وصلت مركبة فضائية من ناسا في 3 ديسمبر إلى كويكب بينو القريب من الأرض، معلنة بداية العمل البحثي للبعثة والذي قد يساعدنا على كشف أسرار بدايات النظام الشمسي، وربما حتى بداية الحياة على الأرض. تحمل المركبة الفضائية اسم أوزيريس ريكس (وهو اختصار لعبارة "مستكشف الأصول، والتحليلات الطيفية، وتحديد الموارد، والحماية من الحطام الصخري"، والتي لا يمكن لأي عاقل أن يستخدمها كاسم)، وقد كانت تبث صور اقترابها من الكويكب طوال رحلتها، وسمحت لنا بالنظر إليه عن كثب لأول مرة.
يقول بشار رزق، عالم التجهيزات في بعثة أوزيريس ريكس، لمحطة سي إن إن: "إن قصة هذا الكويكب تمثل قصة النظام الشمسي. وعندما نفهم بينو، سنفهم شيئاً أساسياً حول النظام الشمسي".
بعد رحلة دامت لسنتين للوصول إلى حزام الكويكبات ما بين الأرض والمريخ، أصبحت المركبة الفضائية الآن على بعد أقل من 19 كيلومتر من بينو. وبعد عدة عمليات عبور أولية للاطلاع على الدوران والكتلة والشكل، ستقترب أوزيريس ريكس بما يكفي حتى تدور حول الكويكب ضمن حقله الثقالي الضعيف. وإذا حدث هذا في يناير من 2019 كما هو مقرر، فسوف يصبح بينو أصغر جسم سماوي تدور حوله مركبة تابعة لناسا.
ستُمضي أوزيريس ريكس سنتين أخريين في رقصتها السماوية مع الكويكب. وأثناء دورانها حول بينو، والذي يساوي عرضه تقريباً ارتفاع مبنى إمباير ستيت، ستقوم المركبة الفضائية بتصويره، وتجري مسحاً ثلاثي الأبعاد لسطحه، وتقيس درجة الحرارة والمحتوى المعدني للصخور وانبعاثات الأشعة السينية.
لن تهبط أوزيريس ريكس حتى على هدفها الصخري، ولكن في يوليو من العام 2020، ستقوم بمد ذراع آلية نحو سطح الكويكب لالتقاط عينة مادية من أي شيء تجده هناك، وستقوم بإرسال العينة إلى الأرض، والتي ستكون –في حال النجاح طبعاً- أول عينة يتم أخذها من كويكب وأخذها إلى الأرض.
اختارت ناسا هذا الكويكب من بين 500,000 كويكب نظراً لقربه النسبي من الأرض، وحجمه الكبير ودورانه البطيء نسبياً، وهما أمران ضروريان لنجاح عملية التقاط العينة. يعتبر هذا الكويكب من الكواكب القديمة للغاية، حيث أنه من بقايا عملية تشكل النظام الشمسي. ويعتقد العلماء أن هذه الكويكبات أوصلت المياه إلى الأرض لتشكيل المحيطات، ويمكن أن تساعدنا على فهم عملية تشكل الكواكب. بعد أن ترسل المركبة الفضائية العينات التي جمعتها إلى صحراء يوتاه في 2023، يتوقع العلماء أنها ستمضي سنتين أخريين في دراسة تركيب بينو والتأكد من احتوائه على العديد من المواد، بما فيها أنواع الحموض الأمينية التي جعلت الحياة على الأرض ممكنة.
أيضاً، قد يرتطم بينو مع الأرض يوماً ما، ويمكن لدراسته أن تساعد العلماء على تطوير أساليب لمنع اصطدام كهذا. قد لا يحدث هذا حتى على الأرجح قبل القرن الثاني والعشرين، ولكن كيفما نظرت إلى الأمر، سواء من حيث الإجابة عن أسئلة الحياة الأساسية أو تجنب الاصطدامات الكارثية أو التقاط الصور الرائعة لنظامنا الشمسي، فإن هذه الصخرة تستحق المشاهدة بدون شك.