يؤسفنا أن نخيب أملكم، ولكن منظمة أنونيموس ليس لديها أي دليل يثبت اكتشاف ناسا لحياة فضائية

4 دقائق
إشاعات حول اكتشاف كائنات فضائية تنتشر في الإنترنت

في تسجيل فيديو جديد، ادعت مجموعة القراصنة المعلوماتيين المعروفة باسم أنونيموس بأن ناسا اكتشفت حياة فضائية. ولكن قبل أن تصاب بالذهول، لنتكلم قليلاً.

من الجدير بالذكر أن معظمنا في بوبيولار ساينس سنشعر، على الأرجح، بالحماس الشديد إذا اكتشفت ناسا حياة فضائية. قد يكون هذا مخيفاً بعض الشيء بطبيعة الحال، ولكن يجب أن نفكر أيضاً بالاحتمالات العلمية الجديدة التي سيفتحها اكتشاف كهذا. فقد نتعلم الكثير عن أصل الحياة، التطور، وموقعنا في الكون. سنكتب الكثير من العناوين المثيرة، وسيزداد الإقبال على موقعنا. نؤكد لك بأننا نرغب بأن يحصل هذا الاكتشاف بقدر رغبتك أنت.

ولكن للأسف، يبدو أن مجموعة الناشطين والقراصنة لم تعثر على أي دليل جديد يدعم هذا الادعاء الكبير. حيث أن هذا الفيديو مبني بمعظمه على تصريحات وأقوال منزوعة من سياقها لناسا، إضافة إلى ما يبدو أنه مجموعة من الفيديوهات والمعلومات من مواقع نظريات المؤامرة.

يقوم جوهر هذا الموضوع على تصريح أطلقه توماس زوربوكين، المدير المساعد في إدارة البعثات العلمية في ناسا، خلال جلسة استماع في أبريل. ويتم تنظيم هذه الجلسات عادة لإطلاع اللجنة العلمية في الكونجرس على آخر الأبحاث في مجال علمي معين. وخلال هذه الجلسة، قال زوربوكين: "إذا أخذنا بعين الاعتبار كل النشاطات والبعثات المختلفة الموجهة تحديداً نحو البحث عن دليل على وجود الحياة الفضائية، فنحن على وشك تحقيق أحد أهم الاكتشافات غير المسبوقة في التاريخ".

هذا هو التصريح الذي بنت أنونيموس هذا الفيديو عليه. ولكن إذا شاهدت بيانه الافتتاحي، يمكن أن ترى زوربوكين يفسر طريقة تفكيره واستنتاجه تماماً قبل أن يصل إلى هذا الجزء. فقد ذكر العربة الجوالة مارس 2020، والتي ستبحث عن دلائل على وجود حياة في الماضي على الكوكب الأحمر. كما أن بعثة يوروبا كليبر ستقوم بالبحث عن الظروف الملائمة للحياة على قمر المشتري الغني بالمحيطات. وقد اكتشف تلسكوب كيبلر آلاف الكواكب حول النجوم البعيدة، ونحن متأكدون من وجود المليارات غيرها من الكواكب والنجوم التي تنتظر اكتشافها. ومن المحتمل أن يتمكن التلسكوب الفضائي جيمس ويب، الذي سيبدأ العمل قريباً، من تحليل الغلاف الجوي لها بحثاً عن أية دلائل على وجود الحياة. لم يقل زوربوكين أن ناسا اكتشفت حياة فضائية، أو أنها تخفي دليلاً قد يدعم هذا الادعاء الجريء، بل يقول ببساطة أنهم يعملون على بعثات رائعة، قد تساعدنا بعضها على تتبع الميكروبات الفضائية.

ربما لم يكن زوربوكين موفقاً في اختيار كلماته هذه المرة. ولا أحد يعرف حقاً ما إذا كان هذا الاكتشاف وشيكاً أو على بعد عشرات السنين، لأننا لا نعرف كم تتطور الحياة ضمن الظروف المناسبة، وعلى حد علمنا، لم يحدث هذا إلا مرة واحدة فقط. ولكن من المؤكد طبعاً، وبوجود كل هذه البعثات لدراسة البيولوجيا الفضائية، أننا أقرب من ذي قبل إلى اكتشاف الحقيقة حول موقعنا في الكون. (قد يكون من الجدير بالذكر أنه من مصلحة زوربوكين أن يثير حماسة أعضاء الكونجرس حول عمل ناسا، وذلك للموافقة على ميزانيتها في ظل الإدارة الحالية المقترة والتي تحب إلغاء الميزانيات).

في وقت سابق من نفس الجلسة، صرح زوربوكين أيضاً: "على الرغم من أننا لم نكتشف أدلة قاطعة على وجود الحياة في مكان آخر في الكون حتى الآن، فإن بحثنا يحرز تقدماً ملحوظاً".

ألا يستحق هذا التصريح الاهتمام بقدر التصاريح الأخرى؟

عندما طلبنا من زوربوين توضيحاً حول ما قصده بالضبط، أرسلت ناسا هذا الرد بالبريد الإلكتروني:

"على الرغم من حماستنا حول آخر الاكتشافات من مرصد كيبلر الفضائي التابع لناسا، فليس لدينا إعلان وشيك حول الحياة الفضائية. لقد عبرت ناسا على مدى السنوات عن اهتمامها بالبحث عن دلائل على وجود الحياة خارج كوكب الأرض. لدينا عدد من البعثات العلمية التي تتحرك قدماً بهدف البحث عن وجود الحياة حالياً أو في الماضي على المريخ والعوالم المحيطية في أطراف النظام الشمسي. وعلى الرغم من أننا لم نتوصل بعد إلى إجابات، سنواصل العمل للوصول إلى إجابة عن السؤال الجذري: هل نحن لوحدنا في الكون؟".

ولكن، وبهدف النقاش، لنتخيل أن ناسا توشك فعلياً على إعلان اكتشاف هام في مجال البحث عن حياة فضائية (لنتذكر أن هذا مجرد افتراض). وسنجد أن معظم الاحتمالات الواقعية لهذا الاكتشاف ليست مثيرة بقدر اكتشاف كائنات خضراء قصيرة، وهي كالتالي:

  • شكل غريب من الحياة على الأرض

لطالما أثارت ناسا الكثير من الضجة حول المتعضيات الغريبة المكتشفة هنا على كوكبنا. مثل تلك البكتيريا الغريبة التي اعتقدنا أنها تحوي على الزرنيخ بدلاً من الفوسفور في حمضها النووي (وقد تم دحض هذا لاحقاً). يمكن لكائنات كهذه أن توسع من نظرتنا حول ما قد يوجد من حياة في عوالم أخرى، ولكنها ليست دليلاً على وجود الحياة الفضائية.

  • شيء ما على المريخ؟

من سوء الحظ أن العربة الجوالة كيوريوسيتي مصممة لتحليل الصخور والفلزات. وهي قادرة على كشف الآثار البيولوجية، مثل المواد العضوية، ولكنها ليست مجهزة لتقدم لنا معلومات حول وجود الحياة على المريخ.

  • آثار عضوية في الغلاف الجوي لكوكب من خارج النظام الشمسي

أصبحنا قادرين على تحديد وجود أشياء مثل الماء، الميثان، الأوكسجين، وغيرها من الجزيئات المتعلقة بالحياة في الغلاف الجوي للعوالم البعيدة، ولكن هذا لا يكفي حتى نجزم بوجود حياة فعلية هناك.

  • شيء ما حول نجم تابي؟

بدأ نجم غريب ذي خفوت مستعص على التفسير باتخاذ سلوك غريب مرة أخرى في مايو، وبدأت الأوساط الفلكية بالعمل لجمع ما أمكن من البيانات حوله. هل عثروا على ما يدل على وجود بنية اصطناعية ضخمة تحيط بالنجم لجمع طاقته من أجل التطورات التقنية لحضارة فضائية متقدمة؟ على الأرجح، كلا. ولكن حتى لو كان هذا صحيحاً، فإن إثبات وجود الكائنات الفضائية سيتطلب أكثر من الإشارات الحرارية والطيف الضوئي.

  • الاتصال بكائنات فضائية ذكية 

يعتبر هذا حالياً الوسيلة الوحيدة للحصول على برهان أكيد حول وجود كائنات فضائية، فقد توقفت ناسا عن البحث عن دليل مباشر على وجود الحياة خارج الأرض بعد فشل مسابر فايكينج في السبعينيات. ماذا سيحدث إذا حققنا هذا الاتصال فعلياً؟ حسناً. إذا كانت ناسا تتبع القواعد التي وضعها معهد سيتي، ستكون خطوتها الأولى التأكد من أن هذه الإشارات صادرة فعلاً عن كائنات فضائية، ومن ثم التأكد مرة أخرى، ومن ثم إبلاغ العامة. بالطبع، من المحتمل أنهم سيحاولون إخفاء شيء كهذا، وقد لا نعرف أبداً. ولكن سيكون هذا صعباً، لأنهم سيرغبون بتحليل المعلومات من قبل أكبر عدد ممكن من المؤسسات العلمية، وذلك لمحاولة تحديد ماهية هذه الكائنات ونواياها.

على أي حال، يمكن أن نقول أن مجموعة أنونيموس محقة في أمر واحد، وهو تزايد عدد العلماء الذين يعتقدون بوجود حياة فضائية في مكان ما. ومع قدرة الحياة على التكيف، ووجود مليارات الكواكب التي يمكن أن تتواجد عليها، تتزايد فرص وجود الحياة في أكثر من مكان في الكون. ولكن هذا لا يعني أننا اقتربنا من العثور عليها.

المحتوى محمي