أفرع باستخدام الأرقام من 0 إلى 9، بحيث يشير الرقم 0 إلى النجم الأكثر حرارة ضمن الفئة، في حين يشير الرقم 9 إلى النجم الأكثر برودة ضمن الفئة نفسها. أما شمسنا العزيزة، فتُصنف بأنها نجم قزم أصفر من الفئة G في مرحلة التسلسل الرئيسي من دورة حياتها.