عثر عالم هولندي على اثنتين من صغار الديدان الأرضية تتلويان داخل تربة يفترض بها أن تحاكي سطح المريخ. ولكننا لا يزال أمامنا طريق طويل قبل أن نتمكن من البستنة على سطح الكوكب الأحمر.
في الوقت الحالي، ليس باستطاعة العلماء الوصول إلى تربة المريخ الحقيقية. ولذلك قام ويجر واملينك، عالم الأحياء في جامعة فاغينينغن، بشراء محاكاة من وكالة ناسا بسعر باهظ بلغ 2,500 دولار مقابل حوالي 100 كيلوجرام (حيث أنشأ حملة للتمويل الجماعي لمساعدته في دفع التكاليف).
قامت وكالة الفضاء الأميركية بجلب هذا التراب من بركان في هاواي ومن صحراء موهافي، ثم قامت بتعقيمها لكي تستنسخ ظروف البيئة الخالي من الحياة على المريخ.
بعد ذلك، قام واملينك وفريقه البحثي بإخضاع تربة المحاكاة لتصورات افتراضية عن مستعمرة مريخية. كان الحماس يملؤهم عندما اكتشفوا أن الديدان البالغة التي أضافوها إلى التربة لم تنج فحسب، بل تكاثرت أيضاً. يقول واملينك في هذا الصدد: "لقد كان ذلك أبعد مما كنا نتصور".
لا شك أن اكتشاف قدرة الديدان الأرضية على النجاة على سطح الكوكب الأحمر يعد أمراً مثيراً. فهذه الديدان الحلقية التي لا تنال حق قدرها تعد كائنات في غاية الأهمية لصحة النظام البيئي على كوكب الأرض. إنها بمثابة مسمّدات حية فائقة، تلتهم النباتات الميتة وتتبرّز تربة خصبة. إذا تمكنت المستعمرات البشرية من تربيتها، فإن محاصيلها ستكون أفضل حالاً.
ولكن عملية إعادة سيناريو مشابه لما حدث مع مات دامون عندما تقطعت به السبل في فيلم "ذا مارشان" (رجل المريخ)؛ لا يبدو أنها تستند إلى أسس علمية كافية في الوقت الحاضر. بعد أن استلم واملينك التربة من ناسا في 2013؛ قام بزراعة مجموعة متنوعة من البذور. وقد كان سعيداً برؤية الطماطم، القمح، الرشاد المزروع، الخردل الحقلي، ونباتاً برياً يسمى السُّدم وهي تنمو جميعاً.
تفحّص واملينك تلك الكمية من التراب بحثاً عن معادن ثقيلة، ولكنه وضع كمية مماثلة تقريباً من النباتات في التربة مرة أخرى لمحاكاة ما يمكن أن يحدث من دون تدخل بشري. بعد مرور عامه الأول ذاك، بدأ بوضع النباتات الفعلية مرة أخرى في التربة، ولكنه قام أيضاً بإضافة سماد الخنزير ليحل محل البراز البشري.
وفقاً لآندرو بالمر، أستاذ علم الأحياء في معهد فلوريدا للتكنولوجيا؛ فإن سكان المريخ في المستقبل لن يفعلوا ذلك على الأرجح. حيث يقول موضحاً: "من المستبعد جداً أن نستخدم البراز في الزراعة من أي نوع في التربة". ويضيف: "البراز البشري يعد ناقلاً رهيباً للأمراض، ولا نعلم كم سيكون عدد الخنازير المتواجدة على المريخ".
ولكن المخاطر الناجمة عن نشر الفضلات البشرية – الإسهال، التيفوئيد، الكوليرا، شلل الأطفال والتهاب الكبد – لا تقارن بالبيركلورات، والتي عثر عليها المسبار الفضائي فينيكس في تربة المريخ في العام 2007. هذا المركب الذي يضعه البشر في بعض الأحيان في الوقود الدفعي ومواد التغليف والتعبئة، يؤثر على الغدة الدرقية والرئتين.
سيحتاج سكان المريخ للتخلص من هذه المادة قبل زراعة أي شيء في تربة الكوكب، كما أن بعثات الفضاء الأخرى التي تجمع عينات أكبر من التربة؛ قد تجلب معها أنباء عن مواد أخرى كريهة.
ليس هناك تربة على سطح الأرض مطابقة تماماً لتربة المريخ. وكما هو حال التراب على كوكبنا الأرضي، فإن تربة المريخ ليست موحدة أيضاً. كما هو حال الرمال البيضاء في حوض نهر الأمازون التي تختلف كلياً عن الطين الغني بالكلس في إسبانيا، فإن المريخ لديه جيولوجيا متنوعة، ومن المرجح أيضاً أن لديه في المقابل تنوعاً في التربة لم يبدأ البشر بعد باستكشافها.
وقد شهدت كل أنواع التربة على سطح الأرض نوعاً من الانتكاسات في مقومات الحياة في مراحل معينة، حتى في المناطق القاحلة نسبياً حيث تجمع ناسا عينات التربة التي تحاكي سطح المريخ. يقول بالمر: "سيكون هناك كميات ضئيلة من المواد العضوية، فنسب تواجد هذه المواد ستكون مختلفة على المريخ".
ليس لدى العلماء سوى تحليلات للعناصر تم إجراؤها على كميات محدودة من تربة المريخ. يقول بالمر إنه يأمل يوماً ما من إجراء تحليل جزيئي للتربة بعد أخذها من مناطق مختلفة من المريخ، والتي قد يكون البشر هم من قاموا بجمعها.
يقول بالمر إن البحث في تقدير كميات الطعام التي سيتمكن البشر من زراعتها على المريخ؛ يعد أمراً في غاية الأهمية لوضع ميزانيات أولية للبعثات المأهولة في المستقبل. وبالتالي على الرغم من أن تجارب الديدان هذه قد لا تكون كافية لإثبات أننا سنتمكن من العيش بعيداً عن كوكب الأرض، إلا أنها تبقى تجارب هامة.
يقول بالمر في هذا الصدد: "نحن نتحسن، أنت تبدأ بشكل غير مثالي، ثم تقوم بالتحسن شيئاً فشيئاً".