تملك عالمة الحشرات فيرا كريشيك حديقة للنحل والفراشات مليئة بنبات دوار الشمس المكسيكي، ونبات عصا الذهب، والمريمية، وزهرة سوزان سوداء العيون. ولكن عندما يكون لديها مشاكل مع حشرة المن والخنافس اليابانية، فإنها تتعامل بحذر في التخلص منها.
تقول كريشيك: "نحن نعتقد أنه إذا كان لدينا حشرة ما فإنها سوف تدمر النبات إلى الأبد، بينما من السهل قطع المنطقة المصابة بالحشرة فقط". وتزيل كريشيك وتسحق الحشرات بيدها، أو في الحالات القصوى، تستخدم مبيداً موضعياً. وهي لا تستخدم مبيدات نيونيكوتينويد التي يبدو أنها تؤثر على سلوك النحل، وتكاثره، ونسبة وفياته.
لكن لا يتصرف الجميع بهذا الحذر، ففي دراسة نشرت حديثاً في دورية "ساينس"، وجد باحثون سويسريون أن مبيدات نيونيكوتينويد منتشرة في كل مكان. وقد حللوا 198 عينة عسل من جميع أنحاء العالم، ووجدوا أن نوعاً واحداً على الأقل من مبيدات نيونيكوتينويد موجود في 75 في المائة من العينات، وأربعة أنواع في 10 في المائة منها.
يقول إدوارد ميتشل، عالم الأحياء في جامعة نيوشاتيل في سويسرا، إن فريق البحث حاول اختبار عينات من المناطق النائية، لكنهم وجدوا المبيدات في كل مكان تقريباً. حتى العسل الذي أخذوه من البلدة السويسرية المعزولة التي اختاروها كعينة معيارية، وكان مكاناً محاطاً بالغابات والمزارع العضوية، والتي كانوا يأملون في استخدامها كأساس لمقارنة الإفرازات الأكثر تلوثاً والتي تحتوي على مبيدات نيونيكوتينويد. يقول ميتشل، المؤلف الرئيسي للدراسة: "لقد كانت تلك نتيجة مذهلة. لقد فوجئنا بهذا الانتشار، وفكرنا، من أين يمكن أن تأتي هذه المبيدات؟ كانت الإجابة الوحيدة هي: المدينة نفسها والحدائق".
وتحقق ميتشيل وزملاؤه من أن القائمين على الحدائق في سويسرا كانوا يزرعون أزهاراً للزينة، وبعضها لا يزال يحتوي على مبيدات نيونيكوتينويد أثناء زراعتها في مزارع في أماكن أخرى. وهذا استنتاج مثير للقلق، نظراً لأن العديد من أصحاب المنازل في جميع أنحاء العالم يأملون بمساعدة الملقحات من خلال زراعة زهور تبدو جاذبة لها. وتواجه أعداد جميع الحشرات الطائرة انخفاضاً متزايداً، ولكن انخفاض أعداد النحل والفراشات التي تساعد على تلقيح المحاصيل أمر مثير للقلق بشكل خاص. يقول ميتشيل: "قام بعض الناس بزراعة الزهور ليس فقط لجعل حدائقهم جميلة، ولكن لمساعدة النحل. ولكن إذا كانوا يلوثون هذا النحل بالسم، فانهم لا يساعدونها".
ويحث الفريق مشتري النباتات على الاستفادة من قوتهم كمستهلكين، وقد استجابت بعض الشركات بالفعل لهذا الضغط. فقد تعهدت شركة رعاية الحدائق أورثو، وهي فرع من شركة سكوتس ميراكل-جرو، بإسقاط مبيدات نيونيكوتينويد من ثمانية من منتجاتها بحلول عام 2021. وواجهت شركتا باير وسينجينتا انتقادات في أوروبا والولايات المتحدة بسبب استخدام مبيدات نيونيكوتينويد. وتتخذ بعض الولايات الأميركية إجراءات فردية: فقد حظرت ولايتا ميريلاند وكونيكتيكت مبيدات نيونيكوتينويد بشكل قاطع.
وتقول كريشيك بأن مبيدات نيونيكوتينويد تؤثر بشكل خاص على أعداد النحل المحلي، مثل النحل الطنان المبقع بالصدأ المهدد بالانقراض. وتكون العديد من زهور الزينة التي تزرع عادة أقل جاذبية للنحل من النباتات المحلية أو النباتات النادرة التي حافظت الأجيال على زراعتها، لذلك تحث كريشيك على التعامل بحذر مع هذه النباتات الثمينة، فتعلق قائلة: "الملقحات ذات أهمية كبيرة"، وهذه الفكرة لا تفارقها أثناء عملها في الحديقة.