بينما يستغرق دوران الأرض حول الشمس 365 يوماً، يستغرق دوران الكوكب الخارجي بيتا بيكتوريس بي (Beta Pictoris b) حول نجمه 23.6 سنة أرضية. استخدم أحد علماء الفيزياء الفلكية ومصور الكواكب الخارجية من جامعة نورث وسترن مشاهد مصورة على مدى 17 عاماً لإنشاء مقطع فيديو مختزل للوقت (time-lapse) لمدار شبه كامل لهذا الكوكب العملاق حول نجمه.
كوكب بيتا بيكتوريس بي
بيتا بيكتوريس بي هو كوكب هائل تبلغ كتلته 12 ضعفاً من كتلة كوكب المشتري الغازي العملاق. يبعد هذا الكوكب نحو 63 سنة ضوئية عن الأرض، ويوجد في كوكبة المرسمة. يبلغ بُعد هذا الكوكب الضخم عن نجمه نحو 10 أضعاف من بعد الأرض عن الشمس، كما أنه أكبر بنحو 1.75 مرة من الشمس وأكثر سطوعاً منها بـ 8.7 مرات.
استخدم عالم الفيزياء الفلكية، جيسون وانغ (Jason Wang) مشاهد مصورة في الوقت الفعلي جُمعت بين عامي 2003 و2020 وتختصر الرحلة التي استمرت 17 عاماً إلى 10 ثوانٍ، وهي تعرض نحو 75% من دورة واحدة لبيتا بيكتوريس بي حول نجمه.
قال وانغ في بيان صحفي: "نحتاج إلى جمع البيانات لست سنوات أخرى حتى نتمكن من رصد مدار كامل. اقتربنا من تحقيق هذا الإنجاز، والصبر هو السر الآن".
اقرأ أيضاً: تلسكوب جيمس ويب الفضائي ينجح في تحديد أول كوكب خارجي في مهمته
يبلغ عمر هذا الكوكب الصغير السن ما بين 20 و26 مليون سنة، وصُوّر لأول مرة في عام 2003. في ذلك الوقت، سهّل حجم بيتا بيكتوريس بي وسطوعه عملية تحديد موقعه مقارنة بالكواكب الخارجية الأخرى في المجرة.
قال وانغ: "إنه كوكب ساطع للغاية. لذلك، كان أحد الكواكب الخارجية الأولى التي اكتشفناها وصورناها مباشرة. إنه كبير للغاية لدرجة أنه يُصنّف على أنه في المرحلة الحديّة بين الكواكب والأقزام البنية، وهي أجرام أضخم من الكواكب".
كوكب خارجي مميز
أنشأ وانغ أول المشاهد المصورة المختزلة للوقت لبيتا بيكتوريس بي باستخدام بيانات جُمعت على مدى 5 سنوات من دورانه حول نجمه. بدأ العمل مع طالب في مدرسة ثانوية محلية يحمل اسم مالاتشي نويل (Malachi Noel)، الذي استخدم تقنيات معالجة الصور التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات التصوير المؤرشفة بانتظام التي جمعتها أداة الجوزاء لتصوير الكواكب في مرصد الجوزاء، وأداة نظام ناسميث البصري التكيفيّ (NACO) وأداة قياس الاستقطاب والطيف العالية التباين للبحث في الكواكب الخارجية (SPHERE) التابعتان للمرصد الأوروبي الجنوبي.
قال نويل في بيان صحفي: "تمتّعت مجموعات البيانات بتنوّع كبير بسبب المدى الزمني الواسع، ما تطلّب تعديل عملية معالجة الصور عدة مرات. أستمتِع بحق في العمل باستخدام هذه البيانات. الفيزياء الفلكية هي بالتأكيد مسار وظيفي أفكر في اتباعه بجدية، على الرغم من أنه من السابق لأوانه تحديد ذلك على وجه اليقين".
بعد معالجة البيانات بانتظام، استخدم وانغ تقنية خوارزميّة تحمل اسم الاستكمال بالحركة لملء الفجوات وإنشاء مقطع فيديو مستمر. حافظ ذلك على سلاسة صورة الكوكب الخارجي في أثناء تحركه عبر مداره في الفضاء.
قال وانغ: "إذا دمجنا الصور معاً فقط، فسيكون الفيديو متقطعاً للغاية لأننا لم نرصد هذا الكوكب على نحو مستمر لمدة 17 عاماً. تخفف الخوارزمية من هذا التشويش، ما يمكّننا من تخيّل كيف سيبدو الكوكب إذا رصدناه يومياً".
اقرأ أيضاً: اكتشاف كوكب خارجي عملاق ساخن جداً قد يجيب عن الأسئلة المتعلقة بموت النجوم
عمل استمر 17 عاماً
استخدم وانغ تكنولوجيا تحمل اسم البصريات التكيفية لإنشاء الفيديو، وساعدت هذه التكنولوجيا أيضاً على إزالة ضبابية الصور الناجمة عن الغلاف الجوي للأرض والحد من وهج النجم الذي يدور حوله الكوكب. لا يزال وهج النجم شديداً لدرجة أنه يطغى على وهج كوكب بيتا بيكتوريس بي عندما يقترب هذا الأخير منه كثيراً.
يأمل وانغ أن تمنح مقاطع الفيديو التي تظهر الكواكب الخارجية المشاهدين نظرة فريدة على حركة الكواكب وتوضّح آليات العمل الداخلية للكون.
ويقول: "نستخدم في العلم الأفكار المجردة أو المعادلات الرياضية في الكثير من الأحيان. ولكن مقاطع الفيديو التي يمكننا رؤيتها بأم أعيننا تكسبنا تقديراً عميقاً لعلم الفيزياء لا يمكن أن نحصل عليه بالنظر على التمثيلات في الرسوم البيانية فقط".