«أثناء حركتها في الفضاء تصطدم الكويكبات مع بعضها البعض، وتنقسم إلى أجزاء أصغر، تاركة العديد من الشظايا الأصغر حجماً والتي تسمى «نيازك»، وتدور تلك النيازك حول الشمس». هكذا عرفت وكالة الفضاء الأميركية ناسا تبسيطاً لمفهوم النيازك، وأضافت أن معظم النيازك صغيرة وصخرية، وعندما تقترب أي منها من الأرض فإنها تحترق وهي تمر عبر الغلاف الجوي، لكن هناك بعض النيازك تنجو من الاحتراق عند مرورها عبر الغلاف الجوي، وتصطدم فعلاً بالأرض، عندما تسقط على الأرض تُعرف باسم «حجر نيزكي»
نيازك صغيرة يمكن أن تضرب الأرض
أشارت دراسة حديثة أجراها علماء الفلك بجامعة هارفارد حملت عنوان «التوقيعات الرصدية للشهب شبه النسبية»، أن هناك نيازك صغيرة تسير في جزء صغير من سرعة الضوء في طريقها للاصطدام بالأرض.
* شبه النسبية: هو مصطلح يصف السرعات العالية جداً التي لم تصل إلى أن تكون سرعة نسبية، بحيث لا يمكن اعتبارها ببساطة «سرعة فرط صوتية بشكلٍ كبير». تبدأ السرعة شبه النسبية بنسبة 1% من سرعة الضوء.
* سرعة فرط صوتية: هي السرعة التي تفوق 25 ضعفاً سرعة الصوت العادية.
* السرعة النسبية: مصطلح يطلق على أي جُرم/ كائن يسافر بالقرب من سرعة الضوء.
الدراسة التي أجراها الفلكيان «أبراهام لوب»، و«أمير سراج» أشارت إلى احتمالية وجود نيازك صغيرة تتراوح أحجامها من 1 إلى 100 ملليمتر/ 0.04 إلى 4 بوصات، تسير بسرعة قريبة من سرعة الضوء تتجه نحو الأرض، ويمكن أن تصل هذه الأجزاء الصغيرة إلى سرعات فائقة إذا كانت ناتجة عن انفجار المستعرات العظمى (السوبرنوفا).
* السوبرنوفا كما عرفته موسوعة بريتانكيا: هو نوعٌ من الانفجارات الكونية التي تحدث لنجم كبير، حيث ينهار النجم ويبدأ بالزوال، ويكون انفجاره في شكل إشراقة هائلة تدوم لبضعة أسابيع، ثم يبدأ في الإظلام تدريجياً وببطء.
تسريع القذف من المستعر الأعظم
الدراسة التي أعدها علماء هارفارد قدمت الإجابة على السؤال: «هل يمكن تسريع قذف المستعر الأعظم للنيازك نحو الغلاف الجوي للأرض؟
يقول «أمير سراج» أحد القائمين على دراسة هارفارد: تشير الدلائل التجريبية إلى أنه في الماضي، كان هناك مستعراً أعظماً واحداً على الأقل قد أمطر الأرض بعناصر ثقيلة (غبار أو نيازك)، لافتاً إلى أن المستعرات العظمى تطلق كميات كبيرة من الأتربة بسرعات شبه نسبية، ويبدو ذلك مثل «إطلاق الرصاص»، وأضاف: «تسير النيازك عادةً بسرعة تقترب من 0.01% من سرعة الضوء، ولذلك يتم ضبط عمليات البحث حالياً للعثور على إشارات من الأجسام المتحركة بهذه السرعة».
وأكد أمير سراج عالم الفلك بجامعة هارفارد أن النيازك التي تنتج من المستعر الأعظم تختلف اختلافاً كبيراً عن النيازك النموذجية، لأنها تندفع أسرع 100 مرة منها، أي حوالي 1% من سرعة الضوء، الأمر الذي يجعل الاستطلاعات الحالية تتخطاها بسهولة».
سرعة اندفاع النيازك نحو الغلاف الجوي للأرض ألهمت الباحثين لتطوير نموذجاً إشعاعياً، وهيدروديناميكياً لمراقبة تطور أسطوانات البلازما الساخنة التي تنتج عن دخول نيازك شبه نسبية إلى الغلاف الجوي. سمح هذا النموذج بحساب نوع الإشارات التي سيتم إنتاجها، مما يعطيهم علامة على ما يجب على علماء الفلك الانتباه إليه.
وقد علق أمير سراج على ذلك قائلاً: «وجدنا أن نيزك شبه نسبي يمكن أن يُحدث موجة صدمة نستطيع التقاطها بواسطة ميكروفونات، ووميض مشرق من الإشعاعات المرئية في الأطوال الموجية البصرية، وكلاهما يدوم لحوالي عُشر ميللي من الثانية الواحدة».
توصيات بإنشاء شبكة عالمية لرصد النيازك
حدد الباحثون في دراسة هارفرد نوع البنية التحتية التي تمكن علماء الفلك من تأكيد وجود الشهب وفحصها، وبناء على تلك البنية التحتية أوصوا بإنشاء شبكة عالمية مكونة من 600 كاشف، مع تغطية لرصد عدد قليل من هذه النيازك أو الشهب سنوياً.
كما حثّا الفلكيان أبراهام لوب وأمير سراج الحكومة الأميركية على رفع السرية عن بيانات مركز دراسات الأجرام القريبة من الأرض، وهي البيانات الخاصة بمكتب تنسيق الدفاع الكوكبي التابع لناسا، حتى يتمكن العلماء من البحث عن نيازك شبه نسبية، دون إنفاق المزيد من الأموال، وذلك لتطوير الشبكة العالمية الجديدة، بالرغم من وجود شبكة قيد التشغيل بالفعل، مؤكدين أن ذلك يوفر منظوراً جديداً لدراسة المستعمرات العظمى، ويتيح لعلماء الفلك وضع قيوداً كبيرة على القذف الذي تنتجه المستعرات العظمى.
موكب النيازك العظيم
وفي التاسع من فبراير/ شباط عام 1913، أمطرت سماء أميركا الشمالية وابلاً من كرات النيازك النارية دون سبب واضح، وكانت النيازك تسير ببطء شديد بشكلٍ غير عادي، وتبدو أنها تنبع من نقطة واحدة في السماء تسمى «الإشعاع»، لكن هذه الشهب لم تكن من أي نوع من الإشعاع، لكنها، وبدلاً من ذلك، بدت كأنما تطير وتتحرك أفقياً عبر السماء بالتوازي مع سطح الأرض. سمّي هذا الحدث الغريب بـ «موكب النيازك العظيم».
وفي عام 2013 تعرضت روسيا لحادث فريد من نوعه، حيث سقط نيزك على أراضيها بعد اخترقه الغلاف الجوي للأرض، والذى عرف باسم حدث تشيليابينسك، وأفادت وكالة الفضاء الأميركية أن هذا النيزك أقوى نيزك سقط على سطح الأرض، لأن قوته فاقت 30 ضعف قوة القنبلة النووية على هيروشيما ونجازاكي. وبالرغم من قوة النيزك الكبيرة، إلا أن ارتطامه بسطح الأرض لم يخلّف إلا بعض الشظايا التي تسببت في إصابة ووفاة عدد كبير من الناس، حيث أدى إلى إصابة أكثر من 1600 شخص بينهم 200 طفل، وحطمت الشظايا زجاج ونوافذ البيوت القريبة من مكان سقوطه.