تخيل كوكب المشتري، ذلك العملاق الغازي. والآن، قم بتضخيمه إلى ما يفوق حجمه الحالي بخمسة أضعاف. ثم ضعه بجانب شمس قريبة منه بما يكفي لكي تسخن سطح غلافه الجوي إلى 2,538 درجة مئوية.
إليكم "واسب-121 بي" WASP-121b، المعروف باسم "المشتري الحار". إنه كوكب خارجي – يقع خارج نظامنا الشمسي – ويبعد عن الأرض 900 سنة ضوئية، وهو يتشارك مع كوكبنا الأرضي بميزة مثيرة للدهشة: طبقة الستراتوسفير.
في دراسة نشرت خلال الأسبوع الأول من شهر أغسطس في مجلة Nature، استخدم باحثون تلسكوب الفضاء هابل لتصور طبقة الستراتوسفير في جو "واسب-121 بي"، وهي إحدى طبقات الغلاف الجوي الخارجية التي لم يسبق لها أن ظهرت بشكل مقنع من قبل في كواكب خارج نظامنا الشمسي. لكي نوضح لك موقعها ضمن الغلاف الجوي، هناك فرصة جيدة بأن تكون قد زرتها من قبل: يكفي أن تكون قد سافرت على متن طائرة. على كوكب الأرض، تقع طبقة الستراتوسفير فوق طبقة التروبوسفير (التي نعيش ضمنها)، وتحت الطبقات العليا من غلافنا الجوي. السمة المميزة للستراتوسفور هو أن درجة الحرارة ترتفع كلما ارتفعنا ضمنها.
يقول توماس إيفانز، وهو أول من بدأ بتأليف الدراسة والزميل الباحث في جامعة إكستر: "كانت هناك أسباب نظرية لتوقع حدوث ذلك في أجواء الكواكب الخارجية". ويضيف قائلاً: "ولكن هذه الكواكب الخارجية تبقى أجساماً غريبة تبعد عنا مسافات شاسعة. دائماً ما يكون من الصعب التنبؤ بالتكوين الفعلي لأغلفتها الجوية".
لفهم كيف يتصرف الغلاف الجوي للكوكب الخارجي "واسب-121 بي"، نظر العلماء إلى الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من جزيئات الماء المنتشرة في غلافه الجوي. يمكن أن يتم تحرير هذه الإشعاعات عندما تقوم جزيئات الماء بامتصاص وتحرير الكثير من الطاقة بشكل متكرر، هذا إن كانت على سبيل المثال ضمن وسط حار للغاية. ليس بمقدور البشر أن يروا الأشعة تحت الحمراء، لأن أعيننا قادرة على كشف مجال ضيق فقط من الموجات الضوئية. ولكن ذلك لا يشكل مشكلة لتلسكوب الفضاء هابل.
وما رصده هابل كان ملفتاً للغاية: فقد كانت جزيئات الماء تتوهج. كما في حالة الشمعة التي تحترق، أو الموجات النابضة التي تنبعث من الجمر المشتعل، فإن الغلاف الجوي العلوي المتوهج إشارة إلى إطلاق الكثير من الطاقة أو الحرارة بدلاً من امتصاصها. وهذا يشير إلى أن واسب-121 بي لديه طبقة ستراتوسفير تزداد حرارتها ابتداءً من سطح الكوكب. بناءً على هذه الانبعاثات، ترتفع درجات الحرارة بمقدار 538 درجة مئوية على امتداد طبقة الستراتوسفير.
ولكنك إذا فكرت في الموضوع، فستجد أن الأمر برمته ليس منطقياً، ففي درجة حرارة تقارب 296 درجة مئوية تحت الصفر، يكون الفضاء في غاية البرودة؛ وتتوقع أنك إذا انطلقت نحو منطقة متجمدة من الفضاء كهذه، فستكون في جو بارد للغاية. على كوكب الأرض، تتميز طبقة الستراتوسفير لدينا بتدرج معكوس بالنسبة لدرجات الحرارة، نتيجة وجود الأوزون داخل الغلاف الجوي. يعمل الأوزون على تسخين الطبقة الخارجية للستراتوسفير من خلال امتصاصه للأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس. ولكننا نتحدث هنا عن الأرض، وليس عن "المشتري الحار" البعيد. وبالتالي، لماذا يمتلك واسب-121 بي طبقة ستراتوسفير شبيهة بما يمتلكه كوكبنا الأصغر حجماً بكثير، والذي يتميز بكثافة أعلى من الصخور؟
إنه سؤال لا يزال الباحثون يحاولون الإجابة عنه. فهم يعتقدون أن هناك مكونات في الغلاف الجوي لواساب-121 بي – أوكسيد التيتانيوم وأوكسيد الفاناديوم – ربما تحافظ على طبقاته الخارجية دافئة، ولكن الأمر بحاجة لإجراء المزيد من الدراسات لمعرفة ذلك.
على الرغم من أن فهم تكوين الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية لن يساعدنا بالضرورة على فهم نظامنا الشمسي، إلا الباحثين يفكرون على مستوى أكبر من ذلك. مع أن التكنولوجيا لم تصل إلى ذلك الحد من التطور بعد، إلا أن إيفانز يأمل بأن العلماء سيتمكنون يوماً ما من دراسة الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية الصغيرة لمعرفة ما إذا كان بإمكانها أن تدعم مقومات الحياة. يقول إيفانز إن من شأن تركيز الاهتمام على الكواكب في نظامنا الشمسي أن يحد من نطاق ما يمكننا أن نتعلمه.
يقول إيفانز: "هناك طيف واسع من الأغلفة الجوية التي تحيط بالكواكب. لكي نطور فهماً أكثر شمولية، نحن بحاجة لاستكشاف هذا الكم الهائل من الكواكب الخارجية".
وهذا هو الوقت المثالي لهذا النوع من الأبحاث، مع أحدث التقنيات التي تفرعت عن مشروع هابل والمعدة للإطلاق في العام القادم: أيها التلسكوب الفضائي "جيمس ويب"، نحن بانتظارك.