بعد تأجيلها عدة مرات: ناسا تُطلق «أرتميس 1» إلى القمر

4 دقائق
بعد تأجيلها عدة مرات: ناسا تُطلق «أرتميس 1» إلى القمر
سنعود إلى القمر مجدداً. ناسا

بعد شهرين ونصف من التأجيل، انطلقت مهمة "أرتميس 1" التابعة لناسا أخيراً من مركز كينيدي للفضاء يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني الساعة 1:48 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة. يبشّر انطلاق هذه المهمة بعصرٍ جديد من استكشاف الإنسان للقمر.

كان من الممكن أن يتم تأجيل الإطلاق بعد أن اكتشف المهندسون تسرباً آخر للهيدروجين السائل في منصة الإطلاق المتنقلة قبل نحو 4 ساعات من موعد الإطلاق المقرر. على إثر ذلك، توجه فريق الصيانة إلى منطقة الانفجار الخطرة لإغلاق الصمام الذي يحدث التسرب منه، وبعد ذلك تم استئناف التزود بالوقود. كما واجهت المهمة مشكلة أخرى عندما اضطر طاقم "نطاق سلامة الطيران" إلى استبدال مفتاح شبكة إيثرنت معطّل. تم تأخير البدء بالعد التنازلي للإطلاق الذي يبلغ 10 دقائق إلى ما بعد الساعة 1:30 صباحاً بقليل، إلى حين تلقي الضوء الأخضر أخيراً للبدء.

ستقطع رحلة المركبة الفضائية أوريون نحو 2 مليون كيلومتر في الفضاء، وبذلك ستطير أبعد من أيّ مركبة فضائية أخرى مصممة لحمل البشر. من المتوقع أن تستمر المهمة 25 يوماً و11 ساعة و36 دقيقة، ومن المقرر أن تعود الكبسولة إلى الأرض يوم الأحد في 11 ديسمبر/ كانون الأول.

مهمة أرتميس 1

تُعد مهمة أرتميس 1 أول اختبار متكامل لأحدث تقنيات استكشاف الفضاء السحيق التي طورتها ناسا، بما فيها مركبة أوريون ونظام الإطلاق الفضائي القوي "إس إل إس" (SLS) والأنظمة الأرضية في مركز كينيدي للفضاء. وتُعد المهمة الأولى من بين ثلاث مهمات، وستوفر معلومات أكثر أهمية حول البيئات خارج كوكب الأرض والتأثيرات الصحية للسفر في الفضاء، بالإضافة إلى المزيد من البيانات من أجل المزيد من البحث حول النظام الشمسي، كما تثبت هذه المهمة التزام الوكالة وقدرتها على إعادة رواد الفضاء إلى القمر.

.
أرتميس 1 في طريق العودة إلى القمر أخيراً. حقوق الصورة: ناسا

على الرغم من أن مهمة أرتميس 1 غير مأهولة، لكنها تحمل 3 دمى اختبار، تُدعى "زوهار" و"هيلجا" والقائد "مونكين كامبوس"، والهدف منها جمع بيانات حول تأثير التسارع والاهتزاز والتعرض للإشعاع وغيرها من التأثيرات المحتملة على جسم الإنسان. ستمهّد المهمة أيضاً الطريق لهبوط أول امرأة وأول شخص ملوّن على القمر في وقت مبكر من عام 2025.

اقرأ أيضاً: كيف تتابع مباشرة بعثة أرتميس إلى القمر من التحضيرات الأولية وحتى الإطلاق؟

لماذا تأجل إطلاق أرتميس 1؟

كان من المقرر في الأصل إطلاق مهمة أرتميس 1 في 29 أغسطس/ آب، ولكن تم تأجيلها بسبب الطقس ومشكلة في تبريد أحد محركات الصاروخ. في ذلك الوقت، لم تتمكن أجهزة التحكم في الإطلاق من تبريد أحد محركات "آر إس-25" الأربعة للصاروخ (المحرك رقم 3)، حيث كانت درجة حرارته أعلى من المحركات الأخرى، وفي النهاية، أوقف العد التنازلي قبل 40 دقيقة من الموعد المقرر للإطلاق.

وفقاً لوكالة ناسا، يجب أن تكون المحركات عند درجة حرارة معينة قبل أن يتدفق الوقود الدافع الصاروخي شديد البرودة خلالها قبل الإقلاع، وما حدث هو أن وحدات التحكم في الإطلاق زادت من ضغط خزان الهيدروجين السائل في المرحلة الأساسية من الصاروخ لإرسال كمية صغيرة من الوقود إلى المحركات لتجنب حدوث أي صدمة حرارية في المحركات، وهذا هو العطل الذي كان يشير إليه المهندسون. لكنهم لم يتمكنوا من خفض درجة حرارة المحرك رقم 3 إلى درجة حرارة الإطلاق المطلوبة.

.
أرتميس 1 في طريق العودة إلى القمر أخيراً. صاروخ نظام الإطلاق الفضائي التابع لناسا والمركبة الفضائية أوريون فوق منصة الإطلاق المتنقلة في منصة الإطلاق (39B) في 29 أغسطس/ آب من عام 2022، حيث يزوّد فريق إطلاق أرتميس 1 نظام الإطلاق بأكثر من 700 ألف غالون من الوقود الدافع المبرد بما في ذلك الهيدروجين السائل والأوكسجين السائل مع اقتراب البدء بالعد التنازلي للإطلاق في مركز كينيدي للفضاء. جويل كوسكي/ناسا

وقال مدير برنامج نظام الإطلاق الفضائي في مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لناسا في ألاباما، جون هانيكوت، في مؤتمر صحفي في 30 أغسطس/ آب، إن درجة حرارة وقود الهيدروجين السائل المستخدم في صاروخ "إس إل إس" تبلغ نحو 217 درجة مئوية، وقد كانت حرارة المحرك رقم 3 أعلى بنحو 10 إلى 16 درجة من المحركات الأخرى التي كانت درجة حرارتها نحو 210 درجات مئوية. لكن لم يكتشف الفريق أي مشكلات فنية في المحرك رقم 3، لذلك تمت إعادة جدولة الإطلاق إلى الفترة الزمنية التالية المتاحة.

أثناء المحاولة الفاشلة، واجهت وحدات التحكم في الإطلاق العديد من المشكلات الإضافية التي تم شرحها في خلاصة وكالة سانا، بما في ذلك "العواصف التي أخّرت بدء عمليات تحميل الوقود، وحدوث تسرب في إحدى وصلات الأنبوب المستخدم لملء وتصريف الهيدروجين السائل في المرحلة الأساسية لصاروخ إس إل إس، بالإضافة إلى تسرب الهيدروجين من صمامٍ يستخدم لتنفيس الوقود الدافع من الخزان الداخلي للمرحلة الأساسية".

وقد تم إلغاء محاولة إطلاق ثانية في 3 سبتمبر/ أيلول بعد أن واجه الفريق مشكلة تمثلت في تسرب الهيدروجين السائل في أثناء تحميل الوقود الدافع في المرحلة الأساسية لصاروخ إس إل إس. وفي 26 سبتمبر/ أيلول، تم إلغاء محاولة إطلاق أخرى مع اقتراب إعصار إيان من فلوريدا.

اقرأ أيضاً: عودة البشر إلى القمر: بدء العد التنازلي لمهمة أرتميس 1

إطلاق في ظل ظروف غير مثالية

وقد أثر الطقس المداري على إطلاق اليوم، حيث كان مقرراً في الأصل 14 نوفمبر/ تشرين الثاني، أي قبل يوم واحد. وعزت ناسا هذا التأخير إلى اقتراب إعصار نيكول، ولكن صاروخ إس إل إس بقي على المنصة على الرغم من وصول الإعصار الموسمي المصنف من الدرجة الأولى إلى اليابسة على بعد 115 كيلومتراً فقط منه.

وقد قال مدير ناسا المساعد لأنظمة الاستكشاف، جيم فري، في مؤتمر صحفي عقب العاصفة رداً على الانتقادات: "لقد صممنا نظام الإطلاق ليكون استثنائياً، ولو لم نصممه لتحمل الطقس القاسي، لما اخترنا هذا المكان للإطلاق".


يوم الاثنين، أعطت وكالة ناسا الضوء الأخضر للإطلاق وتحققت بدقة من عدم وجود أي تسرب عند التماس بين نظام إيقاف إطلاق أوريون ومحول وحدة الطاقم. بالإضافة إلى ذلك، استبدل الفنيون أحد مكونات الموصل الكهربائي على سارية خدمة تزويد وقود الهيدروجين على المنصة. في الساعة 3:22 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني، حصلت المهمة على الموافقة النهائية للإطلاق.

اقرأ أيضاً: لماذا توقفنا عن إرسال البشر إلى القمر؟

بعد نحو 8 دقائق من الإطلاق، انفصلت كبسولة أوريون بنجاح عن معززات الصواريخ. وبعد 19 دقيقة، نشرت أوريون مصفوفاتها الشمسية الأربع المزودة بكاميراتٍ والتي يصل طول كلّ منها إلى 20 متراً. كانت تسير بسرعة تزيد على 27 ألف كيلومتر في الساعة عندما دخلت في مدار الأرض. ستنشر ناسا المزيد من التحديثات حول المهمة على مدار اليوم مع اقتراب المركبة من وجهتها والبدء بإرسال الصور والبيانات الأخرى.

المحتوى محمي