تبدو حماية الأرض من الكائنات الفضائية عملاً هاماً، غير أن الأهم هو حماية الحياة الفضائية منا. وتسعى ناسا لتوظيف شخص يشغل منصباً ذا اسم رنان: مسؤول حماية الكواكب، غير أنه لا يشبه الصورة التي قد تثيرها في الأذهان عناوين الصحافة المثيرة.
من الناحية التقنية، فإن صاحب هذا المنصب يمارس عملية حماية فعلية. غير أنها أقرب إلى عمل الشخصيات الثانوية في فيلم "The Martian" من أداء ويل سميث في فيلم "Independence Day". يبدو قتال المخلوقات الفضائية شيئاً مثيراً، على عكس دراسة طرق التلوث وكيفية تعقيم المعدات الروبوتية بشكل صحيح. غير أن هذا ما يقوم به مسؤول حماية الكواكب فعلياً.
لا يكمن التحدي الحقيقي في إبعاد أشكال الحياة الغريبة عن الأرض، حيث أننا نفتش عنها في كثير من الحالات. قد لا نرغب بأن نعلق بالصدفة على عربة المريخ الجوالة، ولكننا نرغب بأن نكتشفها على أي حال. ولكن ما نريد تجنبه قطعاً هو أن نلوث كوكباً أو قمراً آخر بأشكال حياتية أرضية. ويعود هذا لسببين. السبب الأول هو أنه يجب ألا ننشر أشكالنا الحياتية ضمن الأنظمة البيئية الفضائية، حيث قد يتسبب هذا باضطراب كبير لدى الكثير من الكائنات غير المعتادة على الأشكال الحياتية الأرضية، مثل البكتيريا. أما السبب الثاني فهو أننا لا نرغب بأن "نعثر" بالصدفة على حياة على كوكب آخر ليتبين لاحقاً أنها من الأرض.
تخيل لو وصلت عربات المريخ الجوالة إلى الكوكب الأحمر محملة بالبكتيريا. يظهر عندها احتمال أن بعض هذه المتعضيات الميكروية ستبقى على قيد الحياة هناك. وبعد عدة سنوات، سنجد أشكالاً حياتية شديدة الشبه بما لدينا على الأرض، وسنجد صعوبة بالغة في تحديد ما إذا كانت هذه كائنات فضائية حقيقية، أو أنها تتحدر من تلك المتعضيات المهاجرة. إن إبقاء العربات الجوالة نظيفة منذ البداية يسهل عملية الاستبعاد هذه.
حتى المركبات الفضائية التي تنفذ عمليات المرور القريب من الكواكب، يجب تعقيمها أيضاً، وذلك في حالة تحطمت على الكوكب الذي تمر قربه.
إن هذا أصعب مما يبدو بكثير. حيث أن البكتيريا شديدة المقاومة للظروف الصعبة، ويمكن أن تستمر بالحياة بدون أي شيء تقريباً. هذا يعني أن كل جزء من المركبة الفضائية يجب تعقيمه، ومن ثم يجب أن يتم الحفاظ على نظافته حتى وقت الإقلاع. عندما تم إطلاق العربة الجوالة كيوريوسيتي إلى المريخ، وقعت حادثة أشبه بالفضيحة عندما قام فريق بفتح ثلاثة ثقوب ضمن صندوق معقم بدون الحصول على إذن مناسب. يؤخذ التعقيم على محمل الجد إلى هذه الدرجة.
من ناحية أخرى، لم تتكلف ناسا عناء تعقيم مسابر فوياجر قبل إرسالها إلى الفضاء البعيد، نظراً لأنها لن تهبط على أية كواكب. وعلى فرض أنها لن تصطدم بأي شيء، لا يوجد أي خطر من التلويث. كما أن هذا يعني أن الآلاف من البكتيريا الأرضية تعبر الفضاء حالياً، كما أشار أحد منشورات "ماذا لو؟ What If?" على موقع XKCD.
إذاً، إذا حصلت على هذه الوظيفة من ناسا، لن تكون مهمتك القتال مع الفضائيين في سبيل السيطرة على الأرض، حيث أنه من المرجح أنهم لن يأتوا إلى الأرض خلال فترة حياتنا. بل ستكون مهمتك شيئ أهم بكثير.