مع اقتراب الشمس من المغيب فوق أدغال جزيرة أورفيوس في أوستراليا، تملأ الأجواء أنغام أغنية عذبة. ولكنها، وبدلاً من أن تأتي لعلجوم القصب برفيقة جميلة، تودي به إلى حتفه.
وبالطبع فإن الموت هنا هو مسألة منظور. حيث يتم النظر إلى علجوم القصب، ذلك الحيوان الغازي، على أنه وباء سام في أوستراليا. فهو سام على نحو فظيع لكل ما يحاول أكله، ما يؤدي إلى قتل الحيوانات المفترسة والأليفة على حد سواء. ولذلك فإن استدراج هذه البرمائيات بأغنية مغرية، قد يعود بالنفع على كل الكائنات الحية الأخرى التي تعيش على هذه الجزيرة.
تصدر هذه الأصوات من فخاخ نصبها على الجزيرة باحثون من جامعة جيمس كوك. حيث قاموا بتجهيز فخاخ سلكية مزودة بضوء من الأشعة فوق البنفسجية لجذب الحشرات، ومكبر صوت صغير يصدر أصواتاً جميلة.
وقام علماء الأحياء بتشغيل أصوات مختلفة من مكبر الصوت، مصممة لتحاكي نداء علجوم القصب. وبينما كانت ذكور علجوم القصب تنجذب إلى جميع الفخاخ بأعداد متساوية تقريباً، فإن الإناث -وخاصة الجاهزة منها للتكاثر- كانت تنجذب أكثر إلى الفخاخ التي تصدر منها أصوات تجمع بين التردد المنخفض ومعدل الذبذبة العالي. ويعتقد الباحثون أن هذا يعود إلى أن إناث علجوم القصب تميل إلى البحث عن الذكور الأكبر حجماً، والأكثر حيوية لتتكاثر معها.
وقد نشرت نتائج هذا البحث في يوليو 2017 في مجلة "علم إدارة الآفات".
إن تحديد ما الذي يجذب إناث علجوم القصب مهم لكل من يحارب الموجة العارمة من هذه البرمائيات التي تثب في كل مكان من أوستراليا.
يقول مؤلف الدراسة بن مولر في بيان له: "تضع أنثى علجوم القصب ما قد يزيد عن 20 ألف بيضة في كل مرة، ولذلك فإن القضاء على أنثى واحدة منتجة للبيوض وإبعادها عن بقية الأفراد، هو أكثر فعالية في السيطرة عليها من القضاء على ذكر واحد".
وهذا لا يعني أن استدراج علجوم القصب إلى الفخاخ ذات الأصوات العذبة هو الحل النهائي لهذا الوباء في أوستراليا. فكما لاحظ واضعو الدراسة، فإن التجمعات المختلفة لها أصوات مختلفة. ولذلك فإن أي جهود لاستئصال هذه المخلوقات يجب أن تهتم بالاعتبارات المحلية لعلاجيم القصب عند نصب الفخاخ. ويرى واضعو الدراسة أن هذه الطريقة قد تعمل بصورة أفضل في جزيرة تحتوي على عدد محدود من هذا الحيوان، بخلاف أرض القارة التي يستطيع فيها علاجيم القصب ببساطة ملء الفراغ الذي خلّفه الأفراد الذين وقعوا في الفخاخ.
ومن الجدير بالذكر أن مكافحة آفة علجوم القصب، هي في الأصل مكافحة لآفة استخدمت لمكافحة آفة أخرى. فقد تم إدخال علاجيم القصب إلى أوستراليا كحل مبدئي لمشكلة غازية أخرى، وهي يرقات الخنفساء التي كانت تقضم جذور قصب السكر.