هدف بعثة ناسا المقبلة: التقاط جزء من مذنب، أو المناورة حول أحد أقمار زحل

2 دقائق
تخيل فني لبعثة دراجونفلاي على تيتان

ما هي وجهتنا المقبلة؟ قررت ناسا منذ فترة وجيزة أن تحصر خياراتها باثنين فقط، وذلك ضمن إعلان حول بعثة نيو فرونتييرز الجديدة، والتي ستتمحور حول أحد الهدفين التاليين: إما مطاردة المذنب 67 بي تشوريوموف-جيراسيمينكو للحصول على عينة منه، أو القفز على تيتان، أحد أقمار زحل.

تهدف بعثات نيو فرونتييرز، وهي بعثات متوسطة المدى، إلى استكشاف النظام الشمسي. وتحظى كل بعثة منها بميزانية تبلغ مليار دولار تقريباً كحد أقصى. وهي تساوي أقل من نصف كلفة كل من العربتين الجوالتين كيوريوسيتي ومارس 2020، والتي تفوق ملياري دولار لكل منهما. وصلت بعثات نيو فرونتييرز السابقة إلى بلوتو (نيو هورايزنز)، والمشتري (جونو)، كما تتجه إحداها (أوزيريس ريكس) إلى أحد الكويكبات. والآن، حان الوقت لإضافة بعثة جديدة إلى هذه المجموعة. قررت ناسا أن البعثة الجديدة ستتمحور حول أحد المهمات التالية: إحضار عينة من مذنب أو من القطب الجنوبي للقمر، أو سبر زحل، أو استكشاف الزهرة، أو الالتقاء مع أحد الكويكبات الطروادية (وهي كويكبات تدور في نفس المدار مع أحد الكواكب)، أو استكشاف محيطات تيتان و/أو إينسيلادوس.

تخيل فني لبعثة سيزر إلى المذنب 67 بي.

سميت البعثة إلى المذنب 67 بي تشوريوموف-جيراسيمينكو ببعثة استحصال عينة لاستكشاف البيولوجيا الفضائية في المذنب، واختصر هذا الاسم باسم سيزر. وهي مشابهة لبعثة أوزيريس ريكس التي أطلقت مؤخراً، والتي ستحضر عينات من الكويكب بينو. تهدف سيزر إلى التقاط ما يصل إلى 100 غرام من المواد على سطح المذنب، ومن ثم إرسال العينات بسرعة إلى الأرض لدراستها وتحليلها.

أما البعثة المحتملة إلى تيتان فقد سميت دراجونفلاي، ويعطي الاسم انطباعاً رائعاً عنها. وتشبه مركبتها في عملها ما تقوم به العربات الجوالة، وذلك بأخذ القياسات على سطح تيتان مباشرة. ولكنها ستكون أيضاً قادرة على الطيران إلى مواضع مختلفة من سطح القمر، وذلك لأماكن قد تبعد مئات الكيلومترات عن موضع الهبوط الابتدائي، على مدى سنتين. وللمقارنة، فقد قطعت عربة المريخ الجوالة أوبورتيونيتي مسافة 43.45 كيلومتر على مدى 13 سنة.

إذا بدت لك البعثتان مألوفتين، لا تستغرب، حيث أنها لن تكون المرة الأولى التي أرسلت فيها البشرية مركبات فضائية إلى هذه الأماكن. ففي حالة المذنب، زارته المركبة الفضائية الأوروبية روزيتا ومسبارها فيلاي في 2014. أما تيتان فقد حظي بزيارة من المسبار هيوجينز في يناير 2005 في إطار بعثة كاسيني.

قد لا يبدو الذهاب إلى مكان سبقت زيارته أمراً مثيراً للحماس كاقتحام المجهول لأول مرة. ولكن عند اكتشاف شيء جديد ومثير للاهتمام، فمن المستحسن إلقاء نظرة أخرى لاحقاً.

في حالة تيتان، تعتبر البعثة الجديدة فرصة لإلقاء نظرة أقرب لفترة أطول على القمر الذي قد يحوي على مكونات الحياة. أما في حالة سيزر، فإن زيارة المذنب الذي أصبح لدينا فكرة جيدة عنه تعني احتمالاً أكبر للنجاح من زيارة مذنب مجهول.

ولكن، وكما في جميع المنافسات، تأتي التهاني للبعض مرفقة بالمواساة للبعض الآخر. حيث أن هذه الأخبار تعني فرصة جديدة لاستكشاف تيتان أو المذنب 67 بي تشوريوموف-جيراسيمينكو، ولكنها تعني أيضاً أن محبي الزهرة سينتظرون مرة أخرى قبل تقرير بعثة إلى جارنا المثير للاهتمام. ولكن الأمل لم يضع تماماً بالنسبة لمن يتنظرون بعثة إلى الزهرة. فقد تم تخصيص مبالغ مالية أصغر لبعثتين من البعثات التي لم يقع الاختيار عليها في هذه الجولة، وذلك بهدف تطوير التقنيات اللازمة لها في حال دخولها منافسات مماثلة لاحقاً. إحدى هذه البعثتين هي بعثة دراسة تركيب الزهرة بشكل مباشر (تسمى اختصاراً فيسي)، وهي مخصصة لدراسة تركيب الصخور في بيئة الزهرة شديدة القساوة. أما البعثة الأخرى، وهي بعثة آثار وموطن الحياة على إينسيلادوس (تسمى اختصاراً إلسا)، فهي مخصصة للبحث عن دلائل الحياة على إينسيلادوس. وبفضل الأموال التي خصصت لهاتين البعثتين، يمكن متابعة العمل عليهما بحيث تيدو المخططات أكثر دقة وواقعية في حال عرضت الفكرتان للاختيار مرة أخرى.

يوجد مهلة سنة أخرى أمام بعثتي سيزر ودراجونفلاي لإنجاز المزيد من الدراسة والتدقيق، وتحليل المخاطر، وتحديد الاحتمالات بشكل أفضل، وتحسين التكنولوجيا اللازمة للعمل. ستُقدم النتائج إلى ناسا في يناير 2019، وبحلول يوليو من نفس العام سنعرف المهمة التي سيتم اختيارها بشكل نهائي.

المحتوى محمي