هذا النص مقتبس من كتاب تيم بيك الأخير بعنوان "اسألوا رائد الفضاء: دليلي للعيش في الفضاء"، الصادر في أكتوبر 2017 عن دار نشر "ليتل، براون أند كومباني". توجه البعض بأسئلة لبيك عن الحياة في الفضاء وقد أجاب عنها كما يلي.
س: كيف تغسل ثيابك في الفضاء؟
ج: ليس هناك آلة لغسل الثياب على متن محطة الفضاء، والماء مورد ثمين جداً، لذلك نحن نرتدي ببساطة الملابس نفسها لعدة أيام، قبل أن نستبدلها بملابس جديدة ونتخلص من القديمة. إن الأمر ليس سيئاً كما يبدو، فنحن نعيش في بيئة ذات درجة حرارة متحكم بها، وبالتالي لا تتعرض الملابس للاتساخ كما يمكن أن تتعرض له على سطح الأرض. كما أن بعض قطع الملابس، كالجوارب وملابس التمارين الرياضية؛ تتخللها في البعض الأحيان مواد مضادة للبكتيريا أيضاً.
نبدل ملابسنا وفقاً لجدول زمني محدد، من أجل ضمان وجود قطع من الملابس تكفينا حتى 6 أشهر. على سبيل المثال، نبدل الملابس الداخلية كل يومين أو ثلاثة أيام، القمصان قصيرة الأكمام والجوارب كل أسبوع، أما البنطلونات والسراويل القصيرة فنبدلها كل شهر. ثم لدينا بعض القطع الإضافية من قمصان بولو للمناسبات التي تتطلب قدراً من الأناقة (مثل تسجيل الرسائل الفيديو المصورة، وغيرها من نشاطات العلاقات العامة)، وعدداً من الكنزات، حيث يمكن لمحطة الفضاء أن تكون باردة في الفترات المسائية.
إن الملابس الأكثر تعرضاً للاتساخ هي ملابسنا المخصصة للتمارين الرياضية، لذا نبدلها كل أسبوع، لكن عندما تتمرن لساعتين في اليوم الواحد، فلا شك أنك ترحب بارتداء مجموعة جديدة عند حلول عطلة نهاية الأسبوع.
س: قد يكون سؤالي سخيفاً بعض الشيء... عندما شاهدتك تشارك في ماراثون لندن للجري، تساءلت ما الذي حدث للعرق الذي كان ينتجه جسمك؟ أفترض أنك كنت تتعرق بشكل طبيعي في الفضاء، فهل كان يطفو حولك على شكل قطرات، أم أنه كان يبقى عالقاً على جسمك ويجعلك أكثر سخونة، بدلاً من مساعدتك على تخفيض حرارتك؟
ج: إنه ليس سؤالاً سخيفاً على الإطلاق! عندما كنت أجري، ظننت أن العرق سيشكل قطرات على بشرتي ويبقى في مكانه، دون التعرض لتأثير الجاذبية الذي يشد القطرات نحو الأسفل. كان هذا هو الحال بالنسبة لذراعيّ وساقيّ بالفعل. مع ذلك، كانت مراقبة العرق على وجهي ورأسي مثيرة للاهتمام، فحركة الجري تسببت بتجمّع القطرات لتشكل فقاعة أكبر حجماً بكثير من العرق، والتي تحركت إلى الجزء العلوي من رأسي. كنت أشعر بهذه الفقاعة ترتعش داخل شعري كل 20 دقيقة أو نحو ذلك، وكان عليّ أن أنشف رأسي بالمنشفة في كل مرة، لقد كانت محطة الفضاء أكثر دفئاً مما أرغب به لممارسة التمارين.
دائماً ما كنت أستمتع بالجري في بيئة باردة ورطبة (أي يوم يشهد مطراً خفيفاً على غرار الأيام الخوالي في بريطانيا، سيكون طقساً مثالياً للجري بالنسبة لي!). لذلك، كنت أتعرق على الأرجح أكثر من المعتاد عندما أجري في جو تبلغ حرارته 21 درجة مئوية داخل المحطة الفضائية، وبالتالي كان من الضروري دائماً أن أشرب الكثير من الماء لتعويض السوائل بعد التمارين الرياضية.
س: ما هو أكثر الأمور المقززة التي تواجهها عندما تعيش في الفضاء؟
ج: يا له من سؤال رائع! إن أكثر الأمور المقززة على الإطلاق لمن يعيش في الفضاء هو مراقبة باطن قدميك وهو يتفسخ خلال الأشهر الأولى من إقامتك في الفضاء. نحن بالكاد نستخدم باطن أقدامنا على المحطة الفضائية، ونادراً ما يتم تطبيق وزن عليهما (إلا عندما نمارس التمارين الرياضية). نتيجة لذلك، تصبح أقدامنا ملساء وناعمة للغاية، كقدمي طفل حديث الولادة، فقضاء 6 أشهر في الفضاء تعادل الحصول على أفضل عناية يمكنك أن تتصورها.
الجزء المقزز هو أن كل الجلد القاسي والميت الذي يتراكم على باطن قدميك، يبدأ بالانفصال. بعد العيش في الفضاء لبضعة أسابيع عليك أن تنزع جواربك بحذر شديد، وإلا فسيكون هناك الكثير من فتات الجلد الميت المتطاير داخل المقصورة. بما أنه لا شيء يتساقط نحو الأرضية في حالة انعدام الجاذبية، فإن فتات الجلد هذا سيبقى عالقاً في أجواء المقصورة إلى أن يسحبه مجرى الهواء تدريجياً باتجاه واحد من مرشحات الهواء الراجع. في هذه الأثناء، ستتحول بسرعة إلى أقل شخص محبوب بين أفراد الطاقم!
كما أننا نصاب بأعراض "الأقدام المتحرشفة" على الجزء العلوي من أصابع قدمينا، لذا نربط أقدامنا باستمرار تحت قضيب معدني، وأحزمة وحبال، ونستخدم هذه القوة لنثبت أنفسنا، وللمحافظة على وضعية أجسامنا بشكل مستقر أثناء العمل. إن هذا القدر من التعرض للاحتكاك كفيل بأن يجعل الجلد عند السطح العلوي لأصابع أقدامنا خشناً ومتحرشفاً للغاية. حتى أن وكالة الفضاء الأوروبية قامت في الواقع بإجراء تجارب تضمنت استخدام جوارب مصممة بشكل خاص، في محاولة منها لمنع الإصابة بهذه الحالة، حيث توفر هذه الجوارب طبقة من المطاط الطري فوق السطح العلوي لأصابع القدمين، وهو حل مساعد بالفعل إلى حد ما.