اكتشاف أحفورة سليمة لجنين ديناصور كان يتهيأ للفقس على طريقة الطيور

3 دقائق
جنين ديناصور
حقوق الصورة: تشينغ وزملاؤه، 2021.

تعرف العلماء على جنين ديناصور متحجر نادر جداً ما يزال محفوظاً في بيضة من جنوب الصين.

تعود العينة إلى العصر الطباشيري المتأخر، وتنتمي لمجموعة من الديناصورات تُسمى «أوفيرابتوروصورات»، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالطيور. من المثير للاهتمام أن جنين الديناصور يلتف بشكلٍ يشبه وضع «الانثناء» الذي تتخذه أجنة الطيور الحديثة قبل الفقس. وفقاً لما أفاد به الباحثون في 21 ديسمبر/كانون الأول في دورية «آي ساينس»، فإن النتائج تشير إلى أن هذا التكيف المهم قد تطور قبل انفصال الطيور عن الديناصورات الأخرى.

جنين ديناصور قد يلقي الضوء على آلية فقس الديناصورات ونموها

تقول فيون وايسوم ما، طالبة الدكتوراه في علم الأحياء القديمة بجامعة برمنغهام في المملكة المتحدة، والتي شاركت في صياغة النتائج في رسالةٍ بالبريد الإلكتروني: «تُعتبر أجنة الديناصورات المفتاح لفهم تطور آلية ما قبل الفقس لدى الديناصورات ونموها». بالرغم من توفر العديد من بيوض الديناصورات المتحجرة، إلا أنه من الصعب العثور فيها على أجنةٍ متحجرة. إذ غالباً تكون أجنة الديناصورات التي يعثر عليها علماء الأحافير غير مكتملة، وعظامها منفصلة ومفتتة.

على النقيض من ذلك، تحتوي الأحفورة المكتشفة حديثاً على هيكل عظمي شبه كامل مع عظام مرتبة كما كانت في الواقع. تقول وايسوم في هذا الصدد: «هذا الديناصور الصغير محفوظ بشكل جميل في بيضة متحجرة. نعتقد أن البيضة دفنت في الرمال أو الطين بسرعة كافية بحيث لم تتعرض لعوامل البيئة المختلفة التي يمكن أن تتلفها».

تمكنت وايسوم وزملاؤها من كشف أكثر من نصف الهيكل العظمي، بينما لا يزال النصف المتبقي مغطىً ببقايا موادٍ صخرية في البيضة. يرجع تاريخ الأحفورة، والتي اكتُشفت في الأصل في منطقة صناعية في مقاطعة جيانغشي الصينية، إلى ما يقرب من 71 إلى 65 مليون سنة مضت. يبلغ طول البيضة 16.7 سم وعرضها 7.6 سم، بينما يبلغ إجمالي طول الهيكل العظمي الملتف من الداخل 23.5 سم.

عُثر على الأوفيرابتوروصورات في أميركا الشمالية وآسيا. تُشتهر عائلة الديناصورات هذه بتنوع شكل جماجمها، بما في ذلك بعض أشكال جماجم الديناصورات الطائرة التي تملك عرفاً طويلاً جداً. تقول وايسوم: «لو قُدر للبيضة أن تفقس، فإن الجنين كان سينمو إلى أوفيرابتوروصور متوسط ​​الحجم، وربما وصل طوله إلى 2-3 أمتار، وسيكون جسمه مغطىً بالريش ولديه جمجمة بلا أسنان».

قارن الباحثون الجنين من الناحية التشريحية بأجنة الأفيرابتوروصورات الأخرى والثيروبودات، وهي الفئة الأوسع من الديناصورات آكلة اللحوم التي تشمل أيضاً التيرانوصور ريكس. قام الباحثون أيضاً بفحص شريحة دقيقة من قشرة البيضة تحت المجهر وقاموا بتحليل العلاقات التطورية بين الأوفيرابتوروصورات لتحديد مكان الجنين الجديد في شجرة العائلة، وخلص الباحثون إلى أن الجنين ينتمي إلى مجموعةٍ فرعية من الأوفيرابتوروصورات تُسمى الأوفيرابتوريات.

تقول وايسوم: «كانت الملاحظة الأكثر إثارة للدهشة وضعية الجنين في البيضة. كان جسمه ملتوٍ وظهره يواجه النهاية الحادة للبيضة، ورأسه تحت جسمه وقدماه على الجانبين. لم نرَ مثل هذه الوضعية بين أجنة الديناصورات من قبل، لكنها تشبه وضعية جنين طائر حديث على وشك الفقس».

جنين ديناصور
صورة تخيلية لأحفورة جنين الديناصور المكتشفة داخل البيضة. حقوق الصورة: يوليوس كسوتوني.

آلية تشبه آلية الفقس عند الطيور

في الواقع، تعيد أجنة الطيور تموضعها داخل البيضة عند اقتراب موعد الفقس في عمليةٍ تُعرف بـِ «الانثناء» (tucking). كانت وضعية الجنين التي فحصتها وايسوم وفريقها مشابهةً لوضعية جنين دجاجٍ يبلغ من العمر 17 يوماً في المرحلة الأولى أو مرحلة ما قبل الانثناء. خلال الأيام الثلاثة التالية، ينتقل جنين الدجاج تدريجياً إلى وضعية الثني النهائية، حيث يكون الجسم مكوّراً والرأس أسفل الجناح الأيمن. تقول وايسوم: «يستقر الجنين أخيراً على هذه الوضعية التي توجّه الرأس نحو قشرة البيضة كي يكسرها الجنين بمنقاره عند الفقس».

وتعتقد وايسوم وزملاؤها أن العديد من أجنة الأوفيرابتوروصورات التي اكتُشفت في السابق كانت تتخذ وضعيات «انثناء» مختلفة أثناء نموها، لكن من الصعب التأكد من ذلك نظراً لأن تلك العينات لم تكن محفوظةً جيداً. ومع ذلك، خلص الفريق إلى أن الأفيرابتورات والطيور الحديثة ربما استخدمت استراتيجية مماثلة لزيادة فرصها في الفقس بنجاح، على عكس أقربائها البعيدة مثل الصربوديات طويلة العنق والتماسيح الحية.

اقرأ أيضاً: هكذا كانت رحلة بعض الديناصورات في السماء

تقول وايسوم: «تنفرد الطيور بسلوك الانثناء، ولكن النتائج الجديدة التي توصلنا إليها تشير إلى أن هذا السلوك ربما كان موجوداً وتطور في البداية بين الديناصورات ذوات الأقدام، والتي تعتبر أسلاف الطيور الحديثة».

لتأكيد هذا الاحتمال، يتعين على الباحثين اكتشاف المزيد من أحافير أجنة الديناصورات ذوات الأقدام «الثيروبودات» وأنواعٍ أخرى من الديناصورات لمقارنتها بأجنة الطيور والتماسيح الحديثة. تخطط وايسوم وزملاؤها أيضاً لفحص الجمجمة وأجزاء أخرى من هذا الجنين ما تزال مخبأةً داخل بقايا الصخور في البيضة.

تقول أخيراً: «نأمل أن نجيب على المزيد من الأسئلة حول التطور المبكر للديناصورات ونموها اعتماداً على هذه العينة الاستثنائية».

المحتوى محمي