لماذا تقذف الأخطبوطات أصداف البحر على بعضها بعضاً؟

3 دقائق
لماذا تقذف الأخطبوطات أصداف البحر على بعضها بعضاً؟
صورة قريبة لأخطبوط. غودفري سميث وآخرون، 2022 مجلة بلوس ون.

يمكن أن يؤدي امتلاك 8 أذرع إلى العديد من النشاطات الحركية المثيرة للاهتمام (ما عليك سوى الاطلاع على التاريخ الغريب لمصارعة الأخطبوطات للتأكد من ذلك). ولكن إذا لم تكن فكرة مصارعة حيوان بحري متعدد الأذرع ويزن 45 كيلوغراماً مخيفة بما يكفي بالنسبة لك، تخيل أن كائناً بثمانية أذرع يرمي أصداف البحر عليك. أظهرت دراسة نُشرت بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 في مجلة بلوس ون لأول مرة أن الأخطبوطات ترمي عمداً قطع الحطام مثل الطمي والأصداف وتوجهها أحياناً نحو الأخطبوطات الأخرى.

في عامي 2015 و2016، استخدم فريق من العلماء من أستراليا والولايات المتحدة الكاميرات تحت المائية لتوثيق سلوك أفراد النوع الذي يحمل اسم الأخطبوط القاتم (Octopus tetricus) والتي تعيش في خليج جيرفيس جنوب شرق أستراليا. يحتوي شاطئ هذا الخليج على الرمال الأكثر بياضاً في العالم وأصغر أنواع طيور البطريق على الأرض، والتي تحمل اسم طيور البطريق القزم، والثدييات البحرية والعديد من أنواع رأسيات الأرجل.

تفاعل الأخطبوطات مع بعضها

قال أستاذ علم الأحياء البحرية في جامعة ألاسكا باسيفيك ومؤلف الدراسة الجديدة، ديفيد شيل (David Scheel)، لموقع بوبساي (PopSci، العلوم للعموم): "نشأت فكرة الدراسة من حقيقة وجود أعداد كبيرة من الأخطبوطات في هذا الموقع. وهو أمر غير معتاد"، وأضاف: "تتفاعل الأخطبوطات فيما بينها عادة عندما تتكاثر أعدادها. لذلك يوفّر لنا هذا الموقع فرصة نادرة لدراسة السلوكيات التي لا تقتصر على التزاوج والتي تنتج من تفاعل الأخطبوطات مع بعضها".

فحص العلماء ما مقداره 24 ساعة من مقاطع الفيديو التي التُقطت على مدى عدة أيام ولاحظوا حدوث 102 من حالات رمي الحطام في مجموعة تتألف من نحو 10 أخطبوطات. لم يكن تحديد الأفراد الذين قاموا برمي الحطام ممكناً دائماً.

اقرأ أيضاً: سر الأخطبوط: تزداد الثآليل ويقل الحجم حين يعيش في عمق أكبر

بعد أن جمعت الأخطبوطات الطمي من قاع البحر أو الأصداف بعد تناول الطعام، قامت برمي هذه المقذوفات باستخدام هيكل على شكل أنبوب فوق أرجلها يمكّنها من دفع الماء ويحمل اسم السيفون. استخدمت الأخطبوطات أذرعها للإمساك بالسيفون وقذف المواد عبر المياه.

سلوك مختلف عن السلوكيات الاعتيادية

تمكّنت الأخطبوطات من قذف هذه المواد لمسافات تبلغ عدة أضعاف طول جسمها في أغلب الحالات. ولتتمكن من فعل ذلك، اضطرت لتحريك السيفون ليتّخذ وضعية غير اعتيادية. يشير ذلك إلى أن سلوك الرمي الذي لاحظه العلماء كان مختلفاً عن السلوكيات التي تحتاج الأخطبوطات اتباعها لإنجاز حركاتها الاعتيادية في الماء.

قال شيل: "إن رمي المواد التي تم توجيهها من قبل الرامي هو سلوك حيواني نادر"، وأضاف: "يبدو أن رمي المواد تحت الماء، حتى ولو لمسافات قصيرة، هو سلوك غريب بشكل خاص وينطوي على حركات صعبة. ما يجعله أكثر إثارة للإعجاب".

عادت أنثى الأخطبوط هذه من رحلة بحث عن الطعام قبل 18 دقيقة من تصوير هذا الفيديو واتخذت وضعية مميزة خاصة بتناول الطعام. مع البدء في حركة القذف، اقترب أخطبوط آخر منها ولمسها في لحظة قذف الأصداف. مصدر مقطع الفيديو: غودفري سميث وآخرون، 2022 مجلة بلوس ون.

على الرغم من أن العلماء رصدوا أن كلاً من الذكور والإناث تقوم برمي الأصداف، فإن الإناث قامت بـ 66% من الرميات. وقع نحو نصف حالات الرمي خلال التفاعل بين الأخطبوطات أو بعيده وقبيله، مثل تلامس الأذرع أو محاولات التكاثر. أصابت نسبة 17% تقريباً من الرميات التي رُصدت الأخطبوطات الأخرى. وهي نسبة نجاح مثيرة للإعجاب بالنسبة لحيوان يعيش تحت الماء ويفتقر إلى الأباهيم المقابلة وعضلات الكفّات المدوِّرة.

سلوك يرتبط بالعدوانية

بالإضافة إلى امتلاكها لوامس رائعة، تستطيع الأخطبوطات تغيير لون بشرتها إلى الألوان الداكنة التي ترتبط عادة مع السلوكيات العدوانية. وجد العلماء أن الأخطبوطات ذات الألوان الداكنة يمكن أن تقذف المواد بقوة أكبر، وأن احتمال نجاحها في إصابة الأخطبوطات الأخرى أكبر.

اقرأ أيضاً: هذه الأخطبوطات الجميلة يمكن التمييز بينها من خلال النتوءات على جسمها

لم تكن الأخطبوطات التي تمت إصابتها بالمقذوفات عاجزة تماماً؛ إذ إنها قامت عادة بالمراوغة أو خفض أذرعها تجاه الأخطبوط الرامي.

قال شيل: "على حد علمنا، لم يتم التبليغ عن سلوك مشابه لدى الأخطبوطات من قبل. لذا فرصد هذا السلوك هو أمر جديد تماماً. عموماً، تعتبر الأخطبوطات حيوانات منعزلة. ويبدو أن هذا السلوك الجديد يمثّل إحدى طرق تفاعلها مع بعضها".

على الرغم من أن مؤلفي الدراسة الجديدة يقولون إن تحديد النية وراء قذف هذه المواد بدقة هو أمر صعب، فإن الأرصاد تشير إلى أن الأخطبوطات قادرة على قذف المواد واستهداف أفراد معينين في بعض الحالات. هذا السلوك هو سلوك معقّد لم تتم ملاحظته من قبل سوى في بعض أنواع الحيوانات مثل قرود الشمبانزي والكبّوشي والفيلة والطيور.

قال مؤلفو الدراسة في بيان مشترك: "تقذف الأخطبوطات البرية مختلف أنواع المواد عبر المياه في رميات نفّاثة. وتصيب هذه المقذوفات بعض الأخطبوطات الأخرى أحياناً"، وأضافوا: "هناك بعض الأدلة التي تبين أن الأخطبوطات تصيب الأفراد الأخرى عن عمد، وأن هذا السلوك له دلالات اجتماعية".

المحتوى محمي