لو تأخر ذلك الكويكب 30 ثانية فقط، لربما حكمت الديناصورات العالم وربما لم يكن للبشر أي وجود

3 دقائق
معلومة هامة: يظهر في هذه الصورة تصوير فني أقرته ناسا بشكل فعلي منذ العام 1994 للحظة اصطدام النيزك الذي قضى على معظم الديناصورات.

يمثل الموقع كل شيء بالنسبة لكل من مالكي المنازل وحتى الديناصورات على حد سواء. فعندما تهمّ بشراء منزل ما، من الأفضل - لكي تنعم بإقامتك على المدى الطويل - أن تعثر على حي يعجبك قربه من العمل، بدلاً من أن يضم المنزل غرفة معيشة إضافية. وعندما تكون ديناصوراً في العصر الطباشيري، من الأفضل لكي تزيد فرص بقائك على المدى الطويل أن يقوم كويكب عملاق بضرب وسط المحيط بدلاً من أن يتم ذلك قبالة سواحل المكسيك.

لو تأخر وصول ذلك النيزك إلى الأرض نصف دقيقة فقط، لارتطم في مكان ما يقع إما في المحيط الأطلسي أو المحيط الهادي. كان سيتسبب أي من الموقعين بنشوء بعض الموجات المدمرة (حرفياً)، ولكن ذلك على الأقل لم يكن ليتسبب بقتل ذلك العدد الكبير من الديناصورات. تعتبر الطيور مخلوقات رائعة بكل ما تتميز به من صفات، قد يكون من الجميل اليوم وجود بعض الطيور الجارحة الصغيرة وهي تركض حولنا بدلاً من الدجاج.

على أي حال، لقد كانت بنفس الحجم تقريباً، لذلك لن تتمكن من الوصول إلى مقابض الأبواب إن رفعنا موقعها قليلاً. تم الكشف عن هذه النتائج الجديدة في فيلم وثائقي لقناة بي بي سي البريطانية بعنوان "اليوم الذي ماتت فيه الديناصورات"، حيث ظهر فيه العلماء الذين كانوا يحفرون داخل فوهة الانفجار تحت الماء.

فبالعودة إلى العام 2016، قام الجيوفيزيائيان جو مورغان من كلية لندن الإمبراطورية، وشون غوليك من جامعة تكساس، بالحفر عميقاً في قاع المحيط لاكتشاف المزيد عن هذا الاصطدام. كانوا يحللون العينات التي حصلوا عليها والتي تعود لتلك الحقبة. تم خلال مؤتمر علوم القمر والكواكب للعام 2017 نشر العديد من العروض التقديمية للفريق، ولكن المفاجئ في الأمر هو أن الأخبار لم يتم نشرها حتى وصلت نتائجهم إلى قنوات التلفزيون الرئيسية.

قبل الدخول في مزيد من التفاصيل، تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد أدلة سببية هنا. تقول إحدى النظريات الرائدة عن الانقراض الجماعي للديناصورات غير الطائرة؛ إنه وقع حادث اصطدام هائل (واحد على الأقل) تسبب بحدوث سلسلة من النتائج الكارثية التي دمرت أكبر تنوع من النباتات والحيوانات. ولكنه حدث قبل 66 مليون سنة.

تم تحديد عمر فوهة تشيكشولوب التي تقع قبالة الساحل المكسيكي بأنها تعود إلى تلك الحقبة نفسها، وبالتالي هناك تطابق في الجداول الزمنية، ولكنها مازالت مجرد بيانات ظرفية. ونظرية الاصطدام ليست النظرية الوحيدة المطروحة. فليس هناك إجماع بين جميع علماء المستحاثات على أن فوهة تشيكشولوب هي المسؤولة عن الانقراض الجماعي، على الرغم من أن البيانات تدعم بقوة نظرية الاصطدام.

وبالتالي، مع افتراض حقيقة وقوع حادثة اصطدام كبيرة واحدة تسببت بفناء معظم الديناصورات، يكون النيزك المسؤول عن ذلك قد ارتطم بالقرب من شبه جزيرة يوكاتان، حيث كان قادراً على إثارة الغبار كما يشاء من الصخور المتبخرة وثنائي أوكسيد الكبريت. بالطبع، ماتت أعداد كبيرة من الديناصورات المكسوة بالريش نتيجة القوة الانفجارية للكويكب المندفعة بسرعة هائلة نحوها – كانت تعادل ما يقارب 10 مليارات قنبلة نووية بحجم قنبلة هيروشيما – ولكن الكثير منها مات في وقت لاحق أيضاً.

دعونا لا ننس ما يتعلق بالتبريد الذي حدث على امتداد كوكبنا الأرضي، والذي بدأ مع كل تلك الكميات الهائلة من ثنائي أوكسيد الكبريت. فخلافاً لغازات الدفيئة، فإن غاز ثنائي أوكسيد الكبريت لديه تأثير شديد البرودة تسبب بموت أعداد كبيرة عندما بدأ العالم يتجمد. تسببت الصخور المتبخرة بحجب ضوء الشمس، ومهدت بذلك لهطول المزيد من الثلوج التي لم يكن لأي مخلوق أن يرغب حقاً بالتعامل معها (تنويه بعدم المسؤولية: لا يمكن لمجلة بوبيولار ساينس التحقق مما إذا كانت بعض الأنواع الحية في العصر الطباشيري قد استمتعت بالثلوج في الواقع. من يدري، فلربما كانت تمرح وتصنع أشكالاً لمخلوقات مجنحة خيالية في الثلج).

لم يكن الكثير من الحيوانات مستعداً لذلك النوع من التبريد المفاجئ (فلم يكونوا قد ابتكروا بعد معاطف من ماركة كندا غوز)، ولكن هل تعلم من نقصد؟ إنهم البشر، حسناً، ليس البشر كما تعرفهم اليوم، بل أسلاف الثدييات القديمة لإحدى السلالات التي أنتجت البشر في مرحلة لاحقة. وحمداً لله أنها فعلت ذلك، لأنه مع إقصاء الديناصورات من مشهد الحياة على الأرض، أتيحت الفرصة لأجسامنا الطرية وصغارنا الذين لا حول لهم ولا قوة لكي يزدهروا. حيث نجا أسلافنا من الثدييات الصغيرة من زلازل ضخمة، ومجموعة مترافقة من الانفجارات البركانية، والأمطار الحامضية، وشهدوا موت معظم أنواع النباتات التي كانوا يأكلونها. وقد عاشوا ليرووا الحكاية.

مرة أخرى نقول، ليس تماماً، لأنهم وفقاً لكل الاحتمالات لم يكن لديهم لغة متطورة بما يكفي لنقل القصة. فكلاب البراري في وقتنا الحالي يمكنها أن تتحدث عن ألوان القمصان التي يرتديها الناس اليوم، ولكنها مع ذلك لا يمكنها على الأرجح أن تروي حكاية تتعلق "بذلك الزمن الذي مات فيه كل شيء تقريباً".

عاش أسلافنا من الأزمان الغابرة في تلك الحقبة إلى جانب أسلاف التماسيح القديمة وأسماك القرش، ثم حلت لعنة الخالق على الأرض، ليتحول هؤلاء إلى أنواع سائدة. منذ ذلك الحين نجحنا في الخروج من السلسلة الغذائية، باستثناء تلك الفئة من الناس الذين يحاولون مصادقة تلك الآلات القاتلة التي لا تعرف الرحمة: الدببة. من الواضح أن شيئاً من ذلك ما كان ليتحقق لو أن ذلك النيزك قد وصل متأخراً لمدة 30 ثانية فقط. صحيح أن الطير الذي يأتي مبكراً يلتقط الدودة كما يقال، ولكن ذلك يبقى بالنسبة للدودة أمراً بغيضاً.

المحتوى محمي