تمارس قرود البونوبو الجنس بشتى الطرق. ولكن هناك خطاً ترسمه إناثها على الرمل، وقد تبيّن أن هذا الخط هو "الذكور غير الجذابة".
ربما تعلم أن قرود البونوبو هي أكثر أقارب الشمبانزي مسالَمة. أما إذا لم تكن على علم بها، فمرحباً بك في عالم قرود البونوبو المليء بالجنس. وهذا لا يعني أن هذه القرود تمارس الجنس باستمرار، كل ما في الأمر أنها ذات روح حرة. وهي بخلاف البشر، لا يبدو أنها تشعر بالعار تجاه التصرفات الجنسية، حتى أنها تفعل ذلك بالطريقة التي تريدها. وهي تريد فعل ذلك بطرق كثيرة.
وحتى وقت قريب، كان علماء أحياء الرئيسيات يعتقدون أن هذا يعني أن إناث البونوبو يجب أن تتزاوج مع مجموعة واسعة من الذكور. أما أقاربها الأكثر عدوانية، فلديها تسلسل هرمي للذكور، ولا يمكن التزاوج مع إناث المجموعة إلا لذكور قمة الهرم. في حين أن قرود البونوبو تنشر الحب، ولهذا سيكون من المنطقي أنها تتزاوج على نطاق أوسع.
ولكن تبيّن أن الأمر ليس كذلك. فقد قضى ثلاثة من علماء الأحياء سنوات وهم يتتبعون عمليات تزاوج الحيوانات في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ووجدوا أن أكثر إناث البونوبو تتزاوج مع العدد المحدود نفسه من الذكور. وقد نشروا نتائجهم في مجلة "علم الأحياء الحالي" في يوليو 2017.
وتبين أن قرود البونوبو أكثر انتقائية من مجموعات الشمبانزي التي تملك تسلسلاً هرمياً صارماً. وقد يبدو الأمر نوعاً من التراجع، ولكنه في الواقع منطقي جداً. ففي عالم الشمبانزي، من المقبول تماماً إجبار الأنثى على ممارسة الجنس. فإذا اقتنعتَ بهذا، فسيترتب عليه أن الذكور التي تقع في درجة أقل في التسلسل الهرمي للقرود، ما تزال قادرة على التزاوج، وإن لم يكن بنفس مقدار تزاوج خصومها الأقوى والأكثر جاذبية. ولكن قرود البونوبو مسالمة أكثر بكثير، وبالتالي فإن الأفراد الأقل مرتبة ليس لديها فرصة. فالأمر يعود لاختيار الإناث، وعندما تختار الذكر المرغوب أكثر، فسيكون الأمر سيئاً جداً لبعض الذكور.
وهو أمر مثالي جداً بالنسبة للإناث. وكما هو الحال عند البشر، فإنها تتزاوج مع شركائها الذين اختارتهم. وهذا بالتأكيد أفضل من الإكراه العنيف عند الشمبانزي. وبطبيعة الحال فإن الحرية الجنسية لإناث البونوبو تعني أن تكون حاملاً باستمرار، وأن تربي القردة الصغار كأم عازبة.
ولا يعمل الاختيار الجنسي للإناث دائماً في المملكة الحيوانية، وهذا بالنسبة لكل من الجنسين. انظر إلى البط، حيث تملك إناث البط مهبلاً على شكل مفتاح الأغطية الفلينية. وهذا لا يعود إلى أنها تحب ممارسة الجنس بطريقة غريبة، بل لأن الذكور يفرضون أنفسهم كثيراً على الإناث، ولذلك فقد اضطرت الإناث لتطوير دفاعات مادية ضد الأعضاء الذكرية المتطفلة التي تكون لولبية بعكس اتجاه الأعضاء الأنثوية للبطات. ومن الغريب أن هذا المضمار الجنسي العنيف يعود ربما إلى الحفاظ التطوري على اختيار الإناث. فامتلاك القدرة على الدفاع ضد الذكور العدوانية يعني أن إناث البط ما تزال -على الأغلب- قادرة على اختيار شريك التزاوج. وعليها فقط أن تكون متسامحة مع المحاولات الكثيرة غير المرغوبة للخاطبين المحتملين.
ومن ناحية أخرى، فإن ذكور الطيور أخذت ريشها الجميل من اختيار الإناث. فعادة ما تكون إناث الطيور غير مثيرة للاهتمام، لأنها هي التي تقوم بالاختيار، وبالتالي يضطر الذكور إلى التنافس للفت انتباه الإناث. وبقدر ما يكون ريش الذكور أكبر وأكثر لمعاناً، بقدر ما يزداد احتمال اختيار الإناث لهم.
والسيطرة عند قرود البونوبو مثيرة بقدر إثارة الريش عند الطيور. ولهذا فإن القرود المسيطرة تهيمن على المشهد الجنسي، ما يعطيها المزيد من السلطة.
إنها مخلوقات مسالمة، لا تبالي بلمس الأعضاء الجنسية فيما بينها.