5 كوارث مميتة لعصر سباق الفضاء

3 دقائق

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في منتصف القرن الماضي، بدأ صراع جديد من نوعه وهو الحرب الباردة، بين أكبر قوتين عالميتين في ذلك الوقت: الولايات المتحدة الأميركية الرأسمالية، والاتحاد السوفيتي الشيوعي.

بدايةً من أواخر خمسينيات القرن الماضي، تحول الفضاء الخارجي إلى ساحة دراماتيكية أخرى لهذه المنافسة الشرسة، حيث سعى كل جانب لإثبات تفوق تقنياته وقوته العسكرية، ونظامه السياسي والاقتصادي.

وبعد أن أطلق الاتحاد السوفييتي أول قمر اصطناعي «سبوتنيك 1» في العام 1957، دخلت الولايات المتحدة في منافسة شرسة مع منافسيها الشيوعيين للهيمنة على الفضاء الخارجي؛ حيث امتلأ سباق الفضاء بالعديد من النجاحات التاريخية الملحوظة، بما في ذلك هبوط رواد الفضاء الأميركيين لأول مرة على سطح القمر في بعثة «أبولو 11» في العام 1969.

ولكن لم يمر عصر سباق الفضاء بدون حدوث إخفاقاتٍ واضحة، بما في ذلك بعض الكوارث المميتة، كالتالي:

  1. أبولو 1 - العام 1967

وقع أول حادث مميت في تاريخ رحلات الفضاء الأميركية في 27 يناير/كانون الثاني من العام 1967، أثناء الاستعدادات لأول مهمة بشرية إلى القمر من برنامج الفضاء أبولو، حيث اندلع حريق في وحدة القيادة بمركبة «أبولو 204» أثناء جلسة تدريب لإطلاق المهمة في قاعدة «كيب كانافيرال» الجوية في فلوريدا، مما أسفر عن مقتل رواد الفضاء «فيرجيل غريسوم» و«إدوارد وايت» و«روجر شافي».

بدأت شرارة الحريق في بيئة الأكسجين النقي داخل وحدة القيادة، وتسببت عيوب التصميم في باب فتحة الخروج في صعوبة فتحه في الوقت المناسب لإنقاذ رواد الفضاء.

وفي أعقاب الحادث، اعتبرت ناسا رسمياً هذه البعثة بوصفها «أبولو 1».

  1. سويوز 1 - العام 1967

تحطمت أول مركبة فضائية سوفيتية «سويوز 1» بعد اصطدامها بالأرض في الـ 24 من إبريل/نيسان من العام 1967، بعد 3 أشهر من حادثة «أبولو 1». كانت هذه المركبة أول مركبة فضائية سوفيتية قد أعدّت من أجل الوصول إلى سطح القمر. وبعد تحطمها، أصبح رائد الفضاء الروسي «فلاديمير كوماروف» أول حالة وفاة في رحلة فضائية. 

كانت المركبة ما تزال في المرحلة التجريبية أثناء المهمة، وبدأت المشاكل بالظهور على الفور بعد دخولها مدار الأرض بعد حوالي 9 دقائق من الإطلاق. فشل في هذه المرحلة أحد الألواح الشمسية في العمل، مما أدى إلى قطع التيار الكهربائي، وحدوث تداخل مع أنظمة تحكم المركبة الفضائية.

أُلغيت المهمة، ولكن بعد محاولة دخول صعبة إلى الغلاف الجوي للأرض؛ حيث فشلت مظلات «سويوز 1» في العمل والانفتاح بشكلٍ صحيح، ولم يتمكن كوماروف من الهرب قبل أن تصطدم المركبة الفضائية بعنف بسطح الأرض في جنوب شرق روسيا.

  1. سويوز 11 - العام 1971

حرصاً على التفوق على منافسيهم في برنامج الفضاء الأمريكي بعد نجاحهم في الهبوط على سطح القمر، أطلق الاتحاد السوفيتي أول محطة فضاء في العالم «ساليوت 1» في أبريل/نيسان من العام 1971. 

وفي شهر يونيو/حزيران، صعد 3 رواد فضاء روس على متن السفينة «سويوز 11» للوصول للمحطة الفضائية «ساليوت 1»، حيث قضوا مدة 22 يوماً داخلها يقومون بإجراء التجارب، ويدونون الملاحظات، مما منحهم صفة البطولة في وطنهم.

وفي رحلة العودة في الـ 30 يونيو/حزيران، قامت المركبة الفضائية بالدخول إلى الغلاف الجوي، وكان الهبوط الآلي مثالياً. لكن عندما فتح فريق العمل الأرضي فتحة مقصورة القيادة للمركبة، وجدوا أن رواد الفضاء الثلاثة لا يستجيبون لهم.

حيث قد فُتح منفذ الهواء بعد أن تعطل عندما انفصلت الوحدات المدارية والخاصة بالهبوط من المركبة، وانخفض الضغط داخل المقصورة؛ وكان الرواد الثلاثة لا يرتدون البدلات الفضائية، لهذا توفوا قبل 30 دقيقة من الهبوط.

وكميراثٍ لكارثة «سويوز 11»، اجتازت البرامج الفضائية السوفيتية والأمريكية لاحقاً متطلبات السلامة التي تضمن أن رواد الفضاء يرتدون بدلاتهم الفضائية خلال أي مرحلة من مراحل المهمة، والتي يمكن أن يحدث فيها أي انخفاض للضغط.

  1. تشالنجر - العام 1986

في صباحٍ قارس البرودة يوم 28 يناير/كانون الثاني من العام 1986، تحطم مكوك الفضاء «تشالنجر» بعد 73 ثانية من إطلاقه من قاعدة «كيب كانافيرال»، ليصطدم بالمحيط الأطلنطي من ارتفاع يصل إلى خمسين ألف قدم (15 كم).

قُتل رواد الفضاء السبعة الذين كانوا على متنه بمن فيهم «كريستا ماكوليف»، معلمة في مدرسة ثانوية تم اختيارها كجزء من المبادرة الوطنية «المعلم في الفضاء».

حيث توصل التحقيق في وقتٍ لاحق إلى أن ناسا كان لديها علم بأن درجات الحرارة شديدة البرودة يمكن أن تسفر عن أضرار بحلقات «O-rings» المطاطية للمركبة الفضائية، والتي تفصل المضخات الصاروخية وتمنع تسرب الوقود، ولكنها اختارت الإطلاق في موعده على أي حال، مما أثار غضباً واسع النطاق، وتسبب في إيقافٍ مؤقت لبرنامج المكوك الفضائي الأمريكي.

  1. كولومبيا - العام 2003

بعد مهمةٍ استغرقت 16 يوماً، كان المكوك الفضائي «كولومبيا»، الذي قام بأول رحلة لبرنامج المكوك الفضائي عام 1981، يدخل الغلاف الجوي للأرض قبل الهبوط المخطط له في قاعدة «كيب كانافيرال» عندما وقعت المأساة؛ حيث انفجرت المركبة المدارية للمكوك، وتناثر الحطام على شرق ولاية تكساس، وقُتل جميع رواد الفضاء السبعة على متنه.

انفصلت قطعة صغيرة من الرغوة العازلة عن خزان الوقود أثناء الإطلاق، وثُقب الجناح الأيسر للمكوك، ولكن بسبب إفراغ الرغوة أثناء إطلاقه في وقت سابق دون وقوع حادث، لم يظن مسؤولو ناسا أنها سوف تسبب مشكلة فيما بعد. لكن عند دخول المكوك مرة أخرى للغلاف الجوي، اخترقت الغازات الساخنة والدخان الجناح المتضرر بالثقب، مما أدى إلى تعطل الجناح وتحطم باقي المكوك.

كانت كارثة كولومبيا بمثابة بداية النهاية لبرنامج المكوك الفضائي الأميركي؛ حيث أوقفت ناسا البرنامج نهائياً في العام 2011.

ربما كان عصر سباق الفضاء هو النتيجة الإيجابية الوحيدة للحرب الباردة، لما قدمه للبشرية من تنافس في مجالات علوم الفضاء والفلك، ومحاولات الإنسانية استعمار الفضاء. كما قدمت هذه الحوادث ملاحظات هامة لتفادي تكرارها فيما بعد.

المحتوى محمي